رئيس التحرير
عصام كامل

كواليس الساعات الأخيرة لـ«صلاح هلال» في وزارة الزراعة.. سعى لتقليص نفوذ صاحب «بلاغات الفساد» واكتفى بالتعليق: «الفساد بيلف يلف وييجى ينام عندى في الوزارة».. ومقربون نصحوه

صلاح هلال
صلاح هلال

هل كانت تنتظر وزارة الزراعة الكشف عن قضايا فساد داخلها، ليتحرك قطار “التطهير”؟.. هل كان الدكتور صلاح هلال وزير الزراعة المستقيل، ينتظر تصريحات رئيس الحكومة الموجعة بأن وزارته أصبحت رائحة الفساد فيها “تزكم الأنوف” لدرجة دفعته للتفكير في كيفية التخلص من “فسدة الوزارة”، وفى الوقت ذاته “توضيب” أشيائه انتظارا لخروجه المتوقع في أول تعديل حكومى؟

الأسئلة السابقة من الممكن أن تكون “أسئلة بايتة” غير أن الأسبوع الماضى جاء ليؤكد أنها “لا تزال صالحة للاستخدام الإعلامي”، خاصة بعدما اتضح أن تحركات “هلال” خلال الأيام الماضية كان هدفها الرئيسى “لملمة” الوضع والسيطرة عليه، وفى الوقت ذاته البحث عن “خروج آمن” من الوزارة.

خطة هلال لمحاولة إعادة السيطرة على زمام الأمور في الزراعة كانت تتمثل في التخلص من الصداع الذي يسببه الدكتور سعيد خليل، أستاذ التحول الوراثى بمركز البحوث الزراعية، الذي تقدم بعشرات البلاغات للنيابة العامة والأجهزة الرقابية، اتهم فيها الوزير بالاستيلاء على المال العام وتسهيل الاستيلاء على أراضى الدولة.

المثير في الأمر أن بلاغات “خليل” لم تكن متعلقة فقط بـ”هلال”، لكنها طالت أيضا عددا من قيادات “الزراعة”، في مقدمتهم الدكتور عبدالمنعم البنا رئيس مركز البحوث الزراعية الذي اتهمه “خليل” بالاستيلاء على آلاف الأفدنة في منطقة النوبارية.

مصادر داخل وزارة الزراعة، كشفت أن الأيام القليلة الماضية شهدت عقد عدة اجتماعات بين “هلال” و”البنا”، تركزت خلالها المناقشة في البحث عن طريقة للسيطرة على “بلاغات خليل”، وفى الوقت ذاته البحث عن حلول أخرى، ليس منها إبعاده عن الوزارة، حتى لا يصنع منه بطلا- على حد تشبيه الوزير، خاصة أن “خليل” نجح في التواصل مع جهات رقابية بشكل مباشر وأصبح وجها معروفا لديها ببلاغاته ومستنداته الكثيرة المقدمة برفقة البلاغات وهو اللغز الذي يحاول الوزير ورئيس مركز البحوث الزراعية اكتشاف مصدره.

تجدر الإشارة هنا إلى أن تصريح المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، بأن “الفساد في الزراعة للركب ويزكم الأنوف”، كان دافعا رئيسيا لعدد من قيادات الوزارة للمسارعة وكشف قضايا فساد أكثر جرت، وما تزال تجرى، داخل الوزارة، وكان لقناة “مصر الزراعية” نصيب من تلك القضايا، وتحديدا بعدما وصل لمكتب الوزير أكثر من 40 ملف فساد منهم ملف يشكك في تخابر إحدى الجهات الأجنبية المانحة التي أصبح لها مكاتب في الوزارة على الاتصالات الداخلية بالوزارة وعلى المعلومات الرئيسية عن الزراعة المصرية في شبكة معلومات الوزارة.

الأمر لم يتوقف عند ذلك فالوزير المستقيل حسب المصادر لم يعر فساد “مصر الزراعية” أي اهتمام، وهو ما دفع عددا من مقدمى الملفات إلى إبلاغ الجهات الرقابية بدلا من التعويل على الوزير الذي كان مضطربًا بشكل جعله غير قادر على اتخاذ القرارات الصائبة بعد صدمة القبض على محيي قدح.

وتسبب تجاهل الوزير السابق لفساد قناة مصر الزراعية في غضب الإعلامي عيد حواش المشرف العام على القناة، الذي نشبت خلافات حادة بينه وبين الوزير وعلى أثرها اتخذ “هلال” قراره باستقدام الإعلامي خيرى حسن في منصب المستشار الإعلامي ومنحه صلاحيات الإشراف على “مصر الزراعية” بديلا عن “حواش”.

الغريب هنا أن إلقاء القبض على “محيي قدح مستشار وزير الزراعة” لم يمنع من ممارسته سلطاته داخل الوزارة، حيث أكدت مصادر أن الأخير رشح من محبسه لوزير الزراعة المستقيل صلاح هلال اللواء إبراهيم شمس والذي يرتبط بعلاقة صداقة مع قدح، حيث رشح قدح اللواء شمس نظرًا لقدراته الإدارية الكبيرة والتي ستخدم الوزير في عزلته التي يعيشها حاليا بعد انتهاء دور “قدح” الذي كان يقوم بكل الأدوار التنسيقية بين «الزراعة» والوزارات الأخرى ونجح من خلال ذلك في تكوين علاقات جيدة مع عدد من الوزراء، إلى جانب مهارته في إنهاء المهام الإدارية التي كانت ممنوحة له والسيطرة على مقاليد إدارة الإعلام.

في السياق ذاته، ورغبة منه في إثبات الذات بالقدرة على جمع خيوط الوزارة في يده يحضر وزير الزراعة لحركة تعديلات واسعة بين قيادات الوزارة وعلى رأسهم الدكتور عبدالكريم زيادة رئيس قطاع الإنتاج المتهم بتوريط الوزارة خلال الفترة الأخيرة في قضية تستحق أن توصف بالفضيحة، والمتمثلة في ضبط حملة من الطب البيطرى لنحو 5 أطنان من اللحوم الفاسدة في منفذ وزارة الزراعة بمنطقة المطبعة بالهرم، وهو ما أثار غضب الوزير، وفى اتصال هاتفى مع “زيادة” طالبه الوزير بالتدخل لعقاب المسئولين عن الواقعة في إدارة التسويق المسئولة عن المنافذ، وقال له: “خلص شغل العيال اللى عندك ده يا عبد الكريم أنا مش فاضي”.

وبعيدًا عن كواليس ما يجرى في الوزارة فإن وزير الزراعة السابق ظهر شاحب الوجه، حزينا خلال اجتماع مجلس الوزراء الأخير، لا يتكلم مع أحد، يرفض الرد على استفسارات وسائل الإعلام بشأن القضية مكتفيا بـ« لا تعليق» و« القضية قيد التحقيق».

وحضر الوزير 3 اجتماعات بمجلس الوزراء منذ الكشف عن القضية، خاصة بمشروع استصلاح المليون ونصف المليون الفدان، وظهر مرتبكا جدا حتى في تصريحاته المقتضبة التي قال فيها: « الفساد بيلف يلف وييجى ينام عندى في الوزارة» في إشارة إلى تنصله من المسئولية عن قضية الفساد المحظور فيها النشر بأمر النيابة العامة.

المثير أن قيادات مقربة من الوزير همست في أذنه بالتقدم باستقالته للمهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء، خاصة بعد إلقاء القبض على شقيقه في القضية.

"نقلا عن العدد الورقي.."
الجريدة الرسمية