رئيس التحرير
عصام كامل

بوتين والسيسي وزلزال الأمم المتحدة !


كما لو كان شخص واحد أو على الأقل لجنة واحدة هي من كتبت خطابي بوتين والسيسي.. وبعيدًا عن المدة الزمنية لكل من الخطابين، إلا أن مضمون خطاب الأول هو تقريبًا مضمون خطاب الثاني.. كلاهما حدد الإرهاب كخطر أساسي يهدد العالم كله، وكلاهما أكد أن هناك تهاونًا في مواجهة الإرهاب، وكلاهما أكد أن دولًا أعضاء بالأمم المتحدة تدعم الإرهاب، وكلاهما قال إن الدول التي ضربها الإرهاب باتت أحوالها أسوأ من الأول، وكلاهما قال إن دعم الحكومات الشرعية في هذه الدول ودعم مؤسساتها ومنعها من السقوط هو الحل العاجل لمواجهة الإرهاب، وكلاهما ذكر العراق وليبيا وسوريا تحديدًا، وكلاهما قال إن الحل السلمي هو الطريق الوحيد للحل في سوريا، وكلاهما قال إن خطر الإرهاب لو لم يواجه بحسم سيضرب العالم كله، وكلاهما انتقد المعارضة السورية.


فبينما قال بوتين إن ما يسمى المعارضة المعتدلة تقف مع المعارضة الإرهابية إلا أن السيسي اختصر الأمر ولم يتحدث عن المعارضة المعتدلة وإنما تحدث عن المعارضة الوطنية، بل المدهش أن كليهما أشاد بالإسلام ووصف ما يجري بالتشويه لسماحة الدين العظيم من جماعات إرهابية متطرفة ومنحرفة!

الفارق الوحيد أن بوتين هاجم بقسوة الأمم المتحدة وهاجم الانحراف بحق الفيتو وهاجم بعنف الاعتماد على حلف الناتو في مواجهة النزاعات الدولية بعيدًا عن الأمم المتحدة، بل هاجم اتفاقية التجارة الدولية واستخدامها اقتصاديًا ضد دول بعينها.. وهذا الهجوم الكاسح الذي يتم لأول مرة حق مشروع لبوتين الوريث الشرعي لدولة عظمى سابقة هو الاتحاد السوقيتي وأحد "ملاك" الفيتو بمجلس الأمن، بل هو نفسه ذكّر العالم أن تأسيس الأمم المتحدة بدأ من بلاده.. من "يالطا" التابعة للاتحاد السوفيتي السابق.. بينما اكتفى السيسي بحق مصر المشروع في عضوية غير دائمة بمجلس الأمن ليصل صوت غائب وعاقل عنه وهو ما يعني ضمنا رفضًا لأداء المنظمة الدولية !

كل من بوتين والسيسي لم يذكرا بالاسم الدول الداعمة للإرهاب ولا الدول التي تدعمه بالمال والسلاح إلا أنهما أشارا إليها ويكاد المريب داخل الأمم المتحدة أن يتحسس رأسه ويقول خذوني !

بوتين قال ما قلناه قبل أسبوع في مقال "روسيا تدخل الحرب في سوريا"، حيث أشار إلى تهديد بلاده المباشر بعودة الإرهابيين إلى بلادهم الأصلية، وهو ما يعني رغبته في دفنهم هناك.. في سوريا والعراق وذلك اعترف مباشر بدعم سوريا والعراق.. مصر اعترفت من قبل بدعم العراق بالسلاح والتكنولوجيا واعترفت مصر بأن رؤيتها هي دعم الدول التي تواجه داعش والإرهاب، وقلنا وقتها لا يوجد إلا سوريا والعراق ومصر تعترف بدعم العراق ولا تعلن دعم سوريا لاعتبارات العلاقات المصرية الخليجية !

اليوم صار اللعب على المكشوف.. وشيئًا فشيئًا يتبدل نظام العالم ويكشر الدب الروسي عن أنيابه ليعود قطبا عالميا أرادت أمريكا أم لم ترض.. ومصر تكشر أيضًا عن أنيابها لترجع قوى عظمى إقليميه وفاعلا أساسيا في محيطها تتوعد الشر في ليبيا وتجدد رفضها الوصاية الأمريكية في الموقف من الإرهاب ومن ضحاياه في ليبيا وسوريا والعراق وتعيد وضع القضية الفلسطينية على جدول أعمال الأمم المتحدة !

نحن في انتظار عالم جديد.. بتحالفات جديدة وقوانين صراع مختلفة تمامًا عن الماضي!
الجريدة الرسمية