الدور الدستوري الخطير للبرلمان القادم
المصريون مقبلون بعد أسابيع قليلة على أخطر انتخابات برلمانية في تاريخ مصر الحديث، فمجلس النواب القادم يكتسب أهمية قصوى وفقًا لأحكام الدستور الجديد، تفوق ما كان يتمتع به أي برلمان آخر من قبل منذ أن عرفت مصر الحياة البرلمانية الحقيقية بإنشاء مجلس النواب عقب إقرار دستور 1923.
على المصريون أن ينتبهوا جيدًا قبل أن يدلوا بأصواتهم في الانتخابات، إلى أهمية البرلمان وإلى خطورة دوره الجديد والمستحدث وفقًا لأحكام دستور 2014، وهو دور يتمثل في طريقة اختيار الحكومة وإعفائها من مهامها وإجراء التعديلات الوزارية، إذ يشترط الدستور أن تحوز الحكومة التي يكلف رئيسها، رئيس الجمهورية على ثقة أغلبية أعضاء مجلس النواب، فإذا لم تحز الحكومة على هذه الثقة، فإن رئيس الجمهورية يكون حينئذ مضطرًا إلى اختيار رئيس مجلس الوزراء بترشيح من الحزب أو الائتلاف الحزبى الحائز على أكثرية مقاعد مجلس النواب، ويتعين اختيار أغلب وزراء الحكومة في هذه الحالة ممن ينتمون إلى هذه الأغلبية البرلمانية، فيما عدا الوزراء الذين منح الدستور لرئيس الجمهورية الحق في اختيارهم دون التقيد بأن يكونوا ممن ينتمون إلى حزب الأكثرية النيابية وهم وزراء الدفاع والداخلية والخارجية والعدل.
إن سلطة رئيس الجمهورية في إعفاء الحكومة من أداء عملها وفقًا للدستور الجديد أصبحت مقيدة بضرورة موافقة مجلس النواب على ذلك الإعفاء، حتى التعديلات الوزارية لا يجوز لرئيس الجمهورية أجراءها إلا بعد موافقة الأغلبية المطلقة للحاضرين من أعضاء مجلس النواب وبما لا يقل عن ثلث أعضاء المجلس ككل، ومن هنا تبدو أهمية تشكيل مجلس النواب ودوره المهم في تشكيل الحكومة وفي أدائها لدورها واستمرارها.
بالإضافة لما تقدم، يتمتع مجلس النواب باختصاصات أخرى في غاية الأهمية، إذ لا يجوز اتخاذ أي تدابير تقتضيها ظروف استثنائية إلا بمعرفة مجلس النواب إذا كان قائمًا، إذ ألزم الدستور رئيس الجمهورية بدعوة مجلس النواب للانعقاد بصورة عاجلة إذا اقتضت أي ظروف طارئة في البلاد اتخاذ تدابير عاجلة استثنائية ليقرر مجلس النواب ما يراه في شأنها، وقد سلب الدستور بذلك سلطة رئيس الجمهورية في أن يتخذ بنفسه هو هذه التدابير العاجلة، ثم يعرض الأمر على مجلس الشعب بعد ذلك عند انعقاده، وهي السلطة التي كانت مقررة للرئيس وفقًا للمادة 74 من دستور 1971، ولكن ألغاها الدستور الحالى، كما لا يجوز إعلان الحرب ولا إرسال قوات لمهام قتالية خارج الدولة دون موافقة أغلبية ثلثى مجلس النواب، ولا يجوز إعلان حالة الطورائ إلا بموافقة ثلثى مجلس النواب، فضلا عن حق ثلثى أعضاء مجلس النواب في سحب الثقة من رئيس الجمهورية وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.
من هنا تبدو الأهمية القصوى للبرلمان القادم، وضرورة زيادة وعي المواطن بأهمية الانتخابات وبدور مجلس النواب المقبل، وتأثيره فى استقرار البلاد سياسيًا واقتصاديًا بعد ثلاث سنوات من الاختلافات السياسية الحادة التي أضرت كثيرًا بمصلحة الوطن، عليهم أن يعلموا جيدًا أنهم يختارون نوابًا لهم الدور المهم في رسم سياسة البلاد وليسوا مجرد نواب خدمات لأهالي الدائرة.