رئيس التحرير
عصام كامل

رئيس أساقفة الكنيسة الأسقفية بالشرق الأوسط: قانون الأحوال الشخصية اعتراف ضمني بتزاوج أبناء الطوائف

فيتو

  • >> هناك إغفال لدور الحضارة القبطية في صنع الإنسان المصري
  • >> أخشى أن يكون في بلادنا أحزاب دينية مسيحية وأخرى إسلامية
  • >> لولا وجود بيت العائلة لسمعنا عن الكثير من الفتن
  • >> مجلس كنائس مصر لازال في مهده
  • >> تنوع الفكر اللاهوتي يثري الكنائس
  • >> تواجد الكنيسة الأسقفية بمصر يسبق الإنجيلية بـ15 عاما
  • >> ما يشاع عن انضمام الكنيسة الأسقفية للمجلس الملي الإنجيلي غير صحيح
  • >> ممثلو الكنائس توافقوا على القانون الموحد بنسبة 98%
  • >> الكنائس المصرية وقعت على قانون الأحوال الشخصية الموحد في عهد شنودة 
  • >> تزاوج أبناء الطوائف المختلفة مباح بموجب القانون الموحد



كشف المطران الدكتور منير حنا أنيس، رئيس أساقفة الكنيسة الأسقفية في الشرق الأوسط ومطران إيبارشية مصر وشمال أفريقيا والقرن الأفريقي، عن أن الكنائس توافقت على إلغاء مادة التبني رغم تواجدها بالشرائع المسيحية، ليتم إقرار قانون الأحوال الشخصية الموحد، مؤكدا أن الكنائس لم توقع مجددا على القانون، وإنما يسرى بالتوقيع في عهد البابا شنودة.

وقال في حوار لـ"فيتو": إن شرائع المسيحيين تتيح التبني، ولكننا لا نستطيع العمل بها في ظل القوانين الحالية.

ونفى ما يزعمه البعض، من أنهم جزء من المذاهب التي تتبع الكنيسة الإنجيلية، مؤكدا أن وجود الكنيسة الأسقفية في مصر يسبق ظهور الإنجيلية بنحو 15 عاما.

وأشار إلى أن القانون الموحد اعتراف ضمني بتزاوج أبناء الطوائف المختلفة، مادام لا يعتبر تغيير مذهب أو ملة أحد الزوجين ذريعة للطلاق، وهو ما توافقت عليه الكنائس ومن بينها الأرثوذوكسية.

وإلى نص الحوار:


* باعتبارك عضوا في بيت العائلة.. ما ردك على الانتقادات التي توجه له بأنه غير متواجد على أرض الواقع؟
بيت العائلة المصرية تكون منذ 3 سنوات، ولازال بمرحلة الطفولة المبكرة، ورغم ذلك استطاع إنشاء فروع له بعدد من المحافظات، ويعمل على حل الكثير من الأزمات، ولولا وجوده لسمعنا عن الكثير من الفتن.. ولاسيما أن هناك مشروعات أنجزها وأثمرت الكثير منها لقاءات الأئمة والقساوسة، التي تركت أثرا طيبًا، كما طلبت بعض الدول الأوربية مثل هولندا وإنجلترا وألمانيا بإنشاء فروع لبيت العائلة هناك.

* البعض يرى أن مجلس كنائس مصر لم يحقق هدفه المنشود للوحدة، في ضوء مطالب البعض بأن تكون الوحدة تحت مظلة كنيسة وطائفة واحدة؟
مجلس كنائس مصر لازال في مهده، نتحدث ونتحاور تحت مظلته، ولولا إيمان البابا تواضروس بالعمل الوحدوي بين الكنائس ما تحقق هذا المجلس، إضافة لمباركة البابا الراحل شنودة لهذا المجلس والإعلان عنه قبل أسبوع من وفاته.. ونتمنى أن نكون خلف مذبح واحد، والوحدة لا تعني مشاركتنا جميعا في شكل واحد، وإنما تنوع الفكر اللاهوتي يثري الكنائس.

* ماذا عن المشكلة القائمة بين الكنيستين الأسقفية والإنجيلية.. وهل بالفعل أنتم أحد مذاهب الإنجيلية؟
الكنيسة الأسقفية تواجدها بمصر يسبق الإنجيلية بنحو 15 عاما، فكانت أول قطعة أرض تمنح من محمد على باشا لبناء كاتدرائية القديس مار مرقس التابعة للكنيسة الأسقفية عام 1839، وإنما الكنيسة الإنجيلية وجدت في مصر رسميا 1854، أي عقب وجود الأسقفية، والطائفة الإنجيلية - حسب نشأتها - جاءت من الرسالة الهولندية والكنيسة المشيخية، أما الأسقفية فإنها طائفة معتمدة بذاتها من الطوائف التي لها رئاسة خارج القطر المصري، والكنيسة الإنجيلية لها رئاسة داخل القطر المصري، وما يشاع عن انضمام الكنيسة الأسقفية للمجلس الملي الإنجيلي أمر لم يحدث إطلاقًا، ولكن نظرا لصداقة مطران الكنيسة الأسقفية الراحل مع الراحل رئيس الطائفة الإنجيلية صموئيل حبيب، كانا يتعاونان معا في الكثير من الخدمات، ولم تكن الأسقفية يوما تحت رئاسة الإنجيلية.

