رئيس التحرير
عصام كامل

بالفيديو.. رئيس إذاعة جنوب الصعيد: أولادى يعتبرونى من العصر الحجرى لأننى أحاول تعليمهم قيم زمان

فيتو


  • كنت أذاكر ساعة يوميًا ووالدى توقع لى الفشل 
  • هربت من منزلنا أثناء ظهور نتيجة الثانوية العامة 
  •  مدرسة القرية لها تأثير كبير في تكوين شخصيتى
  • تلميذ المدينة "مسكين ومحبوس وتلميذ القرية حظه أوفر 
  • التربية كانت أهم لدى المعلمين زمان من التعليم 
  • تعليمى في مدرسة القرية جعلنى أتذوق اللغة العربية
تنبأ له والده بالفشل في بداية مراحله التعليمية بسبب قلة ساعات المذاكرة اليومية، لكنه نجح في مجال الإذاعة وتقلد عدة مناصب حتى وصل إلى منصبه الحالى بسبب تفانيه وإخلاصه في العمل.. إنه الإذاعى محمد الحسن مدنى مدير عام إذاعة جنوب الصعيد بأسوان وأحد أبناء قرى مدينة أدفو، الذي التقته "فيتو" للتعرف على حياته الدراسية منذ المرحلة الابتدائية حتى الثانوية العامة وأبرز المواقف والمراحل التي مرت في حياته.


*مرحلة الطفولة بالنسبة للكثير منا لاتنسى وخاصة بدايات المراحل التعليمية، فما هي أول مدارس التحقت بها ؟
بدأت مراحلى التعليمية في مدرسة البصيلية الوسطى الابتدائية بمحافظة أسوان عام 1972،و ألتحقت بها من الصف الأول الابتدائي وحتى الصف الرابع ثم أنتقلت مع الأسرة إلى مركز ومدينة نصر النوبة نظرًا لظروف عمل والدى ووالدتى بمديرية التربية والتعليم وألتحقت بمدرسة الدكة الابتدائية ثم مدرسة دابود الابتدائية ثم ألتحقت في المرحلة الإعدادية والثانوية بمدرسة كلبشة،والمرحلة الجامعية في كلية الحقوق جامعة أسيوط.

*أختلف التعليم كثيرًا عن السنوات الماضية،ما تعليقك على مستوى التعليم الآن مقارنة بالتعليم عندما كنت طالبا ؟
التعليم في ذلك الوقت كان يختلف تمامًا عن التعليم حاليًا،حيث كانت علاقة المعلم بالطلاب مختلفة جدًا عن وضعها الحالى،لأنه كان يمثل معلم وولى أمر بالنسبة للطالب وتأثيره قوى جدا على شخصية الطلاب وهى من المميزات التي يفتقدها الجيل الحالى،فضلًا عن الأحترام الشديد والهيبة التي كان يشعر بها الطالب أمام معلمه،و طريقة التعليم كانت أفضل كثيرًا وبها نوع من الإثارة والتشويق والمناهج بسيطة ليست كما هي عليه الآن،وكان المعلم يعطى كل ما لديه من خبرة وتعليم إلى الطالب داخل الفصل،وله تأثير قوى يترك أنطباعًا مميزًا لدى التلميذ داخل المدرسة.

*لكل طالب معلم مفضل ترك أثرًا على شخصيته ويتذكره دائمًا،هل تتذكر معلمك المفضل ونصائحة التي ساهمت في تكوين شخصيتك ؟
معلمى الأول والذي مازالت أتذكر نصائحه حتى الآن الأستاذ عبد الرازق محمد مندول "رحمه الله" بمدرسة البصيلية، وكان مدرسى من الصف الأول حتى الرابع الابتدائي لأن المعلمين في ذلك الوقت كان يتولى كلًا منهم فصلا بجميع مواده في الأربعة صفوف الابتدائية،ومازلت أطبق نصائحه وتعليماته حتى الآن في حياتى الشخصية والعملية ومتأثراُ بها جدًا ومن أبرزها الحرص على الأخلاق والفضيلة والتعليم،وكانت من أهم مميزات المدرسين في ذلك الوقت متابعة الطالب أثناء اليوم الدراسى وعقب أنتهاءه لدرجة أن والدى ووالدتى في حالة صدور أي تصرف غير صحيح منى يشتكون إلى معلمى،لذلك كان دوره بالفعل التربية والتعليم.

