رئيس التحرير
عصام كامل

كارثة «وزير الموبايل» !


نهار أسود ومنيل. عدتين تليفون و6 بدل وعضوية نادي رشوة وزير؟ ده مش يتحاكم بس.. ده لو مدان لازم يتجزر.. لازم يندفن بالحياة.

هل هانت المناصب لهذه الدرجة ؟ هل تضاءلت أحجام شاغلى الوظائف الكبرى في بلدنا إلى هذا الحد؟


لو الرشوة جوهرة من النوع النادر.. تبقى مبلوعة. لو ساعة مرصعة بالألماظ، بالملايين.. لا مثيل لها إلا في يد ولى عهد النمسا.. كانت تمشى. إنما عدتين موبيل وعضوية نادي.. تبقى صغرت.. تبقى تضاءلت المناصب.. تبقى هانت الهيبة.. تبقى اتهببت على دماغ الذين يقولون أي كلام، منذ يناير.. حتى الآن.

معلوم.. ما هو لو رشوة الوزير عدتين موبايل.. وعضوية نادي، تبقى صغرت المناصب، وانهدمت الهيبة، وانزلقت صورة الرجال الكبار في البلد.

تبقى تضاءلت هيبة أعلى منصب تنفيذى كان ممكن يطمح فيه نبى آدم من مصر للشام.. ومن أمريكا لفيتنام.

تعرف يعنى إيه وزير؟

يعنى رجل دولة وهيلمان ورسم واسم بحق وحقيقى.. أو هكذا كان. لكن لماذا انقلب حال الوزراء اليوم.. ومن أين أتى هؤلاء؟

لا أحد يعرف.. لكن هناك أخطاء.

لذلك مفترض أن تعاد التقييمات، مفترض أن تعود المعايير. لا يكفى أن يكون الوزير معروفا بالعفة وبلا حسابات بنكية.. لم يعد يكفى لاختيار الوزير إدمانه ركوب أتوبيس النقل العام أو التنقل بمترو الأنفاق. هذا الكلام يصلح للدول المتقدمة.. ملك السويد عندما يركب التروماى اسمه ملك السويد.. الشعب غير الشعب والظروف غير الظروف.

عندنا معيار "ركوب المترو" لم يعد يكفى لاختيار الكبار ورجال الدولة. لأن الهيبة يجب أن تعود لرجال الدولة. بصراحة.. يجب أن يعود اختيار الكبار من طائفة "الشبعانين".. الوزير "الشبعان" لن يرتشى ببدلة وعدة موبايل.. الراجل "ابن الناس" لن تلمع في عينه عضوية النادي الأهلي.. أو كارنيه سوبر ماركت "وادى دجلة".

لعنة الله على يناير وسنين يناير وتدعايات ما بعد يناير. قاتل الله من يلقنون الشارع من وقتها أن ابن الناس حرامى، وأن ابن العائلة المحترمة "كلفتى". بينت الأحداث والشواهد أن هذا صحيح، تماما كما أنه ليس صحيحا أن نختار الوزير من ذوى البدل" المزيتة "، أو من أصحاب الدرجات الأخيرة في صفوف البيروقراطية الحكومية ضمانا لنظافة اليد.. والراجل"ما حيلتوش إلا مرتبة".

وثاروا على الوزير اللى قالك "ابن الزبال" ؟

كان له حق. بصراحة لا ابن الزبال ينفع مستشار، ولا ابن البواب يصلح للقضاء.

أيوه..عندك مثلا القضاء. القضاء هيبة.. وخلفية اجتماعية.. والوظائف الكبرى أيضا. سيبك من عصر النبى (ص)، وأن بلال ابن رباح وسالم مولى أبو حذيفة كانا عبدين.. الزمن اختلف، والظروف تغيرت. الدليل أن الوزير النهاردة بيزغلل عينيه موبايل " أي فون 6 ".. و4 بدل من "بوس".

للمناصب هيبة يجب أن تعود. والهيبة معايير.. ومحددات وظروف. صحيح الفرص يجب أن تبقى متاحة للنوابغ والمتميزين بصرف النظر عن الخلفية الاجتماعية، لكن الأصول أصول، والثوابت ثوابت.

ليس هذا كلاما طبقيا.. لا يجب أن نعتبره كذلك. هذا الكلام معمول به في أكثر الدول ديمقراطية.. وحرية.. لذلك تجد هناك الرشاوى على قدر المنصب.. وتليق بجلاله. لم نسمع في العالم عن وزير رشوة بموبايل.. وعضوية ناد، لم نسمع عن وزير ارتشى بتأشيرة حج.. أو بدلة "سينيه".


الأصل في الدولة الحقيقية ضمان "طبقة" صاحب المنصب وخلفياته. هذه محددات يجب أن تعود.. سيبك من أي كلام تانى.. وتهويمات لا أساس لها ولا علاقة لها بالواقع.

خذ عندك هذه الحكاية: سالنى صحفى إنجليزى زار مصر مرة عما إذا كانت حسابات القضاة على مواقع التواصل الاجتماعى تبعنا حقيقية.. من عدمه. استغرب الراجل مجتمع يظهر القاضى فيه باسمه ورسمه ويدلى بآرائه للعامة.. فيعرفه الجميع من وسيلة نشر علنية !

عنده حق.

ففى بلاد الإنجليز مثلا.. القضاة محجوبون.. ووكلاء النيابة محاصرون بألف قيد وقيد. وظائف أخرى مهمة تحيط بأصحابها ألف قيد في التصرف ومليون قيد في الاختيار.

وفى البلدان المتحضرة، كما أن هناك ضوابط لشغل المناصب الحساسة.. هناك آليات "شديدة الصرامة" لمحاسبة المتجاوزين.

لو في بلد غير بلدنا.. كانوا سحبوا الجنسية من وزير ارتشى بـ "عدتين موبايل".. كانوا نفوه.. أو ربما احتاروا في العقاب.
في رشوة الموبايل وعضوية النادي..لا يكفى الحبس. هي ليست جريمة.. هي كارثة اجتماعية لو تعلمون !

Twitter: @wtoughan
wtoughan@hotmail.com

الجريدة الرسمية