الوزارة الجديدة.. حكومة حرب!
الرسالة الأساسية من التشكيل الوزاري بتشكيلته النهائية هي: "وداعا للدلع وللتهريج".. فاختيار الكاتب الصحفي البارز حلمي النمنم - مثلا - يعني انحياز السيسي وحكومته لمواجهة الإرهاب والخطاب المتطرف والأفكار الوهابية بخطاب جديد يحقق التوازن - على الأقل - وليس الانتصار على الخطاب المحافظ الموجود في مؤسسات رسمية رفضت طوال الفترة الماضية، إنجاز أي تطور نوعي في خطابها المتطرف ولم تستجب - حتى - لدعوة تجديد الخطاب الديني!
اليوم على رأس الثقافة المصرية الرجل الأكثر تشددا، ليس ضد الإخوان فحسب، وإنما ضد الخطاب المتأسلم كله!
وفي التعليم العالي، يتولاها الرجل صاحب أكبر المعارك ضد الجماعة الإرهابية في كل الجامعات المصرية.. معقل الإخوان ومرسي نفسه بجامعة الزقازيق.. الجامعة التي كان عدد كبير من أساتذتها معتصما في رابعة.. إلا أنه أدارها باقتدار وبالقانون دون ارتعاش ودون خوف، وسوف ينعكس أداؤه في الجامعة - قطعا - على دوره المتوقع بوزارة التعليم العالي كلها!
في وزارة الفساد الكبير.. التنمية المحلية يأتي أحمد زكي بدر بسجله الحافل في الشدة والحسم والمعارك الكبيرة.. الرجل وزير تعليم سابق، ولكن لا يحتاج الأمر إلا لقراءة كتيب صغير عن قانون الإدارة المحلية، لا يستغرق ربع ساعة، ليعرف كل شيء عن وزارته، إلا أن مشاكل المحافظات يعرفها المواطن العادي وتحتاج إلى شخصية قوية ينهي تهريج اختيار محافظي عادل لبيب الأخير.. إما بالمتابعة المباشرة أو بالتعديل المباشر!
نتوقع معارك كبيرة ضد الإرهاب المتسرب في هذه الوزارات.. فكرا ورجالا.. ونتوقع في وزارة الثقافة خطابا تنويريا رسميا هذه المرة، موازيا لخطاب ظلامي رسمي آخر.. ونتوقع بينهما صداما لا فرار منه.. ونتوقع في التنمية المحلية صداما مؤكدا بين وزير سيمارس مهامه المقررة قانونا، وبين محافظين لم يختارهم هو.. ونتوقع في التعليم العالي هيمنة من الوزير الجديد على المجلس الأعلى للجامعات، ومتابعة مباشرة ويومية منه على العمل اليومي لرؤساء الجامعات، لا يمنحه القانون أحقية التدخل في قراراتهم، وهو ما سيؤدي أيضا إلى صدام ربما يكون أوله في جامعة القاهرة!
عودة زعزوع اعتذار رسمي له.. واعتراف بتدني مستوى السياحة بعده إلى حد إفساد الوزير السابق لعقود مهمة خصوصا من آسيا، في عبث لا مثيل له بمصلحة البلاد، لكن الأهم أن عودته مع أحمد زكي بدر تقر مبدأ "العودة إلى العمل الوزاري"، وهو مبدأ عرفته مصر من قبل، إلا أنه غير مستقر، لكنه يفتح الباب لعودة وجوه قديمة كنا نظن - وبعض الظن إثم - أنهم خارج إطار العمل الرسمي العام بشكل نهائي!
بقاء هاني قدري يؤكد الانحياز لقانون العمل الموحد، وبقاء خالد حنفي يؤكد الرضا عن أداء وزارة التموين، والإبقاء على الزند بعد شائعات الرحيل يمنح الرجل الفرصة الأخيرة ليستبدل أداءه الأقرب لأداء رئيس نادي القضاة، ولا يريد أن يخلع ثوبه ليكون وزيرا في حكومة تفرض عليه التزامات عديدة، وليس وزيرا للقضاة وحدهم!
أما الإبقاء على وزير الري، فيؤكد الدعم الكامل للاستمرار في فتح ملف مخالفات النيل الذي يديرها الرجل ضد "الكبار" بكل شجاعة..
أما فضيحة الأخطاء الإملائية لوزير التعليم الجديد - إن صحت - فيستحق الإقالة الفورية بسببها.. لا يمكن أن ينهض تعليم بوزير يخطئ في الإملاء، ولا يمكن اعتباره قدوة، ولو أقاله السيسي ما لامه أحد!
بقاء الوزارات السيادية الثلاثة كان مؤكدا.. ويمنح الثقة في مواجهات الجيش والشرطة ضد الإرهاب، وتحديث وتطوير الإمكانيات والجاهزية الدائمة.. وبقاء سامح شكري يؤكد دعم خطوات استرداد هيبة السيادة المصرية والندية في التعامل مع الدول الأخرى، خصوصا أمريكا، ويؤكد أنها سياسة لدولة وليست سياسة لوزير!
إنها فعلا.. حكومة حرب ضد الإرهاب والفساد والبيروقراطية والدلع والتهريج!