رئيس التحرير
عصام كامل

المايسترو صالح سليم تاريخ من الشموخ داخل القلعة الحمراء «بروفايل»

فيتو

يحتفل النادي الأهلي وجمهوره بذكرى مولد «المايسترو» صالح سليم رقم 85 ويعد أحد أشهر رموز القلعة الحمراء على مر التاريخ منذ تأسيسها عام 1907 حتى الآن ويسعى الجميع لينفذ فكره ويطبق مبادئه.




النشأة والبداية

في الحادي عشر من سبتمبر عام 1930 رزق الدكتور محمد سليم الجراح الشهير وزوجته السيدة زين الشرف بطفلهما صالح سليم، الذي أصبح فيما بعد واحدا من أشهر رموز النادي الأهلي.

عشق صالح سليم كرة القدم وأخذ يمارسها بالحي الهادئ بمنطقة الزمالك حتى بلغ سن الرابعة عشرة من عمره فالتحق بصفوف الناشئين بالنادي الأهلي عام 1944 وانتقل في نفس العام لصفوف الفريق الأول.

ولعب بالفريق الأول حتى عام 1963 قبل أن يترك النادي للاحتراف في فريق جراتس بالنمسا، ثم عاد مرة أخرى للنادي الأهلي لإكمال مسيرة نجاحه التي بدأها.
لعب صالح سليم أول مباراة له ضد نادي المصرى عام 1948 وانتهى اللقاء بفوز النادي الأهلي بثلاثة أهداف نظيفة، ولعب صالح سليم في الجناح الأيسر وأحرز في المباراة هدفًا قبل نهاية اللقاء. 

ولعب أول مباراة رسمية له مع النادي الأهلي في أول بطولة دوري رسمية عام 1948 أمام نادي الجالية اليونانية بالإسكندرية.

وفى عام 1967 قرر المايسترو التوقف واعتزال كرة القدم لكن لم تتوقف مسيرته مع الكرة بالاعتزال، حيث عمل بالنادي كمدير للكرة عام ١٩٧١ حتى عام ١٩٧٢ حين قرر خوض انتخابات مجلس إدارة النادي الأهلي بعد انتخابه لعضوية مجلس الإدارة، وحصل على نسبة 45% من الأصوات بفارق ضئيل عن رئيس النادي الفريق أول عبدالمحسن كامل مرتجى. 

ولم ييأس صالح سليم، بل خاض الانتخابات للمرة الثانية في عام 1980 واستطاع الفوز برئاسة مجلس إدارة النادي الأهلي، وقد سانده نجوم النادي الأهلي في ذلك الوقت محمود الخطيب، مصطفى يونس، ثابت البطل، مجدي عبد الغني والكثير من أعضاء النادي الذين زاد عددهم بصورة كبيرة. 

استمر صالح سليم في رئاسة النادي الأهلي حتى عام 1988 حين قرر الابتعاد عن الساحة وترك الفرصة للآخرين لخوض التجربة، إلا أنه لسوء نتائج النادي الأهلي كان من الضرورى عودة صالح سليم لإعادة الاستقرار مرة أخرى للنادي الأهلي وكان ذلك في العام 1990.

وشهدت رئاسته للأهلي تحقيق أغلب بطولات النادي وقاد صالح سليم الأهلي حتى عام 1992، وجرت الانتخابات أعوام 1996 و2000 واستطاع صالح سليم باسمه وإنجازاته إحلال الاستقرار داخل النادي الأهلي.

وبشعاره المعروف «الأهلي فوق الجميع» ومقولته الشهيرة: «الأهلي ملك لمن صنعوه، ومن صنعوه هم مشجعوه» حاز صالح سليم احترام ومحبة مشجعي ومتابعي الكرة في مصر، وليس مشجعي النادي الأهلي فقط، لإخلاصه وحبه للنادي الأهلي وعطائه الذي استمر حتى وفاته عام 2002.