*انتشرت الدروس الخصوصية بشكل كبير الآن وأصبح الطالب يعتمد عليها بشكل كلى،هل لجأت للدروس الخصوصية في مراحلك التعليمية ؟
لم ألجأ للدروس الخصوصية في مراحلى التعليمية منذ الابتدائية حتى أنتهاء المرحلة الثانوية لأن المدرس كان يبذل قصارى جهده في الفصل لتقديم المادة العلمية للطالب وتخفيف العبء عليه في فهمها ومذاكرتها،وتخفيف العبء على أولياء الأمور حتى لا يتحملوا نفقة دروس خصوصية.

*ماهى ذكريات المرحلة الإعدادية والثانوية لديك وخاصة أنهما مراحل تتشكل فيهما الشخصية ؟
في المرحلة الإعدادية والثانوية الأمر لم يختلف كثيرًا كانت النظرة للمعلم أنه ولى أمر وأنتقالى من مدرسة إلى أخرى لم يؤثر على حبى وأحترامى للمدرسين القدامى، وبدأت أدرك أن لدى مسئولية جعلتنى ألتفت لدروسى فقط وأبتعد عن شقاوة الطفولة،وأصبح تركيزى في تحصيل التعليم أكثر،وفى جميع المراحل كانت نظرتى لمعلمينى بأنهم عمالقة لما كانوا يتميزوا به من إخلاص وتفانى في العمل وأبتعادهم عن أي نظرة مادية حيث كان اهتمامهم بالمادة التعليمية،ووتعليم الطالب الأخلاق والفضيلة فقط،وهى ما تفتقدها الأجيال الحالية في علاقتهم بمعلميهم،وفى تلك المرحلة بدأ والدى يتوقع لى الفشل لأن ساعات مذاكرتى لم تتعدى الساعة يوميًا،وكذلك في المرحلة الثانوية،مما جعلنى أهرب من منزلى يوم ظهور نتيجة الثانوية العامة حتى أعلنت في الراديو وتأكدت من نجاحى وأستقبلنى والدى في المنزل بالترحاب والأحضان،وخاصة أنى حصلت على 70% وكانت مفاجئة بالنسبة لى.

*ما هي أبرز الصعوبات التي واجهتك أثناء مراحل تعليمك المختلفة،وكيف تغلبت عليها؟
من أبرز الصعوبات التي واجهتنى خلال مراحلى الدراسية الأنتقال إلى أكثر من مدرسة نظرًا لظروف عمل أسرتى،مما كان يبعدنى عن أصدقائى ومعلمينى بعد التعود عليهم،مما يجعلنى أحاول التأقلم مع الأوضاع الجديدة وتكوين صداقات جديدة،ولكن أستطعت أن أجعلها لا تؤثر على القديمة،وتجاوزتها سريعًا،ولم توجد أي صعوبات في المناهج الدراسية بسبب الأنتقال لأنها واحدة وأسلوب تعامل المدرسين لايختلف.

*ما هي ذكريات أول يوم دراسى لرئيس إذاعة جنوب الصعيد ؟
أول يوم دراسى لى كان مختلفًا مقارنًا بأى تلميذ يواجه صعوبات في ذلك اليوم لأن والدى ووالدتى كانوا يعملون في نفس المدرسة التي ألتحقت بها مما جعل مهمتى سهلة في التأقلم على المدرسة.

*ماتقييمك للمستوى التعليمى قديمًا مقارنةً بالمستوى الحالى ؟
التربية كانت أهم لدى المعلمين في تلك الفترة من الجانب التعليمي لأن الكتب والمناهج كانت بسيطة أما المناهج حاليًا عندما نراها تصيبنًا حالة من الحزن والشفقة على الطالب نظرًا لصعوبتها وتعقيدها، وكانوا التلاميذ يستوعبون المناهج بسهولة مما يمنح المعلم فرصة لتعليم الاخلاق والفضيلة سواء أثناء اليوم الدراسى أو عقب انتهاءه،حيث كان لا يتعدى الدرس أربعة أسطر والباقى صورة،كما أن تكوينى بمدرسة القرية ساهم في توسيع مداركى،لأن تلميذ القرية حظه أوفر من تلميذ المدينة لأنه يرى جميع الأشياء التي يدرسها حوله على الطبيعة مثل الزرع والنيل والطيور والمصانع، وكان والترفيه بالنسبة لطفل القرية أفضل من المدينة،لذلك تلميذ المدينة "مسكين ومحبوس"وأتمنى أن يلتحق أولادى بمدرسة القرية بدلًا من المدرسة الخاصة التي يتعلمون بها،لكنهم ليس لديهم رغبة في الأنتقال.

