مجلس نوابك.. ثورة مضادة على الثورتين يا سيسي !!
جاءت ثورة 25 يناير كرد فعل طبيعى على إصرار مبارك وحكوماته على سياساتهم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية المنحازة ضد الفقراء والكادحين، والمدعمة بقوة لحالة الفرز والاستقطاب الاجتماعي، حيث الفقراء يزدادون فقرًا وجهلا ومرضًا وقهرا وظلامًا واستبدادًا، والأغنياء يزدادون غنى وسلطة وشهرة وفساد وطغيان وافترى على عباد الله.
ولابد من تأكيد أن الثورة لم تحدث فجأة لكن كانت لها العديد من المقدمات، لكن مبارك وعصابته ظنوا أنهم مسيطرين من خلال قبضتهم الأمنية من ناحية وكسر أنف المواطنين بواسطة إشغالهم بالبحث عن قوتهم اليومى هم وأبنائهم من ناحية أخرى، لكن ذلك لم يمنع المصريين من الانفجار في وجه مبارك وعصابته، خاصة بعد أن وصلوا إلى حد المجاعة والبحث عما يسد رمقهم من صناديق القمامة، وفى هذه الأثناء كثرت الحركات الاحتجاجية والمطالب الفئوية، وبدلا من الاستجابة وتغيير السياسات سعى مبارك وزوجته إلى توريث ولده جمال للحكم، ولتحقيق ذلك قام بإنشاء لجنة السياسات داخل الحزب الوطنى ورويدا رويدا سيطرت على كل شيء، وجاء الاستحقاق النيابي لعام 2010 ليكون بروفة ومقدمة لصعود الفتى جمال مبارك لسدة الحكم في انتخابات الرئاسة 2011.
فقاموا بتزوير الانتخابات واستبعدوا كل القوى المعارضة لهم ولم يدخل البرلمان غير من ينتمى بشكل أو بآخر لعصابة مبارك، فكانت الثورة هي النتيجة الطبيعية لما حدث.
وكانت مطالب الثورة محددة في رحيل مبارك وعصابته من سدة الحكم، وتغيير سياساتهم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية التي أفقرت الغالبية العظمى من شعب مصر، وتبلورت هذه المطالب في جملة واحدة هي العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، فماذا حدث ؟!
جاء المجلس العسكري مكان مبارك وعصابته الذين تم الدفع بهم إلى داخل السجون لتهدئة الرأي العام وإجهاض الثورة، وفى نفس الوقت السماح لفصيل سياسي معروف تاريخيًا بأنه تكفيرى وإرهابي بالوصول لسدة الحكم، وبالطبع لم ترحل الصفوف الخلفية من عصابة مبارك عن سدة الحكم بل تصدرت المشهد في كل تشكيل حكومى، وظلت السياسات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية كما هي وفى ظل الغياب المتعمد للأمن زادت أحوال المصريين تدهورًا، ولم يتمكن إخوان الإرهاب من تحقيق أي تغيير يذكر في أحوال المصريين فلم يتحقق العيش ولا حرية ولا عدالة اجتماعية، وهو ما دفع المصريين للخروج مرة أخرى في ثورة جديدة في 30 يونيو 2013، وظلت مطالبهم كما هي رحيل مرسي وعصابته من سدة الحكم ومعهم الصفان الثانى والثالث من عصابة مبارك ولجنة سياسات ابنه جمال، وتغيير السياسات وتحقيق العيش والحرية والعدالة الاجتماعية.. فماذا حدث ؟!
جاء الرجل الطيب عدلي منصور رئيسًا مؤقتًا للبلاد وتم تشكيل حكومة قوامها الرئيسي من الصفوف الخلفية لعصابة مبارك، وظلت السياسات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية كما هي، بل زادت الضغوط الاقتصادية على الفقراء والكادحين بشكل غير مسبوق، وعاد الأمن الغائب عن عمد وقام بضبط الشارع المنفلت، وتم اختيار لجنة لإعداد الدستور غالبيتها من عصابة مبارك، وتم الإفراج عن مبارك ورموز عصابته من الصف الأول الذين تم وضعهم مؤقتًا بالسجون لتهدئة الرأي العام وكانت الحجة جاهزة نحن لا نتدخل في أحكام القضاء على الرغم من أن مبارك وعصابته لم يحاكموا بالتهم الحقيقية التي كان ينبغى أن يحاكموا عليها، وتم انتخاب الرئيس السيسي ودعم الفقراء والكادحين الرجل أملا في تحقيق مطالبهم فماذا حدث ؟!
جاء الرجل ولم يقترب من رجال مبارك واحتفظ بهم في حكومته رغم تورطهم في قضايا فساد معلنه وعندما أراد التغيير لم تخرج خياراته عن رجال مبارك من الصفوف الخلفية، بل جاء ببعض من كانوا في الصفوف الأمامية أيضًا وعادوا يطلوا علينا عبر شاشات الفضائيات ويخرجون ألسنتهم لشعب مصر، ومازالت السياسات المنحازة ضد الفقراء والكادحين كما هي، ومازال العيش والحرية والعدالة الاجتماعية حلمًا بعيد المنال، ومازاد الطين بلة أن مجلس النواب القادم سيكون صورة طبق الأصل من مجلس نواب 2010.
فالرجل الذي منحه الدستور حق التشريع فوض حقه لرجال مبارك في الحكومة السابقة فقاموا بتفصيل قانون انتخابات يعود بعصابة مبارك وعصابة الإخوان وحلفائهم السلفيين لمقاعد البرلمان عبر المال السياسي والقبلية والعصبية والإرهاب الدينى، وبذلك سيكون مجلس النواب بمثابة ثورة مضادة على الثورتين، وعلى الرئيس السيسي أن يعى ذلك جيدًا، وعليه أن يدرك أنه لم يحقق شيئًا للفقراء والكادحين والمهمشين والمظلومين والمكلومين من شعب مصر حتى الآن، والنتيجة الطبيعية لعدم تحقيق مطالب المصريين المحددة بدقة ( القضاء نهائيا على عصابة مبارك ورحيل كل رجالها من الصفوف الأمامية والخلفية سواء في الحكومة أو البرلمان، وتغيير السياسات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية، كمقدمة لتحقيق العيش والحرية والعدالة الاجتماعية ) سيكون ثورة ثالثة على الثورة المضادة، اللهم بلغت اللهم فاشهد.