عن تعديل الدستور.. ننتظر بيان الرئيس!
نتوقع أن يحسم الرئيس السيسي الجدل المتصاعد حول تعديل الدستور ببيان ينفي أو يوضح رؤيته الخاصة بالموضوع.. فلم يعد الآن طرح تعديل الدستور من عدمه، ورغم أي ملاحظات هو الأمر الخطير.. إنما باتت المزايدات القادمة من كل مكان هي الأخطر.. بعضها موضوعي وبعضها رخيص، لا يصح ربط اسم الرئيس به بأي حال من الأحوال.. فمن يريد - مثلا - أن يسب أعضاء لجنة الخمسين يذهب ليسبهم كما يشاء، دون أن يبدو الأمر كأنه يسبهم نيابة عن الرئيس.. ومن يريد أن يشكك في نيات أعضاء لجنة الخمسين - وقد مدح الرئيس نياتهم - فليفعل ذلك بعيدا عن الإيحاء أن التشكيك هو رأي الرئيس..
عرفنا السيسي عفيف اللسان، فلا يمكن منح الفرصة لأحد أن يقول إن السيسي يترك مهمة إهانة خصومه لغيره.. وسمعنا من السيسي مرات عديدة، حرصه على بناء دولة عصرية متحضرة تؤسس لتقدم حقيقي، فلا يمكن منح الفرصة لأحد أن يقول إن السيسي يقول ذلك ويترك لغيره مهمة المطالبة له بمزيد من الصلاحيات!
السيسي نفسه طلب مدة عامين للحكم على أدائه، وليس مقنعا أن يبدأ من الآن المطالبة بتعديل الدستور وهو في الأسابيع الأولى لعامه الثاني.. وإن كان الدستور نفسه يعطي الحق لرئيس البلاد أن يطلب تعديل الدستور، وبالتالي فلو أراد السيسي أي تعديل في المستقبل فلن يحتاج إلا لتفعيل نص دستوري دون حشود جماهيرية أو دعاوى النزول للشارع، وبغير هتافات من هنا ومن هناك، من المؤكد أن السيسي نفسه لا ولن يقبل بها!
كثيرون يتربصون بمصر وبالسيسي، ولا يجب التبرع لهم بالفرصة للطعن في كل شيء.. أولها احترام الدستور حتى بأي عيوب.. وثانيها الزعم بسعي السيسي لمزيد من "التكويش" على السلطات بغير رغبة الرجل.. وثالثا لا نحتاج الآن إلى أي انقسامات جديدة حول السيسي، ولا معارك من أي نوع.. فالفرز الحقيقي وقدرة المصريين على ذلك ستتجلى في الانتخابات البرلمانية، والصدام بين الرئيس والبرلمان لا يجب استعجاله، وإن جرى سيحسمه الناس عند الضرورة، كما نتوقع لمصلحة الرئيس ووفقا للدستور، وبآليات يحددها الدستور نفسه.
بل يمكن أن نصل إلى أبعد من ذلك ونقول: قطاعات واسعة - نكرر قطاعات واسعة وليس كل أنصار الرئيس - قد تتقبل من السيسي الدعوة لتعديل الدستور.. لكن شريطة أن يقول ذلك لهم بنفسه، أما أن يمثله في ذلك وبغير تفويض وجوه كريهة، وأخرى لا تجيد التعبير عن نفسها - ولا عن غيرها - وثالثة لم يفوضها أحد بالكلام، فنعتقد أن السيسي أول من يرفض ذلك..
ولذا.. ننتظر بيانا من الرئاسة أو من الرئيس يحسم الجدل حول مطالب تعديل الدستور!