*ما الذي تعلمته من مدرسة القرية وترك في شخصيتك أثرًا حتى الآن ؟
تربيتى وتعليمى في مدرسة القرية جعلتنى أتذوق اللغة العربية ليس بمجرد تعلمها فقط،عكس الجيل الحالى الذي لديه أخطاء جسيمة في نطق اللغة العربية وهو ما ألاحظه في أولادى من خلالى نطقهم للأبيات الشعرية بشكل خاطئ مبررين أنه ما يتعلمونه بالمدرسة،وكان في جميع مراحله التعليمية بمجرد أنتهاء اليوم الدراسى يلتحق بكتُاب القرية والذي كان عبارة عن كرم نخل وأرض نظيفة يجلس عليها الطالب،وحجر يجلس عليه الشيخ لتعليمهم،وكان الطلاب لديهم ألواح خشبية يكتبون عليها، بجانب تقييم الشيخ لمدى تعلمهم،مما كان له تأثير جيد على شخصيتى وإجادتى اللغة العربية التي جعلتنى من الإذاعيين المميزين.

*ما رأيك في المستوى التعليمى بالقرى في الوقت الحالى ؟
أرى قريتى حتى الآن مازالت تحتفظ بالقواعد التعليمية القديمة التي تصنع أجيالا متفوقة،ومازال المعلم يحتفظ بدور المدرس وولى الأمر في آن واحد بالنسبة للطالب مع الحرص على ألتحاق الطلاب فيها بالكتاب.

*كيف كنت تستذكر دروسك وتصل ساعات المذاكرة إلى كم ساعة يوميًا ؟
بالنسبة لنظام المذاكرة كان سهلا جدًا لأن الطالب يخرج من الفصل ولديه تحصيل ممتاز للمادة العلمية لا تتطلب منه جهدا في مذاكرتها،ويكتفى بكتابة الواجب اليومى فقط،وكنت أستذكر دروسى في ساعة واحدة يوميًا وأستيقظ مبكرًا لأذهب إلى المدرسة قبل شروق الشمس بالرغم أن مواعيد الطابور كانت في السابعة والنصف صباحًا،لكن كان لدينا حرص على التواجد بالمدرسة قبل طابور الصباح ولم تكن توجد نسب غياب مرتفعة مثل ما نراه الآن،بالرغم أن مدرستى الإعدادية والثانوية كانت تبعد عن القرية بنحو 6 كم.

*ما شعورك عندما تلتقى بأحد معلميك الآن ؟
عندما أقابل أحد من معلمينى الآن" أقبل يده تقديرًا وأحترامًا له" ومازالت الرهبة التي كنت أشعر بها تجاههم في أيام الطفولة موجودة حاليًا،ومن أبرز المواقف التي حدثت معى عندما رأيت معلم اللغة الإنجليزية في أحد المساجد أثناء صلاة العيد وكنت أتمنى مصافحته ونظرًا لرهبتى منه وحبى الشديد له لم أجرؤ على مصافحته، وكذلك عندما ألتقى مع جميع المدرسين أو الموجهين الذي تعلمت منهم في جميع المراحل الدراسية،وموقف آخر عندما تقلدت منصب مدير عام إذاعة جنوب الصعيد توجت إلى قريتى،وأول منزل مررت عليه كان لمعلمى السابق وعندما رآنى طلب منى الحضور ليتحدث معى،وفى ذلك الوقت شعرت بخوف ورهبة شديدة مثلما كنت أشعر بها مسبقًا في أيام الطفولة، مما أثار دهشتى لتواجد نفس الشعور منذ عام 1972 حتى 2011 بالرغم من مرور عدة سنوات.

*مالفرق بين جيلك والجيل الحالى؟
الأجيال الحالية تفتقد تلك القيم السامية بين الطالب والمعلم، والدليل على ذلك أننى عندما أحاول تعليم أولادى تلك القيم وأحكى لهم عن مراحلى الدراسية وكيفية علاقة المعلم والطالب يعتبرونى من "العصر الحجرى".
الجريدة الرسمية