رئيس التحرير
عصام كامل

«الربع الخراب» أشهر مناطق التسول وتجارة المخدرات بـ«أسوان»

محافظة اسوان
محافظة اسوان

هل كان يمكن أن يصف الكاتب الراحل عباس العقاد محافظة أسوان، بشكل عام، ومدينة أسوان على وجه التحديد بـ»المدينة المستقرة.. الهادئة..الثابتة التي لم يتغير فيها شيء سوى الزمن»؟.. 

لو اطلع على التقارير الأمنية التي تشير إلى أن المحافظة التي لم يكف عن الإشادة بهدوئها، أصبحت في مرتبة متقدمة بين المحافظات التي تنتشر بها تجارة المواد المخدرة، وتزداد فيها معدلات الجريمة والبلطجة. «العقاد» كان يتحدث عن «أسوان» في بدايات القرن الماضى، غير أن نظرة، ومحاولة لاستكشاف ما أصبحت عليه الأمور تشير – بما لايدع مجالا للشك- أن الأمور تغيرت إلى «الأسوأ» وأن الهدوء الذي تحدث عنه الأديب الراحل أصبح «مجرد ذكريات».

تعد محافظة أسوان من أكثر المحافظات انتشارًا لتجارة المواد المخدرة كما أنها تضم العديد من أوكار تجارة السلاح ويتجمع فيها البلطجية والخارجون على القانون والمسجلون خطر، وتشن مديرية أمن أسوان العديد من الحملات الأمنية للقضاء على تلك البؤر الإجرامية ولكن هناك بعض المناطق التي لم تستطع قوات الأمن القضاء عليها، وهى من أخطر البؤر الإجرامية في المحافظة.

من أشهر أماكن تجارة المخدرات التي لم تستطع قوات الأمن فرض السيطرة، أو القضاء عليها، خور عواضة والسيل وغرب أسوان والكوبانية، كما امتدت الأمور لخارج نطاق المدينة، هناك أيضا منطقة الضما وعزبة حجاجى والإصلاح بمدينة كوم أمبو، والحصايا والعدوة بمركز إدفو.

ومن أشهر الأماكن التي تحولت إلى «بؤر إجرامية» لا تقوى قوات الأمن على اقتحامها في مدينة أسوان، منطقة «الربع الخراب» التي تقع أمام مسجد الطابية، ويسعى بعض سكانها إلى التخريب، فمنهم من يزاول التسول وتجارة المخدرات والبلطجة والسرقة، ولا يجرؤ أحد من الأهالي المرور بها أو الاحتكاك بسكانها، ورغم أن الأجهزة الأمنية في الآونة الأخيرة قامت بعدد من حملات «الضبط» و»التمشيط» للمنطقة إلا أنها لم تستطع فرض سيطرتها بشكل كامل على المنطقة التي ما زال يتواجد بها عدد من البلطجية والخارجين على القانون.

وهناك أيضا منطقة «خور عواضة» والتي تعد من أكثر المناطق العشوائية بالمحافظة حيث تتم على أرضها مختلف أنواع الجريمة مثل تجارة المخدرت والبلطجة والسرقة والتشكيلات العصابية، ولم يتمكن الأمن من تنظيفها حتى الآن.

ومن أشهر الوقائع التي حدثت في أسوان ولم يستطع الأمن السيطرة عليها الاشتباكات بين الدابودية وبنى هلال في مطلع أبريل 2014 وراح ضاحيتها 28 قتيلا من الطرفين وإصابة العشرات،واستخدمت في تلك المجزرة الأسلحة البيضاء والأسلحة النارية كما أطلقت العديد من الأعيرة النارية على رجال الأمن وأغلقوا مخارج ومداخل المنطقة حتى لا يتمكنوا من الدخول.

كما وقعت اشتباكات بالأسلحة النارية بين عائلتين إحداهما بعزبة مخيمر والثانية في قرية «الرغامة» التابعيت لمركز كوم أمبو في أكتوبر 2014 أسفرت عن العديد من الإصابات،وكانت بسبب النزاع على محصول القصب بإحدى الأراضى الزراعية.

وفى نوفمبر 2014 وقعت مشاجرة بين عائلتين بمركز نصر النوبة أسفرت عن مصرع شخص وإصابة ثلاث أخرين، بعد مشادات اندلعت بين طلاب من الطرفين،بقرية بلانة وعقب وقوعها.

وفى مارس 2015 تجددت الاشتباكات بين قبيلتى المناعية وبنى هلال المستمرة منذ سنوات، بسبب تجدد خلافات ثأرية قديمة بين الطرفين أسفرت عن إصابة شخصين في منطقة خور المحمودية.

كما تشتهر عدة مناطق في المحافظة بـ»تجارة السلاح» وفى مقدمتها منطقة الضما وعزبة حجاجى وعزبة العرب والصدقية في مدينة كوم أمبو،ووادى النقرة التابعة لنصر النوبة،وكلح الجبل ووادى عبادى والعدوة وبعض المناطق الأخرى في إدفو،أما في منطقة خور عواضة لا توجد تجارة سلاح ولكنه يكون بحيازة الأشخاص مبررين حمله بغرض الدفاع عن النفس،وكذلك في جميع مناطق مدينة أسوان ويعد تواجد السلاح حيازة فقط وليست تجارة.

