رئيس التحرير
عصام كامل

يا سيسي.. الدواعش قادمون.. لا محالة !!


قبل الخوض في التفاصيل دعونا نزيل اللبس الذي يمكن أن يثيره العنوان، فكل من يقرأ العنوان سيتبادر إلى ذهنه أننا نحذر من تنظيم داعش الإرهابي التكفيرى النسخة المعدلة من جماعات الإسلام السياسي التي بدأت بالإخوان ثم فرخت العديد والعديد من الجماعات التكفيرية بمسميات مختلفة كان أبرزها "تنظيم القاعدة" الذي تراجع مؤخرًا ليحل محله تنظيم "داعش" الأكثر إرهابًا ودموية.


وهو صنيعة الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيونى والممول من بعض دول الخليج والذي يتم استخدامه لتدمير مجتمعاتنا من الداخل في إطار مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي يخطط لتقسيم المقسم وتفتيت المفتت على أرضية إعادة توزيع التركة العربية التي ليس لها صاحب.

لكن لإزالة اللبس أقول إن المقصود بداعش هنا هي أفعالها الإجرامية والتدميرية والدموية، فما فعلته ومازالت تفعله جماعات أخرى داخل مجتمعنا المصرى يفوق في فجره ما تفعله داعش، فإذا كان الدواعش الآن هم رمز الإرهاب العالمى فإن عصابة مبارك التي دمرت كل شيء على أرض مصر عبر الثلاثة عقود الماضية هي أيضًا جماعة إرهابية، فقد قاموا بتدمير المجتمع على كل المستويات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية.

فوجدنا الاستقطاب الشديد في البنية الطبقية حيث الفقراء والكادحين والمهمشين يزدادون فقرًا والأغنياء المتسلقون والفاسدون يزدادون غنى، مع انهيار لمنظومات التعليم والصحة والإسكان، بالإضافة إلى انهيار كامل في منظومة القيم لدرجة أصبحت فيها قيم الفساد من وساطة ومحسوبية وفهلوة ورشوة وسرقة ونهب هي الأساس، في مقابل تراجع لقيم العمل والإنجاز والكفاءة والإخلاص والأمانة والشرف، وبما أن هؤلاء هم دواعش مصر الذين قامت عليهم ثورة 25 يناير من أجل استعادة مصر التي سرقت ونهبت وخربت بواسطة إرهابهم، فماذا نعنى بأنهم قادمون ما داموا قابعين في أماكنهم ولم تتمكن الثورة من الإطاحة بهم ؟!

بالقطع لم تستطع الثورة إحداث التغيير المطلوب نتيجة عدم وجود قيادة للثورة، وعدم وجود قوى سياسية حقيقية منحازة للغالبية العظمى من شعب مصر من الفقراء والكادحين والمهمشين والمظلومين والمكلومين وضحايا سياسات تكريس الجهل والفقر والمرض، بل تصدر المشهد السياسي جماعة الإخوان التي كانت متحالفة مع جماعة مبارك عبر سنوات حكمها، وتراجع رجال الصف الأول من عصابة مبارك وتم إيداعهم مؤقتًا السجون لتهدئة الرأى العام ثم خرجوا جميعًا بفضل القوانين التي كانوا قد وضعوها أثناء وجودهم في البرلمان والتي شرعت لتحمى فسادهم وسرقتهم ونهبهم وأيضًا عدم تعرضهم لمساءلة قانونية وإذا سُئلوا فتكون النتيجة هي البراءة من كل التهم.

وظل رجال الصف الثانى موجودين داخل كل مؤسسات الدولة، وحتى داخل التشكيلات الحكومية المتعاقبة بعد 25 يناير وحتى الآن، وحاول إخوان الإرهاب الإطاحة بهم وتسكين رجال عصابتهم محلهم لكنهم لم يتمكنوا وثار عليهم الشعب مرة أخرى في 30 يونيو، وجاء هذه المرة بقائد الجيش لحمايتهم من إخوان الإرهاب ودواعش مبارك، ومنذ اليوم الأول أعلن الرجل أنه سيخوض الحرب ضد إخوان الإرهاب، وهو ما تحقق بالفعل على أرض الواقع ولمسه الشعب ووقف خلفه يدعمه في هذه المعركة، وأعلن أيضًا أنه سيخوض معركة مكافحة الفساد الذي يمثله تنظيم داعش أو عصابة مبارك.

لكن هذا الإعلان ظل كلام للاستهلاك المحلى وتهدئة للرأى العام دون أن يتحول لواقع محسوس وملموس، وجاءت لحظة انفجار بركان الفساد داخل حكومة لجنة سياسات جمال مبارك المعروفه بحكومة محلب، وهنا أصبحت الفرصة مواتية للرئيس لتحويل الكلام إلى أفعال ويدخل بقوة معركة مكافحة الفساد وتعالت أصوات الفقراء والكادحين والمهمشين داعمة ومؤيدة الخطوة، لكننا وجدنا الرئيس يتردد ويتراجع عن الدخول في المعركة.

فبعد إقالته لحكومة الدواعش بنصف ساعة فقط وفى لحظة الترقب والانتظار، والذي كنا نظن أنه سيختار رئيسًا للحكومة من خارج مغارة على بابا والأربعين حرامى، نجده يختار أحد أعضاء المغارة ليشكل الحكومة الجديدة ويحدث إحباط شديد للغالبية العظمى من المصريين الذين يأملون خيرًا في الرئيس ويدعمونه أملا في القضاء على دواعش الداخل.

وتأتى كارثة البرلمان القادم والذي وضعت قوانينه حكومة داعش، ولم تغير شيئًا من قواعد اللعبة القديمة، لتكرس قواعد المال السياسي والرشوة والعصبية والقبلية، في ظل قانون لا يسمح للأحزاب الضعيفة والهشة من الأصل بإمكانية الوجود حيث منحها 20% فقط من المقاعد من خلال قائمة مطلقة.

وظلت 80% فريسة للفساد في شكل مقاعد فردية، وبذلك يمكننا أن نؤكد بما لا يدع مجال للشك وباطمئنان كامل أن الدواعش قادمون لا محالة، وعلى الرئيس عبد الفتاح السيسي تحمل المسئولية كاملة أمام شعب مصر الذي وثق به ومازال يعقد عليه كثيرًا من آماله وطموحاته، وإلا فثورة الجياع قادمة أيضًا لا محالة، اللهم بلغت اللهم فاشهد.
الجريدة الرسمية