رئيس التحرير
عصام كامل

لا تعودوا إلى التعتيم!


الكتمان مطلوب في بعض الأعمال مثل الأعمال الأمنية والعسكرية، ولكنه بالقطع غير مطلوب في العمل العام.. العمل العام يحتاج لأكبر قدر من الشفافية والإفصاح، فإن هدف العمل العام هو الناس في نهاية المطاف، وبالتالي يتعين أن يعرف الناس كل ما يتعلق بالعمل العام، ومن يمارسونه.

الناجحون في العمل العام، هم الذين لهم تواصل مستمر مع الناس، والذين يحيطون الرأي العام بكل المعلومات التي يحتاجها، أما الفاشلون في العمل العام فهم الذين لديهم مشكلة في التواصل مع الناس، ويحجبون المعلومات عن الرأي العام أو لا يكترثون ويهتمون بإحاطته بالمعلومات الضرورية واللازمة.

وقد كانت شكوى الرأي العام الدائمة هي ذلك الكتمان أو هذا النقص في الشفافية، الذي بدا أحيانا أنه متعمد ومقصود، خاصة فيما يتعلق بالمستقبل السياسي للبلاد، وتحديدا مستقبل الحكم فيه، في ظل حديث لم يتوقف عن توريث هذا الحكم قبل يناير ٢٠١١، ولعل هذه الشكوى كانت أحد أسباب الضيق الذي دفع آلاف المصريين للخروج في يناير ٢٠١١ في انتفاضة شعبية ثورية واسعة ضد هذا الحكم، مطالبين بإنهائه، ولذلك اللبيب والذكي الذي هو من يحرص دوما على التعامل بشفافية مع الناس، ويحترم طوال الوقت حق الرأي العام في أن يعلم ماذا يحدث ولماذا حدث وأيضا كيف حدث؟

أقول ذلك لأنني ألحظ أن هذا الحرص رسميا على الشفافية، تراجع مؤخرا أو أصابه بعض الفتور، الأمر الذي جعل هذه الشفافية (بعافية) بعض الشيء.

لقد استقالت حكومة المهندس محلب، دون أن يعرف الرأي العام لماذا استقالت؟.. ولماذا قُبلت هذه الاستقالة؟.. وتم تكليف المهندس شريف إسماعيل بتشكيل الحكومة الجديدة، ولم يعرف الرأي العام لماذا تم اختياره؟.. وتشكلت الحكومة الجديدة ليدخلها نحو نصف عدد أعضائها وزراء جدد دون أن يعرف الرأي العام كيف حدث ذلك ولماذا؟.. خاصة أن رئيس الوزراء الجديد حرص على أن يجري مشاوراته بعيدا عن عيون الصحفيين والإعلاميين وكاميراتهم، وذات الشيء ينطبق على من تم الاحتفاظ بهم من وزراء حكومة محلب في الحكومة الجديدة، خاصة وزراء المجموعة الاقتصادية، لا يعلم الرأي العام لماذا استمروا؟ 

أما اختيار النائب العام الجديد فقد تم بدون إعلام الرأي العام بأي معلومة حوله، رغم تأخر هذا الاختيار عدة أسابيع.

ونحن هنا ننبه لأن الرأي العام لن يقبل بالعودة إلى التعتيم مجددا.
الجريدة الرسمية