رئيس التحرير
عصام كامل

إعلام الحكومة.. محلب بين الجنزوري ونظيف!


فور تولي الدكتور كمال الجنزوري رئاسة الوزارة في نهاية التسعينيات، أصدر تعليماته بأن تقوم كل وزارة وكل محافظة وكل هيئة حكومية بتأسيس إدارة خاصة للتعامل مع الإعلام والرد على كل ما ينشر في الصحف وكل وسائل الإعلام.

وفي داخل الوزارات والمحافظات، تأسست إدارات فرعية للغرض نفسه، فكنا نجد مثلا إدارة للعلاقات العامة والإعلام في أحياء ومدن وقرى وهيئات عامة مثل النقل العام التي تتبع أصلا محافظة القاهرة، وكان في الإمكان أن تتولى إدارة الإعلام بمحافظة القاهرة الرد على ما ينشر عنها، إلا أنها آثرت إنشاء إدارة خاصة بها.. وهكذا فعل غيرها وغيرها من الهيئات والمؤسسات!

كانت فكرة الجنزوري لا تتلخص في احترامه للإعلام والصحافة فقط، رغم اتهامه بالديكتاتورية وضيق الصدر.. إنما كانت نظريته تسعى إلى تفكيك الضغط على الحكومة وامتصاص غضب المواطنين، وتفريغه بعيدا عن النظام السياسي من خلال حل مشكلاته مباشرة أو من خلال إشعاره باهتمام الدولة بصرخته وشكواه حتى لو لم تحلها!

كنا نتلقى يوميا بلا أدنى مبالغة، عشرات الردود بعضها موقع بأسماء الوزراء أنفسهم كما كان يفعل الدكتور مفيد شهاب مثلا، فضلا عن الاتصالات الهاتفية - بلغت حد بكاء الدكتور شهاب نفسه في إحداها، ولكن لهذا قصة أخرى - وما يعنينا هنا هو إهمال كل ذلك بعد تولي أحمد نظيف رئاسة الوزارة، وصارت الفوضى وعدم الثقة هي حال العلاقة بين الحكومة والصحافة وأجهزة الإعلام، وتطور الأمر يوما بعد يوم حتى حدث الانفجار في يناير!

اليوم.. وقد تضاعفت وسائل الإعلام.. وتزايدت أدواتها ودخل الإعلام الاجتماعي ومواقع التواصل على الخط وأصبحت الفرصة لخلق الشائعات وترويجها أخطر وأسهل وأسرع بكثير مما سبق.. حتى أننا نجد كل يوم شائعة جديدة.. من استثناء ضباط الجيش والشرطة والقضاة من التوزيع الجغرافي، إلى صرف مكافآت للقضاة إلى زيادة أسعار الكهرباء وغيرها وغيرها.. وللأسف تظل طريقة التعامل مع الشائعة قديمة وغير فعالة، ولا تضع في الاعتبار تطور وسائل الإعلام الحديثة.

وينتبه الإعلام الحكومي لذلك بعد خراب مالطة؛ حيث يكون الهدف من الشائعة قد تحقق، وهو البلبلة والتأثير على الروح المعنوية للمصريين، وإحباطهم وتشويه إنجازاتهم.. وبعد أن يتم ذلك يبحث المسئول المستهدف عن وسيلة أو مناسبة لنفي الشائعة!

هؤلاء لا يقدرون الظرف الحالي وما فيه من مواجهة مخطط لها بإتقان، يقع فيها الكثيرون بحسن نية أو بالجهل لما يواجهونه، وخلف هؤلاء يقف إعلام مجلس الوزراء نفسه يستمد منه هؤلاء الفشل المركب، فلا هو ضرب المثل ولا هو قدم القدوة!

على رئيس الحكومة تنشيط الإعلام في ديوانه أولا، ومنه إلى كل دواوين الحكومة ومؤسساتها، وعليه أن يقود بنفسه ثورة للإعلام يواجه بها أو ييسر ويسهل مواجهة إعلام خبيث يريد بهذا البلد الآمن شرا.. ومعه يحترم مواطني شعبه، وبدلا من أن يلتقي بعضهم - في تصرف محمود وطيب - أن يحترمهم جميعا ويرد ويتفاعل مع ما ينشرونه ويعانونه ويصرخون منه!!
الجريدة الرسمية