الرئيس السيسي.. وقرار العفــو
أوفى الرئيس عبد الفتاح السيسي بوعده الذي أطلقه خلال لقائه شباب الإعلاميين في ديسمبر من العام الماضي، وأصدر الأربعاء 23 سبتمبر الجاري –وقفة عيد الأضحى المبارك– قرارًا جمهوريًا بالعفـو عن مائة من الشباب المحبوسين من بينهم 16 فتاة، الصادر بحقهم أحكام نهائية بالحبس في قضايا خرق قانون حق التظاهر وعدد من الحالات المرضية والإنسانية.
ويأتي هذا القرار، الذي قد يكون متأخرًا عدة شهور، ليسعد عشرات الأُسر عشية عيد الأضحى، مع الأمل أن يطال العفو الرئاسي كل المعارضين الذين لم يرتكبوا جرائم بحق الوطن ومؤسسات الدولة، أو بحق المواطنين وممتلكاتهم، ولم تتلوث أياديهم بالعمليات الإرهابية والتخريبية في البلاد.
إن قرار العفو الرئاسي يحمل في طياته وفي وقت صدوره العديد من العلامات والإشارات المهمة على الصعيدين الداخلي والخارجي.
- إن القرار يؤكد أن الرئيس السيسي عندما يعد فهو يفي بوعده في الوقت المناسب، دارسًا ومُلمًا بكل تداعيات القرار وآثاره على البلاد والعباد، غير متأثرٍ بالمهاترات الداخلية أو الصخب والصيحات الخارجية المناوئة لمصر، دولة وشعبًا وحكومة.
- يُعد القرار "تصالحًا" مع فئة من الشباب –صغرت أم كبرت– هم في الحقيقة والواقع أبناؤنا وقادة بلادنا مستقبلًا، وسيتحملون عبء المسئولية من بعدنا، كما أنه يمثل انفتاحة مبشرة وانطلاقة مهمة للحوار مع الشباب.
- ينبه قرار الرئيس السيسي، الدولة ومؤسساتها المعنية خاصة البرلمان القادم إلى ضرورة مراجعة قانون "الحق في التظاهر" الذي بسببه راحت أرواح أبرياء وسُجن آخرون.
- إن قرار العفو يرد –عمليًا– على المزاعم والافتراءات التي تطلقها بعض المؤسسات الدولية والأوروبية والمنظمات التي تزعم الدفاع عن حقوق الإنسان، بقمع السلطات المصرية، المعارضين والنشطاء وأصحاب الرأي الآخر، ولتؤكد للعالم كله أن القضاء المصري قضاءٌ شامخٌ لا يطبق إلا القانون ولا شأن له بالسياسة ودروبها وأساليبها وألاعيبها.
إن قضية قانون حق التظاهر وعقوبات الحبس فيها، تفتح لنا أفقًا جديدًا وفكرًا يشغل عقول الكثيرين منّا، ألا وهو تطبيق عقوبة "الخدمة الاجتماعية" في المخالفات والجنح بديلا عن الحبس، طالما أن المُعاقَب لا يُخشى منه ولا من هروبه ولا يمثل خطرًا على المجتمع.
إن تفعيل هذه العقوبة تخدم الوطن والمواطن في آن واحد، فهي تخفف عن الدولة أعدادًا كبيرة من المحبوسين، ناهيك عن المأوى والمأكل والمشرب، كما أنها تسهم بشكل فعّال في إنجاز العديد من المشروعات القومية، وفي خدمات الأجهزة المحلية.. وفي الوقت ذاته يعيش المواطن المحكوم عليه بالخدمة الاجتماعية مدة عقوبته، حياته الطبيعية بعد تأدية هذه الخدمة خلال يومه.
القضية للنقاش والرأى، ولمجلس النواب القادم ؟