حياته الشخصية

والد صالح سليم هو الجراح المعروف آنذاك «محمد سليم»، ووالدته هي السيدة «زين الشرف» تعرف والد صالح سليم على والدته عندما كان يجري لها عملية جراحية خلال إقامتها مع عائلتها في مصر. 
تعرف صالح سليم على زوجته السيدة «زينب لطفي» على متن باخرة متجهة إلى «الحوامدية» فأعجب بها وقررا الزواج وقوبل هذا القرار بالاعتراض من قبل والد صالح ووالد «زينب لطفي» بسبب عدم إكمال صالح لدراسته الجامعية، فقُرر تأجيل إقامة حفل الزفاف حتى إنهاء صالح دراسته. 

وبالفعل بعد أن أنهى صالح دراسته الجامعية وحصل على شهادة «بكالوريوس التجارة»، تزوج «زينب لطفي» واستمر الزواج حتى وفاة صالح سليم، وأنجبت ابنيه هشام سليم وخالد سليم، وكانت هذه الزيجة الوحيدة في حياة صالح.

إنجازات وألقاب

كان صالح سليم دائمًا داخل القائمة الأساسية للنادي الأهلي والمنتخب المصري حتى اعتزاله عام 1967 واستطاع صالح سليم أن يحقق مع النادي الأهلي 11 بطولة دوري من أصل 15 بطولة شارك فيها منذ بداية الدوري عام 1948، كذلك حقق مع النادي الأهلي بطولة كأس مصر 8 مرات وأحرز مع فريقه كأس الجمهورية العربية المتحدة عام 1961.

وعلى المستوى الدولي انضم صالح سليم إلى منتخب مصر لكرة القدم عام 1950، وكان قائد الفريق الذي فاز بكأس بطولة الأمم الأفريقية عام 1959 بالقاهرة، كما شارك مع المنتخب الوطني في دورة الألعاب الأوليمبية بروما عام ١٩٦٠.

سجل صالح سليم 101 هدف في حياته الكروية، منهم 9 أهداف سجلها خلال فترة احترافه في النمسا مع فريق جراتس، و92 هدفًا أحرزهم مع النادي الأهلي في بطولتي الدوري والكأس.

إنجاز شخصىي

حقق صالح سليم إنجازًا شخصيًا كونه اللاعب الوحيد الذي أحرز سبعة أهداف في لقاء واحد، وكان ذلك أمام النادي الإسماعيلي، في مباراة أحرز فيها الأهلي ثمانية أهداف، أحرز النادي الأهلي في عهده كرئيس للنادي 53 بطولة، وإحرازه هو وجيله من اللاعبين الدوري ٩ مرات متتالية، وهو رقم لم يكسر حتى الآن.

تاريخه الفني


شعبية صالح سليم كانت وراء دخوله المجال الفني والسينمائي وشارك في عدة أفلام سينمائية منها فيلم السبع بنات، وفيلم الشموع السوداء أمام الفنانة نجاة الصغيرة، وفيلم الباب المفتوح أمام سيدة الشاشة العربية الفنانة فاتن حمامة.

الجدير بالذكر أن صالح سليم تلقى الكثير من العروض من قبل أصدقائه الممثلين والمخرجين للقيام بتمثيل أدوار أخرى في السينما، لكنه رفض كل العروض التي قدمت له بهذا الخصوص مؤكدًا أنه "غير ناجح" على الصعيد الفني.

مرضه ووفاته

بدأت رحلة صالح سليم مع مرض سرطان الكبد عام ١٩٩٨ عندما كان يقوم بفحوصاته الدورية التي يجريها كل ٦ أشهر لدى طبيبه. 

أعلم الطبيب «صالح» بأنه مصاب بمرض السرطان، وعند مناقشة صالح لأطبائه لبدء العلاج أخبروه أن الورم السرطاني الذي ظهر في نصف كبده لا يمكن استئصاله لأن النصف الآخر من كبده مصاب بتليف بسبب إصابته في وقت سابق من حياته بفيروس سي، وكان سنه لا يسمح بإجراء زراعة للكبد ولم ييأس صالح، بل رضخ لنصائح الأطباء بإتباع أسلوب جديد للعالج، ألا وهو العلاج الكيماوي الموضعي.