* ما هي آخر مستجدات قانون الأحوال الشخصية الموحد للمسيحيين؟
اجتمع ممثلو الكنائس جميعها ووضعوا قانونا موحدا توافق عليه الجميع بنسبة تصل لـ98%، وكانت نقاط الاختلاف نتيجة عدم إيمان الكنيسة الكاثوليكية بالطلاق وفقا للائحتها الخاصة، وأيضا الروم الأرثوذكس لهم لائحة خاصة بها بعض البنود التي تتعارض مع نقاط بسيطة، والإنجيلية كانت تتحاور فيما بينها حول أمر الزواج المدني؛ لأن الكنائس الأخرى رفضت وضعه بين بنود القانون، وتوصلنا لوضع ملحق لمشروع القانون الموحد، يحمل رؤية كل كنيسة، إلى جانب إرسال كل كنيسة للائحتها الخاصة لوزارة العدالة الانتقالية.

* قيل إن الكنائس لم توافق على القانون الموحد ولهذا لم توقع عليه.. فما ردك؟
الكنائس المصرية وقعت على قانون الأحوال الشخصية الموحد منذ عام 1998، في عهد البابا الراحل شنودة الثالث، ولذلك كانت اجتماعاتنا خلال الفترة الماضية؛ للتوافق على بنود القانون، وهو ما حدث ولسنا بحاجة للتوقيع مجددا مادام هناك توافق وتوقيع سابق.

* القانون الموحد يلغي إباحة الانفصال أو الطلاق حال تغيير أحد الزوجين الملة.. هل ذلك يعطي الحق لتزاوج أبناء الطوائف؟
بالطبع.. إنه يعطي حق تزاوج أبناء الطوائف المختلفة من بعضهم البعض، وإن لم يكن هناك نص صريح على ذلك، وعدم جواز الطلاق في حالة تغيير الملة والمذهب يعني أحقية التزاوج وارتباط أبناء الطوائف ببعضهم.

* من المعروف أن لوائح الكنيسة الأرثوذكسية لا تبيح زواج أبناء طائفتها من الطوائف الأخرى.. ويشترط أن يكون الزوجان معمودية أرثوذوكسية أي متحدي الطائفة.. ما رأيك؟
في اعتقادي أن توافق الكنيسة الأثوذوكسية بأن اختلاف الملة أو المذهب لا يكون ذريعة للطلاق أو الانفصال، يعد اعترافا ضمنيًا على موافقه تزاوج أبناء الطوائف، والتوافق على سر الزيجة بين الطوائف هو أمر أكبر بكثير من اتحاد المعمودية من عدمه.

* إذن هل أغلقت الكنائس باب الانضمام إليها ممن يريدون الانتماء لها وترك طائفة أخرى أرثوذوكسية أو كاثوليكية أو غيرها؟
حتى الآن قبول العضويات لازال يخضع لشروط وهي الجدية في الانضمام للطائفة، واستمرار مريد الانضمام بالحضور للكنيسة والاجتماعات مدة عام، ويكون مسجلا بالعضوية داخل الكنيسة؛ لأنني لا أرغب إعطاء شهادة لكل مريدي الانضمام، بغرض حل أزمة الزواج والطلاق فقط؛ لأنه وقتها يكون أمرا غير روحي.

* رأيك فيما قاله وزير العدالة الانتقالية بأن نص التبني تم إلغاؤه لتعارضه مع الشريعة الإسلامية.. فما هي فائدة المادة الثالثة من الدستور إذن؟
الكنائس توافقت على إزالة البند الخاص بالتبني من مشروع قانون الأحوال الشخصية لكي يتم إقرار القانون، وإنما شرائع المسيحيين تتيح التبني، ولكننا لا نستطيع العمل بها في ظل القوانين الحالية، وإن كان الدستور يمنح المسيحيين واليهود العودة لشرائعهم الدينية ويجب تطبيق الدستور لأنه فوق كل قانون.

* كيف ترى الثورات المصرية من 23 يوليو حتى 30 يونيو؟
لا أعرف الثناء أو الإطراء، ولكنني أنحني تقديرًا للجيش المصري الذي حافظ على البلاد ويؤازر ويساند الشعب لتحقيق رغباته، وثورة يونيو أخرجت البلاد من كبوة التمييز والإقصاء وضياع ملامح الهوية المصرية الأصيلة خلال حكم الإخوان، وانتفض الشعب ليخرج بالملايين، ما دفع الجيش لتدعيم الإرادة الشعبية، وهو أمر عظيم قل ما يحدث بين شعوب العالم.
أما عن ثورة 25 يناير، فإنها اختطفت من فصيل بعينه، رغم أنه كانت لها أهداف نبيلة ومطالب شعبية أيضًا، وشابها إراقة الدماء وأحداث متلاحقة.

