رئيس التحرير
عصام كامل

نبيل العربي أمام وزراء الخارجية العرب: فلسطين قضيتنا المركزية.. سوريا تنزف وصورة «إيلان» أدمت القلوب.. الحل السياسي في ليبيا ضرورة ونساند «ليون».. يطالب إيران بالانسحاب من جزرالإما

الأمن العام للجامعة
الأمن العام للجامعة العربية د.نبيل العربي

قال الأمن العام للجامعة العربية د.نبيل العربي، في كلمته أمام وزراء الخارجية العرب في الجلسة الافتتاحية للدورة العادية (144)، أن هذا الاجتماع يعد أول اجتماع وزاري لا يشارك فيه الأمير سعود الفيصل عميد الدبلوماسية العربية رحمه الله، ولاشك أن المجلس سوف يفتقد حكمته وخبرته الطويلة ورحم الله الراحل الكريم وأسكنه فسيح جناته.


تصعيد خطير
أضاف العربى أن النظام الإقليمي العربي، بمختلف مكوناته، يواجه تهديدات خطيرة وتصعيد غير مسبوقٍ في وتيرة الأحداث الملتهبة، التي تدور رُحاها في عدة دول عربية ذات ثِقل وتأثير مباشر على حاضر ومستقبل الأمن القومي العربي برمته، بل ومستقبل شعوب هذه الدول وأمن واستقرار المنطقة بأكملها والعالم.

وأوضح أن معالجة الأوضاع المُعقّدة والمتفاقمة التي تواجهها المنطقة تتطلب نهجًا جديدًا، وعلى نحو مُلّح، زتوجّهًا مُبتكرًا وغير تقليدي، ومواقف قادرة على التأثير في مجريات الأحداث وتفاعلاتها الإقليمية والدولية، بما يضع حدًا لهذه الأزمات، وحتى يتمكّن العمل العربي من الارتقاء إلى مستوي التحديات المطروحة ويستجيب لتطلعات الشعوب العربية ودولها.

الانتقادات الموجهة للجامعة
تابع أن الانتقادات الموجهة لفاعلية الجامعة العربية وأمانتها العامة كثيرًا ما تكون قاسية، وتُقلّل دون وجه حق من شأن الجهود التي بُذلت عبر سنوات طويلة من العمل الشاق من جانب الدول الأعضاء ومن جانب الأمانة العامة، ويجب أن ندرك ما يكمن خلف قسوة هذه الانتقادات، وهو رغبة عارمة لدى الشعوب العربية كافة في تطوير دور الجامعة، بحيث ترتقي لطموحات الشعوب، وهذا هو التحدي الذي يواجهنا اليوم. وسيحكم علينا التاريخ إن لم نقبل التحدي ونرتفع لمستواه.

العمل العربي المشترك
أشار إلى أن قضايا العمل العربي المشترك وما يواجه الجامعة العربية من تحديات في هذا المنحنى التاريخي الحاسم يتطلب التحلّي بالجرأة والصدق اللازمين، بل واغتنام ظروف التحولات والمتغيرات الكبيرة التي يشهدها الوطن العربي، واستثمارها للإقدام على الخطوات المطلوبة لتطوير العمل في الجامعة، وإصلاح نظمها وهياكلها وآليات عملها، لتمكّينها من مواجهة هذه التحديات.

فلسطين القضية المركزية

ولعل في مُقدّمة التحديات أمامنا دائمًا هي القضية الفلسطينية، القضية المركزية والمحورية، التي لازالت تعاني من انسداد أفق الحل والتسوية النهائية القائمة على مبدأ حل الدولتين، على الرغم من الجهود المُضنية الفلسطينية والعربية والإنجازات الدبلوماسية التي تحققت بالفعل، والتي أسفرت خلال الأيام الماضية عن إصدار قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة برفع علم دولة فلسطين فوق مقارها.

وأكد أن هذا القرار يُشكّل إنجازًا دبلوماسيًا هامًا يحمل دلالة رمزية كبيرة باتجاه الاعتراف بدولة فلسطين كدولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، واعترافًا جديدًا يؤكد على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.

الصغوط على الاحتلال

غير أنه يتعين الاعتراف بالواقع، وهو أن الجهود الدولية المبذولة لا تزال غير قادرة على ممارسة الضغوط اللازمة على الجانب الإسرائيلي، الذي ضرب بعرض الحائط كافة قوانين وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وأتقن لعبة التسويف والمماطلة لإفشال ما طُرح وما يُطرح من مبادرات، في إطار إستراتيجيته التفاوضية الرامية لتضييع الوقت، واستكمال مخططاته في عمليات التوسع الاستيطاني وتهويد القدس وفرض واقع يستحيل معه إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، طبقًا لما نصّت عليه قرارات الشرعية الدولية.

