اعتصامات وإضرابات!
شغل الرأي العام بشدة الأسابيع الماضية، اعتصام أمناء الشرطة في محافظة الشرقية من جانب، وإضراب مجموعات من الموظفين؛ احتجاجا على صدور قانون الخدمة المدنية الجديد.
ويكاد يكون اعتصام بعض أمناء الشرطة أخطر هذه الأحداث؛ لأنهم عمدوا – ضد القانون - إلى إغلاق بعض أقسام الشرطة وإيقاف العمل بها، وهذه ظاهرة بالغة الخطورة، أن يتعمد بعض الموظفين - أيا كانت تخصصاتهم - إغلاق مكاتبهم والتوقف عن أداء الخدمات الضرورية، وعلى رأسها بالطبع خدمة الأمن بكل معانيه للمواطنين، فهذه ظاهرة بالغة السلبية، وهي ظاهرة تحتاج إلى مواجهات علمية ومؤسسية وقانونية وإدارية متعددة.
ولعل المواجهة العلمية تركز على ضرورة إنشاء "خلية أزمة" في مجلس الوزراء، تضم عددا من خبراء الإدارة، بالإضافة إلى عدد من الضباط الخبراء في العلاقات العامة لمواجهة مثل تلك الإضرابات، بل العمل على منعها من المنبع من خلال حوارات ومناقشات مسئولة حول المطالب المشروعة وإمكانية تحقيقها، وهذا الحل يقتضي أن تكون أبواب الشكوى أيا كان مصدرها، مفتوحًا وليس مغلقا، وأن تيسر مسألة الوصول بالشكاوى إلى القيادات العليا إذا كانت القيادات الوسطى عجزت عن حلها.
ولكن يمكن القول: إن العلاج المؤسسي - فيما يتعلق باعتصام أمناء الشرطة - ينبغي أن يكون جذريا، ومن المعروف أن الشرطة – حسب قواعد الدستور والقانون - هيئة مدنية، وبالتالي لا يطبق على أفرادها قانون الأحكام العسكرية الذي يطبق على القوات المسلحة.
لذلك نقترح للحل النهائي لهذه المشكلة - التي يمكن للأسف الشديد أن تتكرر، إذا ما خضعت وزارة الداخلية لابتزاز أمناء الشرطة، وخاصة أنهم يرفعون بعض المطالب التعجيزية التي لا يمكن الوفاء بها - أن تتحول هيئة الشرطة إلى هيئة عسكرية يطبق علها قانون الأحكام العسكرية، كما هو الحال بالنسبة للقوات المسلحة، بكل الضمانات الواردة فيه، التي تضمن عدالة المحاكمات وإمكانية نقض أحكام محاكمة الدرجة الأولى.
أما بالنسبة لإضراب مجموعات من الموظفين؛ احتجاجا على قانون الخدمة المدنية، فقد كاد يجدر بوزارة التخطيط أن تعرضه على الحوار المجتمعي قبل إعلانه، حتى يتاح الاستماع إلى كل وجهات النظر الموضوعية، لا إلى إلغاء القانون الذي يهدف في الواقع إلى مجابهة ظاهرة الترهل الإداري.