رئيس التحرير
عصام كامل

الدنيا وبر الأمان


يوما بعد يوم ونحن نعيش الحياة بحلوها ومرها، تتوالى علينا الأيام مع تكرارها بنفس الأحداث ونفس المهام المطلوبة منا، ندور في دوامة لا تنتهي، ونلاحظ أن السنين تمر بها بمعدلات سريعة، لا نقدر أن نلاحقها ولا أن ندري بها، فإذا سألت أي منا كم عمرك الآن، كانت الإجابة بعد أن نخبر الآخرين بالسن، أننا نقف لحظة نفكر كيف وصلنا إلى هذه السن وكم كانت سنة 2015 توقعا بعيد الأمد.


كنا نتخيل أن نبقى كما نحن منذ سنوات عدة، ولكن تغير الزمن وتغيرت الظروف المحيطة بنا، حتى وصلنا إلى اليوم وتغيرنا بالتأكيد.

وكما وصلنا إلى اليوم سنصل إلى الغد بسرعة أكبر مما مضى، نكتشف أن الحياة سرقت منا وما يمر يوم ينقص فيه العمر، إلا واقتربنا من يوم لا ريب فيه نلقى فيه جزاء أعمالنا، فإن كان خيرا فهو خير وإن كان شرا فإنه شر، ومهما فعلنا لإبطاء إيقاع اليوم حتى نفيق لنعرف ما يمر بنا من حياتنا لن نحقق شيئا، إلا أن الحقيقة المؤكدة هي لقاء الله تعالى غدا أو بعد غد أو عندما يشاء الله.

من منا لا يريد أن يرى الله وهو راضٍ عنه وتجاوز عن سيئاته ويبدله عن الدنيا خيرا منها، ومن منا لا يعرف حقيقة الحياة الزائلة التي لا تغني أحدا، وإن أغنت أفقرت، وما الغنى ولا الفقر ولا الصحة ولا المرض ولا أهوال الدهر إلا جند من جنود الله، لكل منا نصيب منهم نقصد فيه وجه الله تحملا؛ أملا في عظيم عطائه.

اغتنم من شبابك لهرمك، ومن غناك لفقرك، ولا تنم إلا وقد وضعت في رصيدك عند الله ما يزداد ولا ينقص، واصبر كما صبر أولو العزم من الرسل، واقصد الله في كل عمل، وستقف أمام الله وحيدا لا تملك إلا عملك يوم القيامة، ستوفى حينها كل نفس بما كسبت وهو أعلم بالمهتدين.

لن يغني الإنسان مكانة ولا حيلة ولا فسادا ولا رشوة، ولن يغني عنه ماله وما كسب، ولمن يبحثون عن الوصول إلى بر الأمان في الدنيا بطريق غير مشروع سيصلون حتما إلى بر آخر.. ولكن ليس إلى بر الأمان كما يظنون، وإنما إلى بر يلقى الله عنده، وتوفى كل نفس بما كسبت وهو أعلم بالمهتدين.

الله هو الباقي والجميع زائلون، وتذكر أن تعمل لحياتك كأنك تعيش أبدا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا.
الجريدة الرسمية