لمن يراهن على وعي الشعب في الانتخابات البرلمانية.. بخ !!
كثير من المصريين كان ومازال يراهن على الرئيس السيسي في الانتصار للثورة، وإسقاط النظام بمعنى إسقاط السياسات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية التي كان ينتهجها مبارك وحكوماته ومجالسه النيابية والمحلية على مدى ثلاثة عقود كاملة، أدت إلى إفقار الغالبية العظمى من المصريين وأصبح 45 % يعيشون تحت خط الفقر و25% مهددين باللحاق بهم حيث يعيشون في حزام الفقر.
هذا إلى جانب تدهور المستوى الصحى وانتشار الأمراض المزمنة كالسرطان والفشل الكلوى والكبد الوبائي، هذا إلى جانب انتشار ظاهرة الاتجار في الأعضاء البشرية لتصبح مصر الدولة رقم ثلاثة في العالم بعد البرازيل وبنجلاديش في هذه التجارة المحرمة، وبالطبع ارتفعت نسبة البطالة مما دفع الشباب المصرى لطرق أبواب الهجرة إلى أوربا بطرق غير شرعية وهو ما أدى إلى موت الكثير منهم غرقا على سواحل هذه الدول التي بدأت تحارب هذه الظاهرة مع مطلع الألفية الثالثة.
وبفعل نفس السياسات تدهور المستوى التعليمى وارتفعت نسب التسرب من التعليم وفى الوقت الذي بدأ العالم يتحدث عن محو الأمية التكنولوجية مازال 40% من المصريين يعانون من الأمية الأبجدية، وإذا ما تحدثنا عن الأمية الثقافية فحدث ولا حرج فسياسات التعليم الفاشلة القائمة على الحفظ والتلقين ينتج عنها حامل شهادة فقط دون أن يكون مثقفا حقيقيا لذلك تقدر نسب الأمية الثقافية بما يتعدى 90%، وبالطبع إذا حاولنا قياس مستوى الأمية السياسية فستتعدى 95%، وفى ظل هذه الأوضاع قامت الثورة على مبارك وحكوماته ومجالسه النيابية والمحلية وطالب الشعب بالتغيير الجذرى لهذه السياسات، بهدف تحقيق العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، فماذا حدث؟ وماذا تحقق؟ وهل رهان المصريين في محله حتى الآن؟
وفيما يتعلق بماذا حدث فقد سرقت مصر بعد 25 يناير بواسطة فصيل إرهابي أجبر المجلس العسكري الضعيف أن ينصاع لهم وخلال فترة حكم المجلس العسكري ومن بعده الإخوان المسلمين لم يتغير شىء فظلت نفس السياسات كما هي وزادت معاناة المصريين أكثر فأكثر، فخرجوا مرة أخرى في 30 يونيو وتمكنوا من الإطاحة بإخوان الإرهاب، وجاءوا بقائد الجيش كى ينتصر لهم ويقضى على سياسات الفساد المتجذرة في بنية المجتمع المصرى ويؤسس لنظام جديد. فماذا تحقق ؟
حتى اللحظة الراهنة لم يتمكن الرئيس من إسقاط النظام حيث مازالت السياسات الرأسمالية التابعة التي يقودها رجال مبارك الفاسدون هي السائدة وتلقى بظلالها على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية، ولم يتمكن حتى الآن من الإطاحة برموز الفساد وعلى الرغم من أن الفرصة كانت مواتية أثناء تشكيله للحكومة الأخيرة بعد أن طلب من رجل لجنة السياسات إبراهيم محلب تقديم استقالته هو وحكومته التي فاحت رائحة فسادها لدرجة أزكمت الأنوف، واعتقد الجميع أن الرجل أخيرا سيدخل معركة مكافحة الفساد وسوف يشكل حكومة ترقى لمستوى ثورتين يكون أعضاؤها بعيدين كل البعد عن دائرة الفساد القديمة لكنه خذل الجميع وجاء بحكومة قوامها الرئيسي من نفس دائرة رجال مبارك لدرجة إعادة من كانوا وزراء ووكلاء وزراء في عهد مبارك ومن داخل حزبه الوطنى المنحل ولجنة سياسات ابنه جمال.
ومن هنا يأتى السؤال هل رهان المصريين في محله كل الشواهد تؤكد أن رهانهم حتى الآن لا يرقى لمستوى طموحاتهم وأحلامهم البسيطة في العيش والحرية والعدالة الاجتماعية فالأوضاع تسير من سيئ إلى أسوأ، ولم يعد هناك إلا أمل واحد هو أن يأتى برلمان من خارج المنظومة القديمة، وكان الرهان في ذلك يعتمد على الرئيس في وضع قوانين تستبعد هؤلاء لكنه خذلهم ولم يفعلها فوجدنا من يراهن على وعي الشعب المصرى في إبعاد هؤلاء عبر صناديق الاقتراع فهل يمكن أن يحدث ذلك ؟
أعتقد أن هذا الرهان خاسر فنسبة الوعى متدنية للغاية وانتشار المال السياسي في ظل الفقر والجهل والمرض يعني أنه سيحسم المعركة لصالحه، والمال السياسي يعني رجال مبارك الفاسدين السارقين والناهبين لثروات وقوت الشعب المصرى عبر ثلاثة عقود كاملة وجماعات الإسلام السياسي التي لا نعلم من أين جاءت بأموالها لكنها في كل الأحوال أموال مشبوهة، لذلك نقول وبلا أدنى شك لمن يراهن على وعي الشعب المصرى في الانتخابات البرلمانية بخ.
وهى كلمة تستخدم في التراث الشعبي بشكل ساخر، لذلك فلا أمل في التغيير وفقا للرهانات القائمة وهو ما يعنى أن على المصريين تجهيز أنفسهم لموجة جديدة من الثورة سيقودها حتما الأكثر وعيا وسينخرط فيها جموع المصريين من الفقراء والكادحين والمهمشين الأقل وعيا كما حدث في الموجتين الماضيتين في 25 يناير و30 يونيو، اللهم بلغت اللهم فاشهد.