قال: إن آخر مسلسل الانتهاكات الإسرائيلية يتمثل في الاقتحام الوحشي الذي قامت به قوات الاحتلال الإسرائيلي صباح اليوم لباحات المسجد الأقصى، والاعتداء على المُصلّين بداخله، ولابد من اتخاذ موقف فاعل ومؤثر من جانب الدول العربية والإسلامية لمواجهة الاعتداءات الإسرائيلية.

أضاف إن القرارات التي اتخذها مجلس الجامعة على مستوى القمة والوزاري، وكذلك المواقف التي عبّرت عنها اللجنة الوزارية لمبادرة السلام العربية، والتحركات الدبلوماسية التي قامت بها اللجنة الوزارية المُصغّرة المنبثقة عنها، أكدت جميعُها على الموقف العربي الداعي إلى إقرار التسوية الدائمة والعادلة لجميع القضايا العالقة وإطلاق مسار مفاوضات جديّة لإنهاء النزاع، وفقًا لحل الدولتين كما حدّدته قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن ذات الصلة.

اجتماع الرباعية
وفي هذا الشأن، أود إبلاغ أصحاب المعالي أن سكرتير عام الأمم المتحدة وجّه الدعوة إلى وزراء خارجية المملكة الأردنية الهاشمية والمملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية، وكذلك إلى جامعة الدول العربية للمشاركة في اجتماع وزاري للجنة الرباعية والمُقرّر عقده في نيويورك يوم 30/9/2015.

وتابع أن هذه هي المرة الأولى التي تُدعى فيها الجامعة للمشاركة في اجتماع للرباعية على المستوى الوزاري وطرحت من سنوات فكرة السعي إلى إنهاء دورها، وذلك لكونها – كما نعرف جميعًا – تكتفي بإصدار البيانات التي تذهب أدراج الرياح، ولكن أرجو اليوم أن يكون هناك اهتمامًا حقيقيًا للقيام بعمل ملموس، ونأمل أن يتم التوصل إلى ذلك في الاجتماع المُقبل للرباعية في نيويورك.

وأكد على أن إطلاق عملية مفاوضات جادة وبنّاءة للتوصل إلى السلام في فلسطين تتطلب أن يتبنّى مجلس الأمن قرارًا واضح المعالم يُحدّد أسس ومرجعيات عملية المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، مع إقرار آلية تنفيذية تضمن الالتزام بتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه من خطوات باتجاه الحل النهائي، وذلك ضمن إطار زمني مُحدّد.

نزيف الدم السوري

وقال: لا تزال المعالجات المطروحة للأزمة السورية المتفاقمة، عاجزة عن وقف نزيف الدماء والدمار، ولايزال الشعب السوري يعاني المزيد من المآسي والويلات، نتيجةً لاستمرار هذه الأزمة التي أصابت البشر والحجر، مُهدّدةً بُنية الدولة السورية ومؤسساتها. كما أن تعقيدات الأزمة وتشابك تداعياتها تفرض علينا وبإلحاح ضرورة بلورة رؤية عربية فعّالة قادرة على التعامل مع مختلف أبعاد هذه الأزمة، وذلك بالتشاور والتنسيق مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية المعنية بمجرياتها، حتى يتمكن مجلس الأمن من الاضطلاع بمسئولياته السياسية والأخلاقية تجاه هذه الأزمة، وحتى يتمكن مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة السيد ستيفان دي مستورا من إحراز التقدم المنشود في الخطة التي طرحها لتنفيذ مقررات مؤتمر جنيف (1).

أشار إلى أن دي مستورا يقدم اليوم تقريرًا أمام المجلس لشرح مقترحاته وخطة تحركه المقبلة، وذلك خلال الجلسة المُخصّصة لبحث بند الوضع في سورية. وأرجو أن يتم بلورة خطة تحرّك مشتركة مع الأمم المتحدة في هذا الشأن.

إيلان أدمى القلوب

وتطرق العربى في كلمته إلى مشهد الطفل الغريق ايلان قائلا: إنه أدمى القلوب ويُذكّر بعمق الأزمة الإنسانية القاسية التي يتعرّض لها النازحين واللاجئين السوريين، والتي أصبحت اليوم على حدود الدول الأوربية.

وفي واقع الأمر، لابد أن ننظر للأمور في الإطار الصحيح، فالدول العربية المضيفة للاجئين السوريين وغيرهم لم تدخر جهدًا من أجل إغاثة هؤلاء اللاجئين، وكلنا يعلم أن الأردن ولبنان لديهما ما يزيد عن ثلاثة مليون لاجئ سوري، وهو ما يفوق طاقات هاتين الدولتين.

وكذلك العراق ومصر وتونس والسودان والجزائر وغيرها من الدول العربية التي تحمّلت الكثير، وبما يفوق قدراتها وإمكانياتها. كما أن الدول العربية المانحة ودول الخليج العربي قدّمت الكثير من المساعدات في هذا الشأن. وأنوّه في هذا الصدد بدور الدول العربية جميعها، وعلى وجه الخصوص استضافة دولة الكويت لمؤتمرات المانحين الدوليين الثلاث لدعم الوضع الإنساني في سورية، وذلك تحت الرعاية الكريمة لحضرة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت.