وتبدأ أسعار البندقية الآلى من 10 آلاف إلى 30 ألف جنيه على حسب نوعها،بينما يصل رشاش الجرينوف إلى 70 ألف جنيه حيث يبدأ من 40 ألف جنيه ويتفاوت سعره على حسب جودته ونوعه، وتوجد البنادق الآلية منها الإسرائيلى وبلجيكى التي تصل إلى 30 ألف جنيه، والسلاح الروسى الـ56 نحو 30 ألف جنيه، وروسى مظلات يصل إلى 20 ألف جنيه.

كما تشهد المحافظة أيضا وجود أسلحة محلية الصنع منها بنادق وخرطوش فلاحى وفرد خرطوش وفرد روسى محلى، ويصل سعر الفرد الروسى المحلى إلى 1500 جنيه والبنادق الفلاحى إلى 200 جنيه وهىى منتشرة بين العائلات والقبائل كما يستخدمها الخارجون على القانون البلطجية وتجار المخدرات والمهربون في المجالات المختلفة.

ويستغل تجار السلاح العائلات والقبائل التي توجد بينهما خصومات ثأرية لترويج بضائعهم ومن أشهر الوقائع التي استخدم فيها السلاح منذ ثلاث سنوات تقريبًا الخصومة الثأرية بين السمطا والعرب في منطقة وادى النقرة والتي أسفرت عن مقتل 12 شخصا من الطرفين،ومن أشهر مهربى السلاح عبر الحدود الجنوبية « أبو شهد «والذي قتل أثناء تهريبه شحنة سلاح بعد مقاومته مع قوات حرس الحدود في مدينة أبو سمبل.

ويتعامل تجار السلاح في تحركاتهم بحرص شديد حيث إنهم دائمو التخفى وسط الزراعات ومنهم من يصعد الجبل لذلك يواجه رجال الأمن صعوبة في القبض عليهم بالرغم من الحملات الأمنية المستمرة لأستهدافهم ومطاردتهم وضبط العديد من الأسلحة فضلًا عن المضبوطات بواسطة قوات حرس الحدود والتي تعد بشكل يومى تقريبًا.

تجدر الإشارة هنا إلى أن السلاح المتواجد في «أسوان» يأتى من السودان التي تعد المعبر الجنوبى لدخول السلاح إلى مصر عن طريق أسوان والبحر الأحمر وحلايب وشلاتين والدروب الصحراوية خاصة المناطق التي تبعد عن النقاط الحدودية المعينة عليها خدمات أمنية.

ويستخدم المهربون طرقا مختلفة لتهريب الأسلحة إلى أسوان سواء بالسيارات أو الجمال عبر طريق أرقين غرب والتي تنقسم ما بين الحدود المصرية والسودانية، ويسلكون طريق درب الأربعين الموجود بين مصر والسودان ويستغرق 40 يومًا بالجمال حتى يصل إلى مركز دراو، ويومين بالسيارة عن طريق معابر حدودية عبر حلايب والشلاتين.

ويخزن المهرب السلاح بجبال قريبة من منطقة برانيس والتي تعد مدخلا لأسوان من ناحية منطقة أبو الحسن الشاذلى التابعة لمحافظة البحر الأحمر، وأثناء عودته إلى أسوان يغير طريقه قبل الوصول بنحو 20 كم ويسلك الاتجاه الشمالى مرورًا بوادى غدير الطريق البرى من البحر الأحمر إلى كوم أمبو، ويصعب على المهرب تغيير تلك الطرق لأنها صحراوية وبها نقاط حدودية وتعد مسافات مدروسة ومحسوبة بالنسبة له وبناءً عليها يخطط لرحلته جيدًا.

وتصل الأسلحة إلى دولة السودان عن طريق دولتى تشاد وكينيا ومن أبرزها السلاح الروسى 56 ويباع بسعر منخفض هناك والتاجر هو الذي يحدد مكسبه فيه على حسب خبرته بتجارة الأسلحة، وتعد أسوان أفضل الطرق التي يسلكها مهربو الأسلحة لدخول بضائعهم إلى أي مكان في مصر.

ويستغل تاجر السلاح المصرى أحيانًا عدم وجود معسل تفاح في دولة السودان لأن ممنوع تداوله في الأسواق هناك ويعقد صفقة مع تاجر آخر سودانى بتوفير كميات كبيرة له من المعسل مقابل عدد من الأسلحة.

وكثفت مديرية أمن أسوان في الفترة الأخيرة جهودها لمطاردة مهربى السلاح وتجاره وحامليه، كما شنت عدة حملات أمنية استهدفت أوكار بيع السلاح.
ولكن يبدو أن تلك المجهودات سوف تبقي عاجزة عن يطهر تلك البؤر تطهيرا كاملا من السلاح حتى إشعار آخر.
الجريدة الرسمية