رئيس التحرير
عصام كامل

أوربا تصطدم بجدران جديدة بنيت لإيقاف اللاجئين

فيتو

تسعى المفوضية الأوربية بكل جهد لإيجاد توافق بين دول شرق الاتحاد الأوربي الرافضة لاستقبال اللاجئين وبين دول غربه الداعية لضرورة تضامن الدول الأعضاء، لاحتواء أكبر أزمة تواجهها أوربا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

أيام قليلة فقط وينعقد المؤتمر الأوربي الطارئ لمناقشة أزمة اللاجئين. وإلى ذلك الحين على دول شرق الاتحاد الأوربي إقناع نظرائهم بغرب الاتحاد موقفهم الرافض لاستقبال اللاجئين.

ووجه مفوض شئون اللاجئين ديميتري أفراموبولوس انتقادات شديدة اللهجة للمجر بعد إغلاقها الحدود مع صربيا.

وذلك قبل أن تفكر كرواتيا وسلوفاكيا بذات الاتجاه بهدف إقفال جميع منافذ ما بات يعرف بـ "طريق البلقان" في وجه اللاجئين الذين يرغبون في التوجه إلى ألمانيا والدنمارك والسويد على وجه الخصوص.

اتفاق على حماية الحدود 


وقال المفوض الأوربي لشئون اللاجئين إن هناك اتفاقا على ضرورة حماية الحدود الأوربية، "لكننا نختلف حول الأساليب". ويستدرك المسئول، "إضافة إلى ذلك، من واجبنا كمسيحيين مساعدة اللاجئين السوريين على وجه الخصوص".

في المقابل، وردا على هذا الطرح يريد رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، كما ذكر في حوار مع صحيفة "دي فيلت" الألمانية "حماية الغرب المسيحي".

وعلى ضوء ذلك قدمت حكومته مقترحات لحماية حدود الاتحاد الأوربي، تتضمن الاستعانة بقوات لحماية حدود اليونان وبناء مخيمات لإيواء اللاجئين خارج حدود أوربا. وتؤكد بودابست على رفضها لنظام الحصص المقترح من قبل المفوضية الأوربية لتوزيع اللاجئين بين الدول الأعضاء.

ذات الموقف اتخذته سلوفاكيا التي أكد رئيس حكومتها روبرت فيكو أن: "لا أحد يمكنه أن يملي علينا ما سنقوم به". وتؤكد هذه المواقف المتباينة أن اتفاقا قد يلوح في الأفق في الأيام القادمة داخل الاتحاد الأوربي.

المساعدات الأوربية لمقدونيا

وفي يوم الخميس الماضي (17 سبتمبر/أيلول 2015)، زار يوهانس هان، المفوض الأوربي لسياسية الجوار العاصمة سكوبيه، فمقدونيا بحاجة في الوقت الحالي لمساعدات أوربية، كما يقول في حوار مع DW، موضحا "إنهم يواجهون أزمة داخلية...وهم بحاجة أيضا إلى مساعدات لمواجهة أزمة اللاجئين، وهي أزمة باتوا (أي المقدونيين) ضحية لتداعياتها ولم يكونوا سببا فيها". ويستدرك هان أن مقدونيا بحاجة الآن إلى مساعدات مالية لتوفير المأوى والطعام للاجئين في طريقهم إلى قلب أوربا.

ويخشى هان من أن تقوم دول شرق الاتحاد الأوربي من إنشاء ستار حديدي على طول حدودها، وهذا ما "يحزنني، لأننا كافحنا طويلا لإزالة مثل هذه الحواجز" يقول يوهانس هان.

ويعقب أن المطلوب الآن إقناع الجميع بماهية أوربا وأهدافها وأسسها، "لأن أوربا بنيت على أسس التعاون والتضامن المشترك. أن تصبح عائلة واحدة، ولا يمكن ذلك في ظل وجود الجدران".

غياب ثقافة احتضان الآخر

في المقابل، تشير جودي ديمبسي من معهد كارنيجي يوروب للعلوم السياسية، أن الجدران العازلة باتت بالفعل تبنى حول حدود الاتحاد الأوربي، معللة ذلك بأن مواقف الدول الرافضة لاستقبال اللاجئين لها علاقة بالخلفية التاريخية والثقافية لهذه البلدان، لكونها "يطلب منها لأول مرة منذ عام 1938 احتضان أجانب".

فـ"بولندا على سبيل المثال كانت متعددة الأعراق، لكنها بعد عام 1945 أصبحت عرقيا متجانسة وذات غالبية كاثوليكية"، تقول ديمبسي، مشيرة أيضا إلى الخوف من الآخر المسيطر على الفئات المتقدمة سنا.

وهناك في بولندا وسلوفاكيا والتشيك والمجر اعتقاد راسخ لدى مواطنيها أنهم "كاثوليكيون داخل أوربا كاثوليكية"، وهم "يفتقدون لتجربة الاحتكاك مع باقي الثقافات، وذلك حتى في عهد الشيوعية".

وما يجرنا إلى التساؤل هو ما الذي يجب على أوربا القيام به الآن؟ ترفض ديمبسي إرغام هذه الدول لاستقبال اللاجئين، فهذا لن يصب في مصلحة اللاجئين أنفسهم، كما أنه سينظر إليه على أنه تدخل لألمانيا في شئونها، مع تنامي "خطاب مناهض لميركل في دول الشرق".

وحسب ديمبسري لا بد من تقديم تنازلات من قبل الطرفين. ويتوجب على الاتحاد الأوربي التحلي بالصبر في المرحلة القادمة لتوضيح مدى تعقيدات أزمة اللاجئين لهذه الأطراف، والتحذير من خطر تفاقمها في الأشهر المقبلة بشكل تخرج فيه عن نطاق السيطرة وفي هذه الحالة ستجد دول شرق أوربا نفسها مجبرة على تقاسم الأعباء فيما بينها.

هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل


الجريدة الرسمية