«الجاسوسية» سلاح «تل أبيب» لفرض الوجود الصهيوني.. كتاب إسرائيلي يرصد كيفية تصفية عناصر المقاومة الفلسطينية في بيروت.. وحدة «قيساريا» ذراع الموساد لتعقب المرشحين للاغتيال.
لم تكف إسرائيل منذ زرعها كسرطان ينخر في المنطقة عن دس جواسيسها داخل الدول العربية، ويوجد داخل دولة الاحتلال من يعترف بذلك ويوثقه كما الحال في الكتاب الصادر بتل أبيب تحت عنوان "ياعيل – مقاتلة الموساد في بيروت".
تصفية قيادات المقاومة
ويكشف الكتاب تفاصيل جديدة تأتى بعد مرور 42 عامًا على الجريمة التي ارتكبها الموساد وقتل فيها عناصر من المقاومة وهم يوسف النجار، وكمال عدوان، ويبرز دور تروى "ياعيل"، وهو اسم مستعار، في تصفية القياديين الفلسطينيين الثلاثة بحجة أنهم المخططون للعملية ضد أولمبياد ميونيخ، علمًا بأنه يحظر نشر هويتها الحقيقية تحسبًا من تعريض حياتها للخطر.
باراك بلباس
وأجرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية حوارًا مع "ياعيل" بهدف الترويج للكتاب، والإشارة إلى دور الموساد في هذه العملية، التي اشتهر رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك بتنفيذها عندما كان متنكرًا بلباس امرأة، كقائد للعملية وقائد كوماندوز النخبة "سرية هيئة الأركان العامة".
شقة بيروت
وتروى ياعيل إنها كانت تسكن في شقة، بشارع الوليد في بيروت، تقع في الطابق السادس، ويملكها لبناني اسمه فؤاد عبود، وكانت شقتا أبو يوسف النجار وكمال عدوان في الطابق السادس لمبنى مقابل، وشقة كمال ناصر في الطابق الثالث بمبنى مجاور، مؤكدة أنها كانت ترى الثلاثة ومَن برفقتهم داخل شققهم دون أن تحتاج إلى منظار.
وحدة قيساريا
وتضيف ياعيل أنها في مساء 9 أبريل 1973 التقت "أفيتار"، وهو أحد عناصر وحدة "قيساريا" أي ذراع الموساد الذي ينفذ عمليات اغتيال وتتعقب الأشخاص المرشحين للاغتيال، وكان اللقاء بينهما في مطعم في بيروت، وأبلغت "ياعيل" "أفيتار" خلال تناولهما العشاء، أن عدوان ونصار والنجار في منزلهم اليوم.
وبعد ذلك طلب "أفيتار" من "ياعيل" أن تعود إلى شقتها مباشرة وتبقى في القسم الخلفي، بعيدًا من النوافذ، وأوضحت أنها لم تكن تعرف أن جملتها "الثلاثة اليوم في البيت" ستشكل إشارة انطلاق عملية الاغتيال.
وكانت "ياعيل" سافرت إلى بيروت على أنها باحثة وتعمل على الإعداد لفيلم وثائقي، وبعد خمسة أيام من العملية غادرت لبنان إلى بروكسل ومنها إلى إسرائيل.
تنفيذ العملية
وأضافت أنه فجأة، خلال ساعات الليل، سمعت ضجيجًا ثم أعقب ذلك إطلاق نار كثيف، وعندما أطلت من نافذة شقتها شاهدت ثلاث سيارات كبيرة، ثم أصبح إطلاق النار كثيفًا أكثر، وكذلك الصراخ، وعندما توقف إطلاق النار سمعت أحدًا يقول باللغة العبرية "تعال إلى هنا"، فعلمت أنه تم تنفيذ عملية ضد الثلاثة وربطت بين الأحداث وبين المعلومات التي نقلتها من قلب بيروت إلى مقر الموساد في تل أبيب.
مايك هرارى
وأكدت ياعيل أنها لم تكن تعرف شيئًا عن العملية العسكرية لاغتيال الفلسطينيين الثلاثة، وأن المسئول عنها، قائد وحدة "قيساريا"، مايك هراري، الذي طلب منها أن تراقب الثلاثة وكل ما يحدث في شققهم، كذلك فإن منفذي العملية والكوماندوز البحري وسرية الكوماندوز التابعة للواء المظليين وأفراد وحدة "قيساريا" لم يكونوا يعرفون "ياعيل".
ويعد مايك هرارى الملقب بسفاح الموساد مسئولا بشكل كامل عن تنفيذ تلك العملية، حيث يعتبر من أشهر قادة الجاسوسية في الجهاز، وأشرف على تصفيات رموز عربية، فضًلا عن أن دولة الاحتلال منحته لقب "جيمس بوند الصهيوني".
ورفضت ياعيل التحدث عن عمليات أخرى شاركت فيها كعميلة للموساد، لأنها لا تزال سرية، لافتة إلى أنها عملت في الموساد 14 سنة، وهي الآن في التاسعة والسبعين وتعاني مرضًا عضالًا.