رئيس التحرير
عصام كامل

سيادة النائب «مستشار بـ450 جنيهًا»


كان ثاني نموذجا من المرشحين للبرلمان والذي قدم أوراقه كمرشح محتمل لمجلس النواب المقبل هو مستشار، هكذا كتب على اللافتات التي بدرها في كل ركن في دائرته، أولا وقبل أي شيء الرجل ليس بمستشار كما يكتب كل الحكاية أنه حاصل على دورة التحكيم العربي التي تنظمها جامعة القاهرة بـ450 جنيها ومن ثم منح لنفسه هذا اللقب، أجد الفرصة سانحة لأن أحذر القارئ من هوجة المستشارين التي ستجتاح بر مصر أن معظمهم ليسوا بمستشارين أو ربما مستشارًا بـ450 جنيهًا.


القصد أن هذا الرجل الذي يدير ملهى ليليا في أحد الفنادق وجد في السياسة ساحة جديدة لممارسة الدعارة لكن بنوع مختلف، ربما كان هذا السبب الذي دفعه إلى الترشح أول الأمر عام 2005 وبالطبع كان مستقلا «يتمحك» في الحزب الوطني، دفع الرجل الكثير وطرح نفسه كمستشار يستطيع تحقيق آمال العباد قبل أن يحالفه الفشل التام.

من منطلق أن الفشل لا يمكنه هزيمة إنسان متفائل، كرر الرجل الكرة مرة أخرى في انتخابات 2010 كنت أنا وقتها كبرت خمس سنوات ومات آخرون وتزوج عوانس الدائرة وطلق المتزوجين ومارس الرجل عمله كمدير للملهى الليلي الذي تتراقص فيه فتيات الليل على أفخاذ الرجال، عاد بلافتات جديدة وبشعارات جديدة كان فيها قريبًا إلى الحزب الوطني بعد أن أقنع أحد مرشحي الوطني أن يضع اسمه بجواره كمرشحين للدائرة، ورغم تلك البروباجندا لكنه فشل مرة أخرى ربما لأنه لم يكن صادقا في نفاقه للحزب الحاكم أو ربما كان الحزب الحاكم سأم من مديرى الملاهي الليلية الذين ملئوا دوائره وقوائمه.

قامت الثورة وخفت نجم الرجل وظهرت طفرة وعي سياسي وأدرك الناس بعد استفتاء مارس 2011 أن نزولهم واجب ليطل علينا نفس الرجل بنفس اللقب في انتخابات 2012 لكن بثوب متدين ثوري، مؤكدًا في لافتاته أنه يدعم الثورة وينادي بالإسلام ولا علاقة له بالحزب الوطني، الناس في المناطق الشعبية دومًا يحملون وجهين أحدهما يصافحه باعتباره "معالي الباشا" والوجه الثاني حينما يذهب فيكيلون له كل الشتائم.

نشاط حزب النور والإخوان لم يدع للرجل فرصة في أن يفوز بحلم العمر ويصبح نائبا في البرلمان فسقط لثالث مرة لكنه لم ييأس فاختار أن يترشح في برلمان 2015، تحت شعار ثورة 30 يونيو ومحاربة الإرهاب وحب الرئيس السيسي.

عشرة أعوام والرجل يكبر، يتحول شعره الأبيض إلى أسود ويتحول نفاقه من الحزب الوطني للإخوان لثورة 30 يونيو لكي يحظى بكرسي في البرلمان المقبل تلك نوعية من الذين سيملئون الدوائر وسيدخل شريحة كبيرة منهم إلى البرلمان، تلك عينة من –المرار الطافح- الذي سنعيشه تحت قبة البرلمان.
الجريدة الرسمية