هل الدولة في أيد الصغار؟؟
عام 2010 وقبل إجراء الانتخابات البرلمانية، كتبت مقالا في جريدة الأحرار، بعنوان "الدولة في أيد الصغار" طالبت فيه الأجهزة السيادية في الدولة، بالتدخل لإنقاذ مصر من مهزلة سوف تشهدها الانتخابات، واعتبرت ما يحدث هو العبث بدولة كبيرة من أشخاص صغار، وكنت أقصد هنا بالتحديد جمال مبارك وأحمد عز، وأنا لم أكن أتخيل أن يأتي اليوم الذي أحتاج إلى استخدام هذا العنوان مرة أخرى، لمقال جديد، بعد ثورتين قام بهما الشعب.
ولكن للأسف الشديد، تذكرت هذا العنوان والمقال، وأنا أشاهد بالأمس برنامجا تليفزيونيا، ضيفه رئيس أهم وأقدم جامعة في المنطقة، وبصرف النظر عن أن هناك موقفا شخصيا بين رئيس الجامعة ووزير التعليم العالي، فقد كان ذلك واضحا طوال الحلقة، ولكن هل يعقل أن يكون الإعلام والفضائيات هما مكان لطرح ومناقشة الخلافات الشخصية بين المسئولين في الدولة؟.. وكان الأمر يخص نقل طالبة شقيقة مذيعة بالتليفزيون المصري.
هذه المذيعة التي أجرت مداخلة مع البرنامج، أهانت فيها رئيس الجامعة، أنا لم أصدق ما رأيت وسمعت؛ لأنني اعتبرت الإهانة كانت لمنصب كرسي رئيس أهم جامعة، واستغربت أن هذا الكرسي الذي جلس عليه عميد الأدب العربي طه حسين، وأستاذ الجيل أحمد لطفي السيد، أن يصل به المستوى إلى هذا الحد.
وكانت الصاعقة الكبرى بعد العودة من الفاصل الإعلاني، هي ما قاله رئيس الجامعة ومقدم البرنامج، بأنهما تلقيا اتصالا من رئيس الوزراء يثني فيه على البرنامج والنقاش، من أشار على رئيس الوزراء بذلك؟.. الله أعلم
وأي نقاش هذا الذي يستحق إشادة رئيس الوزراء؟.. هل هذه طريقة الحوار، وثقافة الاختلاف التي نريد أن نعلمها لشبابنا؟.. الفضائح على الهواء بين الكبار!!
بعد هذه الحلقة، شعرت فعلا بأن الدولة في أيدي الصغار، وأنني أناشد الرئيس السيسي أن يتدخل فورا لإنقاذها، ويختار رجال دولة حقيقيين حتى يتحملوا المسئولية؛ لأنه هو نفسه الرئيس، فجر أمس، كان يحذر طلبة الكليات العسكرية من المؤامرات التي تحاك لمصر داخليا وخارجيا، ويشد على أيديهم أن يجتهدوا من أجل الدفاع عن بلدهم.. هذا هو الفارق بين رجل الدولة الذي يعلم أبناءه الرجولة، وبين الصغار الذين يهينون المناصب التي يتولونها، أما عن الإعلام الذي يريد جنازة يشبع فيها لطم، ويسعى للإثارة حتى لو كان فيها تدمير البلد، فأقول للإعلاميين "اتقوا الله في مصر".
وللحديث بقية..