هل يفلت حزب النور من حملة اجتثاثه؟
المكان شاشة فضائية العاصمة.. البرنامج كلام جرايد.. الزمان الأسبوع الفائت.. الموضوع اتهامات موجهة لحزب النور الجناح السياسي للسلفيين منها علاقته بجماعة الإخوان المسلمين والتطرف ورفض الوقوف خلال أداء السلام الجمهورى.. وهى اتهامات ليست كفيلة فقط بإقصائه عن المشهد السياسي، بل ربما تفضى إلى اجتثاثه من خارطة الوطن.
السؤال كيف رد حزب النور؟.. الجواب كان على لسان محمد صلاح المتحدث الإعلامي للحزب الذي أكد أن الحزب يعترف بالوقوف احترامًا للسلام الجمهورى، مشيرًا إلى أنه رفض مشاركة الإخوان في التهام ما وصفه بـ"كحكة" مجلس الشعب الماضى.
كان المتحدث الرسمى يعلق على تذكيره برفض أعضاء النور الوقوف أثناء عزف السلام الجمهورى بالجلسة الافتتاحية لمجلس الشعب المنحل بدعوى أنه حرام شرعًا، فبدا أنه يعترف ضمنًا، وبالتالي أخضع تفسيره لمعيار الحلال والحرام، فلبس في الحائط، وسَلَّم ذقونهم لحملة "لا للأحزاب الدينية".
باختصار.. لقد خانته الحصافة، إذ كان حريًا به أن ينأى عن منطقة الحلال والحرام، ولو أدى الأمر إلى دخوله دائرة الاستهبال كأن يبرر عدم الوقوف للسلام الوطنى بأن اللحن نشاز أو كان ينبغي استلهامه من طقطوقة "إسكندرية ورأس التين/ والنور منَوَّر عَ الصَّفِّين"..أوكان ينبغى أن يكون السلام من مقام "راحة الارواح" الذي هو مقام السيكا، بدلًا من مقام دو ميجور؟!!!..أكرر.. لقد لبس الزبون في الحائط في وقت كان يستوجب أقصى درجات الحيطة والحذر، مع الهجمة الشرسة لحملة لا للأحزاب الدينية.
على أي حال لندع المتحدث ونطرح سؤالًا أظنه يؤرق الذهن العام.. كيف لحزب النور"السلفي" أن يعيش ويستمر وهو عنوان الغلو والتشدد، في الوقت الذي نجد فيه المزاج الرسمى للدولة مع تغيير وتجديد الخطاب الدينى لاجتثاث الغلو والتشدد من الأفكار إلى المظاهر؟
في تقديري هناك ثلاثة أسباب.. أولها: إعلان العداء الشرس للإخوان.. ثانيها: أن الحزب قدم تنازلات مؤلمة مسترشدًا بفقه الأولويات وتقديم وتأخير درء المفاسد وجلب المصالح.. ثالثها وأهمها: إنه بالرغم من أن التيار السلفي بكل تصنيفاته كان هو المرشح للرد العنيف وتحويل مواقفه من الدعوة والإرشاد إلى منهج جهادي يتماهى مع نهج السلفية الجهادية بالجزائر إبان العشرية السوداء في تسعينات القرن الماضى، إلا أنه رأى اتِّبَاع تكتيك الانحناء حتى تمر العاصفة.. بإطلاق رسائل طمأنة من خلال ترقيق وتلطيف الخطاب السلفي والانحراف بالفتاوى إلى مناطق الجنس والاغتصاب والعلاقة الزوجية، وعدم الالتفات إلى أي إساءة للدين.
في ظني إن حملة لا للأحزاب الدينية سوف تخلِّف جروحًا، لكنها لن تكون قاتلة.. أقصى نتائجها "تحجيم حركة الحزب والسلفيين" خلال الانتخابات الوشيكة.. في المقابل سوف يتم تمهيد الطريق بأي شكل لحصول حزب النور على مقعدين أو أربعة مقاعد على أحسن تقدير.. والأيام بيننا.