قطاع الأعمال تائه بين خبرة «العواجيز» وغياب الصف الثاني.. «الحماقي»: العبرة بالكفاءة وليس السن.. «عبده»: يجب مراعاة الأرباح والخسائر.. و«مغاوري»: معايير الاختيا
يترقب قطاع الأعمال العام تغييرات محتملة لرؤساء شركات القطاع، ويشكل معيار العمر عنصرا رئيسيا في عملية التغيرات المرتقبة خلال الأيام القليلة القادمة.
وأكد وزير الاستثمار، الدكتور أشرف سالمان، خلال الأيام القليلة الماضية على أهمية التدريب وإعداد الكوادر من الصف الثاني في قطاع الأعمال العام، ليتولى رؤساء شركات قطاع الأعمال ممن تتراوح أعمارهم ما بين 40 و50 عاما فقط.
كما طالب سالمان، رئيس الشركة القابضة للتأمين ورؤساء الشركات التابعة، بتشكيل لجنة لإجراء مقابلات شخصية لمن تم تدريبهم بمركز إعداد القادة في قطاع الأعمال العام كخطوة لتوليهم مناصب قيادية في أقرب وقت ممكن.
يأتي ذلك وسط تجاوز أغلب رؤساء شركات قطاع الأعمال للسن القانوني، وعلي رأسهم الدكتور رضا العدل رئيس القابضة للصناعات الكيماوية 82 سنة، والمهندس زكى بسيونى رئيس القابضة للصناعات المعدنية 72 سنة.
إهمال الصف الثاني
وأكدت الدكتورة يمنى الحماقي، عضو مجلس إدارة الشركة القابضة للأدوية، إحدى شركات قطاع الأعمال، أن الهدف من تغيير رؤساء الشركات القابضة لا يعني التخلص من القيادات التي تجاوزت السن القانوني في مقابل اختيار القيادات الشابة، لأن العبرة بالقيادة التي تمتلك الكفاءة والخبرة والقدرة على الإنجاز والتغيير وليس السن.
وتابعت أنه حال توافر الخبرة في القيادات الشابة فالجميع بالطبع يرحب بذلك، ولكن قطاع الأعمال العام شهد تحديات كثيرة خلال الفترة الماضية، وكان على رأسها عدم الاهتمام بالصف الثاني، والكوادر الشابة التي تنظر إليها القيادات كبيرة السن على أنها مصدر لتهديدها والاستحواذ على مناصبها، مؤكدة على ضروة الاهتمام بالقيادات الوسطي والصغيرة وإعدادها جيدا، قبل الحديث عن ضح الدماء الجديدة في قطاع الأعمل العام، حتى يتمكن الشباب من إدارة القطاع بكفاءة مستقبلا.
وأضافت الحماقي أنه من الممكن خلال الفترة الانتقالية الحالية الاستعانة بالخبرة بالتعاون مع القيادات الشابة في صورة اختيار مساعدين من الشباب لرؤساء الشركات القابضة لحين إعداد صف ثاني.
وحول معايير اختيار رؤساء الشركات القابضة أكدت أنه ينبغي تغيير سياسة اللجوء لأهل الثقة على حساب أهل الخبرة، والاستناد لمعايير موضوعية ونزيهة، مطالبة بضرورة إعداد قاعدة بيانات بالخبرات التي نمتلكها في القطاعات المختلفة، حتى نتمكن من الوصول لتلك الخبرات.
وأضافت عضو مجلس إدارة الشركة القابضة للأدوية، أنه يمكن أيضا الإعلان عن طلب وظائف لتلك القيادات، مع ضرورة اللجوء لشركات قادرة على اختيار الكفاءات المناسبة لكل قطاع، منوهة إلى أن هناك سبل عدة لاختيار الكفاءات.
الاعتماد على الكفاءات
واستنكر الدكتور رشاد عبده، عضو مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات الكيماوية، الانتقادات الموجهة لرؤساء الشركات القابضة لمجرد تجاوزهم السن القانوني، مؤكدا أن العبرة في التقييم ينبغي أن تخضع لحجم أرباح وخسائر الشركات التابعة لكل شركة.
وتابع أن قطاع الأعمال العام بحاجة إلى رجال أمناء على المال العام، وأصحاب كفاءة في اتخاذ القرارات، مطالبا باستبعاد القيادات الفاشلة والإبقاء على القيادات الناجحة القادرة على التطوير والإضافة والتحديث بصرف النظر عن أعمارهم.
وأشار عبده إلى أنه ينبغي وضع مواصفات واضحة يتم بناء عليها إجراء مقابلات مع المتقدمين للوظيفة، بالإضافة لتلقي ترشيجات من الجهات المعنية، ومن ثم اختيار الأصلح، منوها أنه في حالة فشل الرؤساء بعد اختيارهم، يتم تغيرهم بواسطة الجمعيات العمومية لحين اختيار الكفاءات القادرة على مواجهة الأزمات التي جعلت الشركات حملا ثقيلا على الحكومات المتعاقبة، وبالتالي إقالتها من عثرتها.
وأضاف عضو مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات الكيماوية، أن الاعتماد على أهل الثقة كان من أبرز الأسباب التي أدت لتراجع الأوضاع داخل شركات قطاع الأعمال العام، مشيرا إلى أن هذه المعايير القديمة في الاختيار ينبغي أن تتوقف بعد 30 يونيو، ليحل مكانها معايير الكفاءة والتميز، بعيدًا عن أي حسابات أخرى.
