رئيس التحرير
عصام كامل

القرآن والحديث


حين خلوت إلى نفسي وأخذت أتدبر القرآن إذ بآية تباغتني في سورة الزمر.. يقول الله تعالى فيها "الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله".. يا ربي! ما هذا؟ كتابك يا رب هو أحسن "الحديث" كيف لم أنتبه إلى هذه الآية من قبل؟! الله وصف كتابه بأحسن الحديث، قد تظن أن هذا الأمر عادي، ولكن لأن القرآن يفسر نفسه اقرأ الآية الأخرى الواردة في سورة المرسلات والتي يقول الله فيها "فبأي حديث بعده يؤمنون" القرآن يا سادة هو أحسن الحديث ورب العزة يقول في آية فيها تعجب "فبأي حديث بعده يؤمنون".


ولك يا صديقي أن تضع تعريفا جامعا مانعا للقرآن الكريم فتقول: إن اسمه ليس له سابقة في لسان العرب، وليس له تالٍ، هو الاسم الوحيد الدال على كتاب الله الذي أنزله على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، يحتوي على مائة وأربع عشرة سورة، ويحتوي على ثلاثين جزءا، وعدد كلماته كذا، وعدد حروفه كذا، وفيه سور وآيات مكية نزلت في مكة هي كذا وكذا، وسور وآيات مدنية نزلت في المدينة هي كذا وكذا، أول آية فيه كانت كذا، وآخر آية فيه كانت كذا.

ولكن هل تستطيع أن تضع تعريفا مماثلا للحديث الشريف، فتقول إن عدد الأحاديث كذا، أوله حديث كذا وآخره حديث كذا، أحاديثه المكية هي كذا وأحاديثه المدنية هي كذا؟ دون هذا يا صديقي المستحيل، لأننا سنبدأ أولا في تصنيف الأحاديث بشكل مختلف، فنقول إن هذا حديث متواتر وهذا حديث آحاد، وهذا حديث مقبول وآخر مردود، وذاك صحيح وهذا حسن، وهؤلاء ما بين مرفوع ومقطوع وموقوف، هذا النوع من الأحاديث نأخذ به، والآخر لا يعمل به إلا في محاسن الأخلاق، هل تعلم لماذا لا تستطيع أن تضع كيانا محددا للحديث الشريف؟ لأنه تابع للقرآن الكريم ومفسر له وليس شيئا مستقلا بذاته، كيف هذا؟

يتفق الجميع على أن الله سبحانه وتعالى أنزل القرآن الكريم كاملا بلا نقص مصداقا لقوله "‏ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء‏" ولو كان في القرآن شبهة نقص يحتاج إلى إكماله من خارجه لما قال الله تعالى "ما فرطنا في الكتاب من شيء" وأشباه ذلك من الآيات الدالة على أن القرآن وصل إلى الكمال والتمام، ولذلك ما كانت السنة النبوية إلا مبينة للقرآن فقط إذ هي تابعة له والتابع لا يمكن أن يتسلط على الأصل، أو يضيف إليه، وهكذا ينبغي أن نفهم وظيفة السنة.
الجريدة الرسمية