رئيس التحرير
عصام كامل

هل ستدلي بصوتك في الانتخابات ؟!


كنت منذ سنوات أتابع الحراك السياسي بمصر دقيقة بدقيقة وليلا نهارا وكان مثلي الكثيرون من المغتربين، كان الحراك الثورى بابًا من الأمل في التغيير، ثم قلت المتابعة رويدًا رويدًا حتى تلاشت، وأشعر بالحرج حين يرسل لى بعض الأصدقاء القدامى للتعليق على قضية ما فأرد برد دبلوماسي يخفي عدم متابعتي وعدم رغبتي في التعليق، يبدو هذا غريبًا للبعض ومنطقيًا لدى البعض الآخر.


فحين تتحول الثورات إلى حروب يتحول معها حلمك إلى كابوس وأنت ترى شعوبًا تتحول إلى لاجئين يقفون على حدود قريبة منك، في حين أنك تصم آذانك كى لا تسمع تعليقات أهل البلد الأصليين ورفضهم لهم وكأن هذه الشعوب التي كانت آمنة في بلادها هما ثقيلا يلقيه كلٌ على الآخر كى لا يتحمل مسئوليته.

تبدو مهزومًا من الأعماق ومحبطًا كل الإحباط بعد سرقة 50 كيلو ذهب من مصلحة سك العملة من بينها ميداليات ذهبية جوائز للدولة وتعجز الكلمات عن التعبير أو عن تفنيد هذه الحادثة الغريبة ولا أعرف ما هو العنوان الذي يمكن أن نصيغه لها، فالإهمال والفساد عنوانان مستهلكان بعد أن توغلا داخل النفوس بدرجات متفاوتة لتطل علينا منذ أيام قضية فساد كبرى متشعبة تضمنت وزراءً، وتبع هذا تغيير في الحكومة وهو الشيء الوحيد المنطقى والمنتظر ودلالة طيبة على أن أحدًا ليس فوق القانون.

تبدو طبيعة الرشوة التي أعلن عنها إن صدقت الرواية رحلات حج حتى يعود المسئول وقد غسل ذنوبه على طريقة غسيل الأموال والبدل والساعات الماركات حتى يكون على مستوى الوجاهة حين يجتمع برجال الأعمال، ولو أنه اجتمع مع ملكة إسبانيا التي ترتدى ملابسها أكثر من مرة تضامنًا مع الأزمة الاقتصادية لبلادها لتغير مفهوم التباهى والحج المزيف لديه.

كيف يمكن أن نغير ثقافة مجتمع.. كيف يمكن أن تفتح بوابة بالإسكندرية لمرشحي مجلس الشعب أو للمندوبين عنهم ويدخلوا بهذا الشكل الهمجى العشوائى للحصول على رمز يناسب المرشح وكأن الرمز هو المحدد لنجاح المرشح؟ هذا السباق والصراع الشديد على دخول الانتحابات يحمل أطماعًا تظهر للعين المجردة وفشل أصحابها في إخفائها.

صديق ناجح بالخارج متخصص في مجال متميز فكر أن يترشح فمر على الأحزاب، على أحدها يهتم بالاستفادة بخبراته فاكتشف أن كفاءته لا تساوى شيئًا وكل المطلوب 2 مليون جنيه لزوم الدعاية للحزب فتراجع عن الفكرة، فليس من المعقول أن يدفع هذا المبلغ ثم يقف أمام الناخبين بعد نجاحه ليقول لقد ترشحت من أجلكم لأنه يعلم في قرارة نفسه أنه سيكون مشروع نائب حرام عليه أن يستخدم كل وسائل الفساد ليسترد ملايينه وليكسب غيرها.. بعد كل ما سردته هل ستدلي بصوتك في الانتخابات؟!
الجريدة الرسمية