تراجع أداء الشركات
وقال عبدالغفار مغاورى، المحامي المهتم بقضايا عودة قطاع الأعمال للدولة، إن الدولة لم تنجح في اختيار رؤساء الشركات القابضة منذ زمن بعيد، حيث ساهموا بشكل كبير في تراجع أداء الشركات التابعة لهم، ومن ثم تكبدت خسائر كبيرة، مؤكدا أن الجمعيات العمومية هي المعنية بتغيير واختيار رؤساء الشركات القابضة، ثم يعتمد وزير الاستثمار قراراتها.
وتابع أن الفساد في تلك الشركات يلازمه معايير اختيار فاشلة، وهو ما يستلزم ضرورة تغيير المنظومة التي اعتمدت لسنوات طويلة على اختيار رؤساء ممن تجاوزوا السن القانوني وتجاوزت أعمارهم 70 عاما، والاستعانة بأشخاص من خارج الشركات، وهو الأمر الذي يغضب العمال بشدة، ويشعرهم بأن رئيس الشركة ليس لديه الخبرة الكافية لإدارة شئونهم.
وطالب مغاوري بضرورة إلغاء الشركات القابضة وإنشاء هيئة أو وزارة مستقلة تتبعها الشركات، تحت إشراف مجلس الوزراء، وفي هذه الحالة لن نحتاج لاختيار رؤساء للشركات القابضة، لافتا إلى أن التجربة أثبتت أن الشركات القابضة ورؤسائها أحد أهم الأسباب التي أدت إلى تحويل الشركات التابعة لعبء على الدولة كنتيجة طبيعية لغياب الرؤية والفكر.
وأضاف المحامي المهتم بقضايا عودة قطاع الأعمال للدولة، أن رؤساء الشركات لم يهتموا بإعداد الكوادر الشابة بل فتحوا الباب على مصراعيه للمعاش المبكر، الأمر الذي أثر بالسلب على معدلات الإنتاج ومستقبل الشركات، منوها أن الاختيار طيلة السنوات الماضية اعتمد بشكل كبير على المحسوبية والمصالح الشخصية وهو الأمر الذي زاد الطين بلة.
تهميش الشباب
فيما أكد محمود المليجي، رئيس تحالف العاملين بالقطاع الدوائي الحكومي، عضو مؤسس بحركة «حماية»، أن أغلب رؤساء الشركات القابضة تجاوزوا السن القانوني، منوهًا إلى أن القيادات في مثل هذه الأعمار ليس لديهم القدرة على اتخاذ القرارات السليمة، وملاحقة التغيرات المحيطة والتعامل معها كما ينبغي.
وأشار إلى أن رؤساء الشركات الحاليين ليس لديهم الجديد الذي يقدمونه، كما أن حركتهم محدودة ولا تسمح لهم بالإنجاز المطلوب، لافتا إلى أن شريحة الشباب في مصر تتجاوز 63%، ومن ثم فمن غير المنطقي تهميشهم والاعتماد على كبار السن.
واستنكر المليجي، الادعاء بأن قطاع الأعمال العام لا يملك كفاءات من الصف الثاني من الشباب، مؤكدا أن أصحاب المصالح هم من يروجون لهذه المعلومات المغلوطة، على الرغم من أن هناك كوادر متميزة ومؤهلة، ومناهضة للركود الفكري الحالي.
وأشار إلى أن القطاع بحاجة للشباب من أصحاب الفكر الجديد القادر على تحويل الشركات من الخسارة للربح من خلال مناهج جديدة بعيدة عن الاتجاه للبيع والخصخصة، لافتا إلى أن أفكار التطوير وإعادة الهيكلة موجودة ولا تحتاج سوي لقيادات شابة لتنفيذها.
وطالب العضو المؤسس بحركة «حماية»، معاهد التدريب وعلي رأسها معهد إعداد القادة بترشيح الكفاءات التي تدربت لديهم واجتازت المناهج لمثل هذه المناصب، محذرا من استمرار تولي الرؤساء الحاليين والذين يخضعون لسياسات معينة تضرب بمصلحة القطاع عرض الحائط.
كما طالب المليجي بضرورة تغيير رؤساء الشركات الحاليين، ووضع المواصفات الجديدة المطلوبة من القدرة على القيادة وإدارة الأزمات والإلمام بالمشكلات والتحديات، مؤكدا على ضرورة أن يتم اختيار رؤساء الشركات القابضة من خلال إعلان للإلتحاق بوظيفة رئيس الشركة القابضة، ومن ثم يتم اختبار للمتقدمين واختيار افضلهم للوظيفة، مع تفعيل الرقابة على رؤساء الشركات القابضة بعد توليهم مهامهم الوظيفية لمحاسبتهم حتى لا يتكرر ما يحدث الآن بهدف الاستحواذ على الكرسي، وهو ما يدفعهم لإنتاج سياسات للتخلص من الشباب وتجميد نشاط الشركات كخطوة لبيعها بما يتنافي مع أهداف الدولة الآن.
وأطاحت الحكومة بعد ثورة 30 يونيو بعدد من رؤساء قطاع الأعمال العام بدأت بالمهندس فؤاد عبد العليم رئيس مجلس الإدارة السابق للشركة القابضة للغزل والنسيج، والمهندس صفوان السلمى رئيس الشركة القابضة للتشييد والتعمير، ورئيس الشركة القابضة للصناعات الكيماوية، المهندس يحيى مشالى.
جدير بالذكر أنه منذ بداية اختيار الجمعيات العامة للشركات القابضة كان المعيار الوحيد هو اختيار أهل الثقة ممن تولوا مناصب سابقة أو اللواءات أو التنفيذيين وأغلبهم ممن وصلوا لسن المعاش وبعضهم لا زال مستمرا في منصبه حتى الآن.