رئيس التحرير
عصام كامل

جسرالجمرات..والموت فعل بشرى!!


"الموت في جماعة عرس" هذا المثل السودانى عرفته من على عثمان النائب السابق للرئيس السودانى أثناء رحلة وسط مزارع الجزيرة الخضراء بالسودان وكاد الأتوبيس أن ينقلب بنا، وجدته مبتسما مرددا هذا المثل، وكان الأتوبيس يضم وفودا من عدد من الدول العربية والإسلامية، تذكرت هذا المثل عند وقوع حادثة جسر الجمرات وتدافع الحجيج وموت المئات منهم التي لن تكون المرة الأولى ولن يكون الأخيرة، فمنذ راينا الحياة وهناك دائما حوادث ومشاكل في الحج، لدرجة أن الكثير يعتقد الحج رحلة الموت مع انها رحلة الميلاد وليس الموت.


وعلى سبيل التذكرة في 2 يوليو 1990 رحل مايقرب من ألف وخمسمئة حاجًا تقريبا، بسبب الاختناق خلال تدافع في نفق منى قيل السبب عطل في نظام التهوية، وأيضا في يوليو من 24 عام 1994 رحل 270 حاجًا في تدافع أثناء رمي الجمرات، وتكرر في 9 أبريل 1998 ورحل تقريبا 118 حاجا، ورحل 35 حاجا بالتدافع خلال رمي الجمرات، وفي 2003 رحل 14 حاجًا أيضا السبب التدافع خلال رمي الجمرات، وفي 2004 توفي 251 لنفس السبب، وللأسف عام 2006، توفي أكثر من 360 حاجا لذات السبب وهو التدافع من رمى الجمرات.

قبل أن أقول رؤيتى اعود سريعا إلى مصر والحوادث اليومية خاصة القطارات التي تتكرر بشكل دائم ومن سنين طويلة، في مارس 1994 أدى حادث اصطدام بين قطارين في الدلتا إلى مقتل 75 شخصا. وفى عام 1995 قتل 135 شخصا في حادثين في أبريل وديسمبر، وفى أكتوبر 1998 فوجئ أهالي البحيرة والقطار يدخل مناذلهم وقتل 50 شخصا وأصيب أكثر من 80 بسبب خروج قطار عن القضبان، وأيضا في نوفمبر2012 أدى حادث تصادم بين قطار ركاب وحافلة مدرسية في أسيوط عن مقتل 47 شخصا على الأقل. بالإضافة إلى حوادث القطارت نجد أن الأسفلت المصرى غارق في الدماء،حوادث أتوبيسات أو ميكروباص أو..إلخ لدرجة أن الآلاف سنويا يفقدون أرواحهم بلا ثمن وبلا مبرر سوى الإهمال.

في الحالة الأولى للأسف الشديد يسافر الحجيج إلى الأراضي المقدسة لديه شحنة كبيرة من المشاعر الطيبة تجاه الرحلة المقدسة التي يحلم أن يعود منها كما ولد كما وعدنا واخبرنا سيدنا رسول الله، ولكن هذه الأعداد الكبيرة لاعلاقة لها بنظام ولا التزام، والمشكلة أن هؤلاء لم يجدوا من يعلمهم النظام قبل سفرهم، باستثناء بعض الدول الآسيوية لا أحد يعد الحاج قبل سفره لهذه الرحلة المقدسة والتي طالما حلم بها وباغ الغالى والنفيس من أجلها، بل يعتبر أنه باع الدنيا من هذه الرحلة..

الحاج لا يهتم بشىء من تفاصيل الحج، والدولة تكتفى بإعطاء بعض المعلومات السطحية للحاج، ولكننا نجعلهم في درجة من الوعى والالتزام مما يمنعهم من محولة تجاوز من أمامه، التهيئة قبل السفر تجعله يدرك أن من رمى الجمرات أولا أو أخيرا ليس مها ولكن المهم النية مع الله والمحافظة على روحى وروح من حولى،الحج يجب أن يكون رحلة إيمانية راقية تؤدى بنظام ومتعة وليست بعشوائية وغياب المنطق والعلق.

أذكر في اجتماع في المجلس القومى للشباب، تمت مناقشة الحوادث وكثرتها وتدنى حالة الخدمات سواء في محطات القطارات أو على الطرق، لكن كان لى رؤية أكدتها الدراسات الخاصة بالحوادث، فقد ثبت أن أكثر من 88%من الحوادث خطأ بشرى والباقى بسبب سوء الطرق أو الاعطال الماشرة، ويومها أكدت أن التواكل يشجع على التهور، بحيث نقول الأعمار بيد الله، ماحدش بيموت ناقص عمر..إلخ وكأن الموت أصبح فعلا بشريا، خفير الزلقان نومه أو عبور أتوبيس مزلقان أو تهور في السرعة، هذه اشياء ليست قدرا بل سنحاسب عليها من الله لأننا تعاملنا مع النفس بإهمال.

الإهمال في المحافظة على النفس هو شعار من مات في السعودية ومن مات في مصر وتواكلنا مرفوض، إلا إذا كنا نعشق الموت أو الانتحار الجماعى وكما قال على عثمان "الموت في جماعة عرس"..!
الجريدة الرسمية