دفاع عن الفساد السياسي!
اطلعت مؤخرًا على عمود صحفي سطره كاتب صحفي معروف، يدافع بحماس شديد عن حق "أحمد عز" في الترشح لعضوية مجلس النواب، وأعترف بأن هذا الدفاع – من الناحية الشكلية البحتة - يبدو متماسكًا، ولكنه لو عرض على محكمة التاريخ، لظهر للعيان أنه دفاع منحرف جانب الحقيقة الثابتة!
لماذا يبدو دفاع الكاتب عن "أحمد عز" متماسكًا من الناحية الشكلية؟
لأنه اعتمد على مجموعة من المسلمات، أهمها على الإطلاق أنه مواطن له مثل باقي المواطنين حقوق سياسية، فمن حقه أن يمارسها، ومن بينها حقه في الترشح لمجلس الشعب، وعلى أساس أنه ينبغي لنا أن نترك الفرصة للجماهير أن تحكم، فإن اختارته كان بها ويصبح عضوًا كامل العضوية في مجلس الشعب، يصول ويجول كما يشاء، وإن فشل يصبح ذلك قدره.
والحقيقة أن هذا الدفاع الباطل يتناسى أن "أحمد عز" هو مهندس التزوير السياسي الأول في عهد "مبارك"، وأنه أشرف بنفسه – بحكم موقعه الحزبي - على عملية تزوير منهجية لانتخابات مجلس الشعب الأخيرة في حكم "مبارك"، ما أدى إلى الإقصاء الكامل لكل قيادات المعارضة، وبالتالي أصبح المجلس كله مجلس "موافقة" - بحسب التعبير الشهير - على أشد سياسات الحزب الوطني انحرافًا، التي فتحت الباب واسعًا وعريضًا أمام أكبر عملية فساد في تاريخ المجتمع المصري، التي أدت إلى الإثراء الفاحش لقلة من رجال الحكم ورجال الأعمال، التي أدت عمليًا إلى إفقار ملايين المصريين.
وما نقوله ليس مجرد اتهام موجه للرجل؛ لأن هناك إجماعًا من كل المراقبين السياسيين على أنه هو الذي أشرف على كل صغيرة وكبيرة في تنظيم الانتخابات، وهو الذي تكفل – تعبيرًا عن قدرته الفائقة - للقيادة السياسية بأن يقدم لهم مجلسًا للنواب خاليًا تمامًا من المعارضة، حتى ينطلق الحزب الوطني بسياساته المنحرفة في مجال الفساد المنظم.
والواقع أنه عقب ثورة 25 يناير كان ينبغي – لو كانت لهذه الثورة قيادة سياسية رشيدة - أن تصدر قانونًا للعزل السياسي في حق من أفسدوا الحياة السياسية، بشرط أن يكون التأثيم والعقاب محددًا بدقة، ومراعيًا القواعد القانونية الثورية، وليست التقليدية التي يمكن أن ينفذ من ثغرات شباكها عدد من الفاسدين.
ومن هنا يمكن القول: إن حكم المحكمة التي حكمت بمنعه من الترشح، لا يتفق فقط مع صحيح القانون، ولكنه يعبر في الواقع عن ضمير الشعب الذي عانى من الفساد السياسي.