الإعلام المصري المنحدر
نعم هناك ثورة، نعم هناك تحديات، نعم هناك مرحلة حرجة.. لكن هناك قاعدة إعلامية ألا يتحول الإعلامي إلى ناقد ينتصر لطرف ضد آخر وألا يكون للإعلامي رأيه الشخصي على أي موضوع يناقشة إنما التزام كامل بالحيادية والصدق في مناقشة أي موضوع وان سلك الإعلامي غير ذلك سيتحول الإعلام إلى اعلام تعبوي ويتحول المشاهد إلى ماريونت يتم اقتياده.
غريب أمر مصر في هذه المرحلة تحول العديد من الإعلاميين إلى مخبرين ومرشدين، بل إلى طغاة وقضاه أيضا، بل بامتياز فاق العديد منهم اعتى الخارجين عن القانون في تهديدهم للاخر واصبح التخوين سمة العصر.
من طرائف الإعلاميين خروج أحد أصحاب الوجوه اللامعة في كل العصور، مصرحا للطالبة مريم منتقدًا مطالبتها بحقها بعد تزوير فج في ورق الإجابة " لو مش عاجبك سيبي البلد ". وهنا لم يتطرق الإعلامي إلى رأي شخص ما، بل صرح برأيه الشخصي وكأن مصر أصبحت ملك السيد "أبيه"، فيمنح البقاء والمغادرة لمن ليس على هواه. إنها صورة تعكس إعلاما فاشلا بكل القواعد والمقاييس المهنية الإعلامية إلى "القمامة" حتى يتحول إلى قاض أمام المشاهدين.
مراسل لجريدة مصرية في وزارة الداخلية، تحول إلى إعلامي في إحدى القنوات الخاصة ووجد نفسه أمام ميكروفون وشاشة ومشاهدين. وسط هذه الهوجة نزل من إعلامي إلى فتوة تارة، ومحام تارة، إلى بلطجى للنظام، رغم أن النظام باق ليس بكلماته، بل بإيمان الشعب به وبثقته بقائد الثورة.
إعلام محاب ووجوه تجيد العنتريات والسباب على كل شاشة، تجدها تلف على كل القنوات، وسط ترحيب وتهليل لعدد من الإعلاميين الذي ركبوا قطار الثورة قبل فوات الاوان، ليطبلوا ويرقصوا على النظام الحالى، معتقدين أنهم صمام أمان النظام، على الرغم من كلمات الثائر مارتن لوثر كينج حقيقة ساطعة " السلام الكامل ليس معناه غياب الصراع إنما إقامة العدالة ".
إعلام دون قضية سلفى أصبح يبحث في ملابس الفنانات والفنانين. إعلام يبحث في غرائز البشر، فأصبح بدلًا من مناقشة قضايا وطنية مثل التعليم والصحة والعمل، أصبحت قضايا طول فتحة الصدر وعلاقتها برفع درجة التهافت الجنسي لدى المشاهد.
إعلام الوجوه الثابتة كل من الإعلاميين لم تتغير في شكلها، وإنما تتغير في لونها تارة مباركية وأخرى... و... من الغريب أن كلماتهم عن كل رئيس كأنه الصديق اللصيق وحامل أسراره.. بلا خجل.
إعلام سلفى، موضة جديدة، ظهور عدد من الإعلاميين المحسوبين على القنوات الخاصة، كلمتهم عبارة عن وعظ وإرشاد، تخلوا عن دورهم الإعلامي أمام الميكروفون، وتقمصوا شخصية إحدى جماعات الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، ويبحثون ويدينون الجميع وكأنهم مجموعة من الملائكة، مما يحول وسائل التواصل الاجاتماعى إلى البحث عن ماضيه وماضي ذويهم.
بكل أسف الإعلام المصرى بنظرة سريعة تتأكد أنه إعلام غير ناضج، سقط العديد من الإعلاميين في العنصرية وآخرون سقطوا في النرجسية ومنهم من سقط في مستنقع السلفية.
وأخيرا متى نرى إعلاما وطنيا له مسئولية قومية وليست مسئولية تطبيلية أو تدجينية أو اكروباتية؟