رئيس التحرير
عصام كامل

معارضون على كبر!


أعجب لهؤلاء الذين أمضوا معظم حياتهم في التطبيل والزمر للحكام، أي حكام سواء في بلدنا أو خارجها، وفجأة تحولوا الآن إلى معارضين شرسين وبقوة للحكام!


أعجب لهؤلاء لأنهم كانوا ينتفضون من قبل وبحدة ضد أي معارض.. يشوهونه ويكيلون له الاتهامات ويعتبرونه متآمرا وخائنا وعميلا، ثم هاهم الآن ينهجون نهج هؤلاء المعارضين ويحاكونهم فيما كانوا يفعلونه، وكأنهم نسوا هجومهم العنيف على هذه المواقف والآراء المعارضة!!

لقد انتقل هؤلاء من النقيض إلى النقيض.. من شاطئ النفاق للحكام إلى الشاطئ الآخر شاطئ المعارضين لهم بل لعلهم تمادوا في معارضتهم حتى وصلوا إلى مستوى لم يصله من قبل المعارضين السابقين الذين هاجموهم وشهروا بهم وسعوا إلى تجريسهم.. فكل شيء بالنسبة لهؤلاء المتحولين صار خطأ غير مقبول ويتعين كشفه والتنديد به، ابتداء من قرارات الوزراء وتصريحاتهم وحتى صياغة خطب وكلمات رئيس الجمهورية التي يلقيها داخل وخارج مصر!

وبالطبع لا يمكن أن نصادر على حق كل إنسان - خاصة إذا كان زميلا صحفيا أو إعلاميا- في أن يتخذ الموقف الذي يروق له سواء كان تأييدا أو معارضة للحكم.. وذات الأمر لا ننكره على الزملاء في تغيير مواقفهم من مؤيد إلى معارض أو العكس.. فمن حق الجميع أن يبدلوا آراءهم ومواقفهم مثلما يبدلون ثيابهم.. ولكننا نكشف ونوضح فقط واحدة من الظواهر الملفتة للانتباه على الساحة الإعلامية والسياسية في بلدنا بحثا عن أسباب هذه الظاهرة.

ولعل أهم هذه الأسباب هو تغير المصالح.. فهؤلاء الذين كانوا من قبل يؤيدون الحكام بقوة إلى درجة النفاق كانوا يتخذون مواقف تنسجم مع مصالحهم.. أو كانت مصالحهم متحققة في ظل وجود هؤلاء الحكام الذين كانوا يؤيدونهم وينافقونهم.. أما بعد أن جرت في النهر مياه كثيرة وجديدة وذهب هؤلاء الحكام وجاء حكام جدد فقد وجدوا هؤلاء أن مصالحهم السابقة لا تتحقق كما كانت من قبل، ولذلك كان من الطبيعي أن يبدلوا مواقفهم وأن ينتقلوا من شاطئ التأييد للحكام والنفاق لهم إلى الشاطئ الآخر المعارض والمهاجم لهم.. وإنها إذن المصالح هي التي كانت تصوغ مواقفهم وتحدد رؤاهم.. عندما كانت مصالحهم متحققة، بل مزدهرة، كان من الطبيعي أن يدافعوا عن الحكام وعندما لم يستعبدوا مكاسبهم التي خلت انقلبوا إلى معارضين أعداء!
الجريدة الرسمية