وشدد على أن وضع حدٍ لتفاقم أزمة اللاجئين، سواء تعلق الأمر باللاجئين السوريين أو العراقيين أو الذين يفرّون من جحيم تنظيم "داعش" الإرهابي، وما ينتج عنها من مآس إنسانية قاسية لا يمكن معالجتها جذريًا إلاّ عبر تضافر الجهود العربية والإقليمية والدولية، للإسراع بإيجاد الحل السياسي المناسب لإنهاء الكارثة السورية وعودة السلم وصيانة استقرار هذا البلد العربي العزيز وتحقيق تطلعات الشعب السوري الشقيق.

عاصفة الحزم
أشار إلى أن قرار قمة شرم الشيخ عبر عن موقف واضح في دعم عملية عاصفة الحزم في اليمن، التي تُنفذّها قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، والتي جاءت تلبيةً لطلب من الرئيس عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية اليمنية، والذي يُمثّل الشرعية في اليمن.

وأعرب العربى عن خالص التعازي والمواساة لحكومات دولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين والمملكة العربية السعودية، لاستشهاد عدد من جنودهم المشاركين في عملية "إعادة الأمل" في اليمن.

وقال: نتطلع أن تُفضي الجهود المبذولة إلى إقرار الحل السياسي المنشود للأزمة اليمنية تحت رعاية الأمم المتحدة، وفقًا للمرجعيات المُتفق عليها وهي قرارات مجلس الأمن وآخرها 2216 ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني والمبادرة الخليجية. وتواصل الجامعة العربية على نحو مستمر مشاوراتها في هذا الشأن مع الأمم المتحدة ومبعوثها السيد إسماعيل ولد الشيخ أحمد.

اتفاق سياسي في ليبيا

وتواصل الأمانة العامة، التشاور والتنسيق مع الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص بشأن ليبيا برناردينو ليون، جهودها لحثّ الأطراف الليبية على التوصل إلى اتفاق سياسي يُفضي إلى وقف القتال وحالة الانقسام حول خطوات إنجاز المرحلة الانتقالية، وأكد دعم قرارات الجامعة العربية للحكومة الشرعية المؤقتة المنتخبة في ليبيا، وضرورة توفير الدعم اللازم لها في مواجهة الإرهاب وبسط الأمن في ربوع البلاد، وذلك وفقًا لقرارات مجلس الجامعة ذات الصلة.

جزر الإمارات
وطالب إيران بالانسحاب من الجزر الإماراتية الثلاث التي تحتلها، والقبول باللجوء إلى محكمة العدل الدولية لحل النزاع مشيرا إلى ضرورة بذل الجهود الجادة من أجل متابعة تنفيذ قرار المجلس الوزاري الصادر بتاريخ 7/9/2014، والذي تضمن مجموعة من الخطوات الشاملة والجماعية المهمة لمكافحة الإرهاب وأنشطة الجماعات الإرهابية المتطرفة، وهذا أمر من المهم جدًا متابعته لكون المواجهة مع الإرهاب لا تقتصر فقط على المجالات الأمنية والعسكرية، بل تشمل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية والعقائدية والفكرية وغيرها من الأبعاد.

العراق والإرهاب

وأكد دعم الجامعة العربية للحكومة العراقية في حربها ضد الإرهاب، وفي كل ما تتخذه من تدابير وإجراءات لتطهير أراضيها من تنظيم "داعش" الإرهابي.

وأشار إلى أن التقرير المعروض على الوزراء يتناول أنشطة الجامعة، ومتابعته للتطورات في بقية الدول العربية، مثل مستجدات الوضع في الصومال، والتأكيد على دعم السودان في مساره الديمقراطي والحوار الوطني، إضافةً إلى الجوانب الأخرى الاقتصادية والاجتماعية والإعلامية والتعاون العربي مع التجمعات الدولية والدول الصديقة.

القوة العربية المشتركة
واختتم بأنه لابد من التأكيد على القرارات المهمة التي اتخذتها قمة شرم الشيخ الأخيرة، وخاصة القرار المتعلق بإنشاء القوة العربية المشتركة، والذي يُعدّ بكل المقاييس قرارًا تاريخيًا.

وأكد أهمية وضع هذا القرار موضع التنفيذ، نظرًا لكون تنفيذ هذا القرار يُمثّل إرتقاءًا نوعيًا للعمل العربي المشترك، كما أنه سيسهم في معالجة بؤر الأزمات المشتعلة في المنطقة. ولذا، فإنه من الضروري تكثيف المشاورات خلال الفترة المقبلة لعقد اجتماع وزراء الدفاع والخارجية العرب في أقرب وقت ممكن لاعتماد مشروع البروتوكول المطروح في هذا الشأن.
الجريدة الرسمية