رئيس التحرير
عصام كامل

موظفو «الائتمان الزراعي».. ضحية الفساد والانتخابات


العنوان عاليه يسلط الضوء على شريحة واسعة من المصريين.. يناهز عددهم الـ 23 ألفًا.. لم يتحدث عنهم أحد يومًا.. ولم يتطرق لمعاناتهم إنسان.. يتخبطون بين طاحونة الفساد والاستثناءات والرشاوى "بأنواعها" وإهدار المال العام، والتزوير.. وبين مفرمة المزايدات الانتخابية، والقرارات المتسرعة بغية اكتساب شعبية زائفة.


كلنا يذكر الرئيس الأسبق مبارك، وهو يطلق التصريحات، بين الحين والآخر، كلما احتاج لغسل وجه نظامه، لا سيما أثناء الحملة الانتخابية التي سبقت آخر انتخابات رئاسية قبل ثورة يناير 2011، عن إعفاء مزارعين من ديونهم لبنك التنمية والائتمان الزراعي.

وبديهي أيضًا أن وقائع الفساد تؤثر كثيرًا فى ميزانية البنك.. وقد وصلتني رسالة من أحد هؤلاء الموظفين المطحونين، تنبئ عن معاناة حقيقية يعيشها عشرات آلاف الموظفين.

تقول سطور الرسالة، التي أهديها لرئيس حكومة تسيير الأعمال، ووزير الزراعة الجديد:
«الدنيا كلها والبلد عمالين يتكلموا عن فسـاد الزراعـة والقائمين عليها، وعن مشاكل الفلاحين وفساد بنك التنمية، وتناسيتم، دون قصد أو عن عمـد، لا تفـــرق كثيرًا، 23000 موظف هم عجلة ووقود الإنتاج في هذا الصرح وعملهم في ظـروف سيئة للغاية.. ما بين إدارات فاشلة ومقار متهالكة وأجهزة سيئة ومنظومة عمل رديئة تعكس فشل وتخلف من قام بتأسيسها..

يطحـن الموظفون المغلوبون على أمرهم ما بين ضعف الرواتب وانعدامها ومتطلبات الحياة اليومية؛ مما دفعهم إلى طرق أبواب الرشاوى والاختلاس، من قبل بعض الموظفين أصحاب النفوس الضعيفة.. وعليه أطالب الدولة والقائمين على شئون البلاد بالنظر بعين الرحمة لهؤلاء الموظفين وأن تكفينا الدولة والحكومة شر تدخلاتهم غير المدروسة وقرارات الإعفاء من الديون وفوائدها، والتي تصدر بصورة مستفزة كل حين وآخر.. لأن هذه الأموال أموال مودعين ولا يملك مخلوق، كائنًا من كان، أن يتدخل في سياسة وطرق عمل البنك إلا من أجل الصالح العام، الذي يحافظ على حسن أداء وسير العمل بهذا الصرح العظيم».

ويقول صاحب الرسالة عن نفسه: «لك أن تعرف أن راتبي بعد 14 سنة من التعيين 1916 جنيهًا دون الحوافز.. وأن سلف وقروض الموظفين بالبنك تبلغ الفائدة عليها 10.5%، أي أنها تزيد على القروض الخارجية للفلاحين والمقترضين من خارج البنك.. وأن بدل مخاطر الحراسة للحارس حامل السلاح رغم ما يقع من مخاطر على هذه الوظيفه يبدأ من 7 جنيهات في بداية التعيين وتزيد حتى تصل إلى 27 جنيهًا بعد 35 سنة خدمة.. وحركة الترقيات متوقفة منذ 4 أعوام، وعندما فتحت تجاهلوا نسبة كبيرة من الموظفين وأصبحت مرة واحدة في السنة بعد أن كانت مرتين.. فضلا عن رفض البنك ضم مدة الخدمة العسكرية لموظفيه، علمًا بأنه قام بضمها لكثير من الموظفين أصحاب الحظوة، والمجاملات».

إلى هنا انتهت رسالة الموظف الذي استحلفني ألا أذكر اسمه خوفًا من بطش قياداته.. وأعتقد أن الحكومة الجديدة قررت فتح ملفات الفساد في البنك لوجدت الأهوال؛ مما سيلقي بمعظم شاغلي المناصب القيادية به خلف القضبان.. وما قضية يوسف عبدالرحمن ببعيدة عن الذاكرة والأنظار.. فاعتبروا يا أولي الأبصار!
الجريدة الرسمية