كما نصحه الأطباء باتباع "علاج حراري" إلى جانب العلاج الكيماوي، وذلك لقتل الخلايا السرطانية والتزم صالح سليم بالعلاج الذي اقترحه أطباؤه، وكان يداوم على زيارة لندن لمتابعة حالته الصحية والوقوف على تطوراتها، إلا أنه لم يفصح للرأي العام عن سبب زياراته المتكررة للندن وعن خروجه المتكرر إلى خارج البلاد. 

هذه التساؤلات التي دائمًا ما كان يجيب عنها صالح بأنه "يسأم من تواجده لفترة طويلة في القاهرة" أدت إلى اتهام صالح بالإهمال في إدارة النادي الأهلي. 

ولم يفقد صالح ثباته وعزيمته في مواجهة المرض، ولم ييأس حين وجهت له تهم الإهمال، بل فضل عدم الإفصاح عن مرضه للرأي العام لاعتقاده أن مرضه "شيء يخصه وحده". من جهة أخرى، ازدادت حالة صالح سليم الصحية سوءًا، فانتشرت الخلايا السرطانية إلى خارج الكبد وانتقلت إلى الأمعاء فاضطر الأطباء إلى إجراء عملية استئصال لأجزاء من الأمعاء، لكن ساءت حالة صالح الصحية ودخل في "غيبوبة متقطعة" إلى أن وافته المنية صباح يوم السادس من مايو عام ٢٠٠٢ عن عمر يناهز ٧٢ عامًا، وشيع جثمانه مئات الآلاف من المصريين.

مواقف تاريخية

وفي عام 1995 أثناء مباراة نهائي البطولة العربية للأندية بين الأهلي المصري والشباب السعودي، غضب صالح سليم رئيس النادي الأهلي قبل بداية المباراة لاكتشافه أن رجال الرئيس الأسبق حسني مبارك اختاروا له مقعدًا في نهاية الصف الأمامي من المقصورة الرئيسية لملعب القاهرة خلف الوزراء والضيوف، فغضب بشدة وقرر الانسحاب ومغادرة الاستاد من أجل كرامة النادي الأهلي، صاحب الحفل ومستضيف الحدث" رافضا الجلوس بالصف الثاني.

وعلى الفور جرت اتصالات وضغوط على المايسترو لكنه أصر على موقفه وانتهى الأمر برضوخ رجال الرئيس لرغبته، وجلس المايسترو بجانب الرئيس الأسبق الذي علم بكواليس ما حدث وطلب مصالحة رئيس الأهلي والجلوس بجواره، في الوقت الذي جلس فيه رئيس الوزراء بعيدًا عن الرئيس، لينتصر الأهلي وليُثبت فيه أنه الأقوى من رئيس الجمهورية نفسه.

رفض الانصياع لمبارك

موقف آخر يؤكد على قوة صالح ومواقفه التاريخية مع النظام وهو رفضه طلب الرئيس الأسبق، مبارك، في عام 2002، بعد حادث قطار الصعيد، حين اتفق مبارك مع إبراهيم نافع، رئيس مجلس إدارة الأهرام في ذلك الوقت، على إقامة مباراة بين الأهلي والزمالك لصالح ضحايا الحادث.

وجاء رفض صالح خوض اللقاء لعدم إبلاغه وأخذ رأيه، وتم الإعلان عن المباراة ونشر الخبر في جريدة الأهرام ووقتها عرف صالح الخبر فرفض إقامة المباراة.

وهددت مؤسسة الأهرام وقتها صالح إذا لم يوافق على إقامة المباراة، لكنه أصر على عدم لعب المباراة، وقال أبلغهم ردي،: (لو حسني مبارك مصمم يلعب هذه المباراة يكلف 11 موظفًا من رئاسة الجمهورية للعب أمام الزمالك، ولو أصر إبراهيم نافع على إقامتها فليأتي بـ 11 صحفيًا من الأهرام للعب أمام الزمالك، طول ما صالح سليم عايش الأهلي مش هيلعب هذه المباراة» وتصدى صالح لمبارك في عز سطوته وللأهرام في عز قوتها، ولم يهتز ولم يلعب هذه المباراة»

الجريدة الرسمية