* هل يستطيع الإخوان أو غيرهم خداع المصريين مجددا؟
لن يستطيع أحد خداع المصريين، والشعب بات واعيا يدرك ويعرف تماما من يحب بلاده ومن يهدف لإسقاطها، ومن يريد سلاما ومن يسعى للإرهاب وإراقة الدماء.

* ما رأيك في توجيه اتهامات لشباب الثورة بالخيانة والعمالة؟
دائما عقب الثورات تعيش البلاد حالة من فقدان الثقة بين أبناء الشعب الواحد، وتظل فترة ثم تندثر، وأنا ضد التخوين تمامًا وعلينا بناء الثقة بين أبناء الوطن من خلال حوار مجتمعي بين الشباب؛ لإعادة بناء جسور الثقة معهم لتستفيد البلاد بطاقاتهم.

* ما رأيك في خطوات الدولة لمواجهة الإرهاب؟
البلاد باتت أكثر أمنا وأمانا خلال الفترة الحالية، إنما الحرب ضد الإرهاب طريق طويل وليس قاصرًا على المواجهة العسكرية أو البوليسية، إنما هي حرب فكرية بالأساس، وعلينا أن ندرك أن الأفكار المتطرفة لازالت عالقة ببعض العقول والأذهان، ومواجهتها تحتاج لتطوير التعليم ونشر التنوير، ومواجهة الفكر بالفكر، وهو أمر لا يحدث بين ليلة وضحاها، والرئيس السيسي أكد مرارا وتكرارا، أن مواجهة الإرهاب مسئولية الجميع رجال الفكر والإعلام، بل المصريين جميعًا، خاصة أن الشعب المصري بطبعه ينبذ العنف، وإنما الأفكار المتطرفة هي أمر دخيل عليه.

* هل ترى أن المناهج التعليمية تغفل دور الأقباط؟
كمسيحي تعلمت بالمدارس الحكومية، أقدر ما تعلمته عن الحضارة الإسلامية، ولكن على الجانب الآخر، لا يوجد ما يكفي لتعليم الطلاب عن عطاء الحضارة القبطية المسيحية، وكيف أثرى الأقباط الحياة الاجتماعية والتنموية والثقافية، وتبوء بعضهم مناصب عليا مكرم عبيد وبطرس غالي.
وحقيقة الأمر هناك إغفال لدور الحضارة القبطية في صنع الإنسان المصري، رغم أن المصريين يمتلكون مزيجا من الحضارات الفرعونية والقبطية والإسلامية والرومانية واليونانية أيضا، وتسليط الضوء على الحضارة القبطية يرسخ فكرة قبول الآخر والتنوع، إلى جانب ضرورة مشاركة الطلاب المصريين في زيارات للمساجد والكنائس؛ لأنها جزء من حياتنا المصرية الأصيلة.

* هناك اتهامات للرئيس بإحداث فراغ تشريعي بالبلاد لإحكام قبضته على القوانين.. فما رأيك؟
خارطة الطريق تشمل الانتخابات البرلمانية، ولا يمكن اتهام الدولة أو الرئيس بأنه لا يرغب في وجود برلمان؛ لأنه سبق واتهم بالتعجل في إصدار قوانين الانتخابات، كيف إذًا يوجه للدولة أو الرئيس اتهام الآن بأنه لا يرغب في وجود برلمان، هذا نوع من التناقض، الدولة تريد برلمانا لتظهر صورة مصر الديمقراطية أمام العالم؛ لأنه لا بد من وجود ممثلين للشعب في صنع القرار.
وأثق بأنه قبل نهاية العام سيكون هناك برلمان منتخب، ويتعين أن يكون أعضاء المجلس ممثلين للمصريين تشريعيًا وليسوا خدميًا ويكون أول اهتماماتهم هي مصر.

* توقع المطران "منير حنا" لتوليفة البرلمان ما بعد ثورتين؟
بالطبع.. سيكون برلمانا ممثلا لكل طوائف الشعب دون إقصاء لأحد أو غالبية لأحد، إنما سيكون متوازن القوى بين التيارات الفكرية الموجودة بمصر، بما فيها التيارات الإسلامية.
وباعتقادي، أن تنوع البرلمان يثري المجلس ويضيف لتجربة مصر الديمقراطية، بغض النظر عن الخلفيات؛ لأن حجب خلفية بعينها أمر غير مقبول إلا بموانع قانونية، ويجب أن يكون أول مؤهلات البرلماني هو انتماؤه لمصر قبل الانتماء الحزبي أو الفكري أو الديني.

* هل تؤيد الفصل في مشروعية الأحزاب ذات الخلفية الدينية قبل انتخاب النواب؟
هناك نص دستوري صريح بعدم جواز تكوين أحزاب على أساس ديني، ويجب احترام الدستور، وأخشى أن يكون ببلادنا أحزاب دينية مسيحية وأخرى إسلامية، ويتعين أن يكون البرلمان لرفعة الوطن وتقدمه دونما يختلط بالأهداف الدينية.
الجريدة الرسمية