فساد التعليم أخطر من الإرهاب
حفظت النيابة التحقيقات في موضوع طالبة صفر الثانوية العامة - حسب تقرير الطب الشرعي - الذي أفاد بعدم تزوير أوراق الطالبة مريم ملاك أو استبدالها بأوراق أخرى.. الطالبة التعيسة امتنعت عن الطعام وفقدت النطق حسب الأخبار المتداولة عنها.. وزارة التربية والتعليم ووزير التعليم، غسلوا أياديهم من دم مريم.. الوزارة تمام، والكنترول تمام، والتصحيح تمام، والنتائج تمام، وما يتحدث فيه الناس هلاوس وضلالات ومحض أضغاث أحلام!
هل يعني حفظ التحقيق في بلاغ مريم صاحبة الصفر، أن الموضوع قد انتهى؟.. وهل يعني تقرير الطب الشرعي، أن القضية لم يعد فيها كلام؟.. وهل يعني حفظ التحقيق، أن الوزارة بريئة من صناعة فساد هو أخطر على المجتمع من إرهاب القنبلة وذبح السكين؟!
بالعقل والمنطق.. هل نقبل هذا التهريج في مؤسساتنا التعليمية؟.. ولماذا نذهب بعيدا.. هل نسينا الغش وتسريب الامتحانات الذي حدث هذا العام؟.. وهل نسينا حجم الشكاوى التي قدمت للجهات المختصة بشأن التلاعب في هذه الامتحانات؟.. أم نسينا أنه لم يمر يوم حدث فيه امتحان إلا ويقترن بخبر تسريبه بعد أقل من ربع الساعة؟
عقلي لا يستوعب هذه النتيجة، والمنطق لا يؤدي لهذه النتيجة بحال من الأحوال؛ إذ كيف تتحول طالبة متفوقة من البداية وفي كل مراحل الدراسة حتى الثانوية العامة، إلى طالبة لا تكتب سطرا في ورقة تستحق عليه درجة واحدة فقط، لو كانت الطالبة حصلت على درجات ضعيفة للغاية، لقلنا إن ظروفا مرت بها حدت من قدرتها على الإجابة أو التحصيل المطلوب، ولو أنها حصلت على مجموع لا يؤهلها لكليات القمة كما يسمونها.. لقلنا هذا يحدث كثيرا وجائز حدوثه بنسبة مع المتفوقين.. لكن أن تكون النتيجة صفر.. أعتقد أن هذا لا يقبله عقل أو منطق!
أعود إلى كلام أخيها ملاك الذي تساءل – وله الحق كما أتساءل وملايين غيري - قائلا (كيف بعد كل التفوق اللافت في كل مراحل التعليم، تخرج بصفر في امتحانات أهم مرحلة تعليمية على الإطلاق، وإذا كانت غير موفقة من البداية فلماذا كانت تحضر كل لجان المواد في مواعيدها، وتخرج فرحة وتستعد للامتحان التالي بدافعية أكبر وفرحة لاطمئنانها لأدائها في الامتحانات يوما بعد يوم).. والأهم الذي يحتاج إلى تحقيق جدي محايد، ليس من أجل مريم والصفر فقط، هو ما صرحت به أسرتها من أن هذا القرار الذي تعتبره «سياسيا»، يستهدف تبييض وجه الوزارة، ويُبرهن على ذلك العديد من البلاغات المُقدمة من أولياء أمور الطلاب، فضلًا عن بلاغات وشكاوى قدمها أعضاء في كنترول أسيوط «محل الواقعة»، يتهم رئيسه ووكيله بالاستعانة بـ١٢ عضوا مُستبعدين من العام الماضي، لتهم تتعلق بالتلاعب وتزوير النتائج في التصحيح والمراجعة، لأعمال الكنترول السابق.
العملية كلها تفوح منها رائحة فساد كريهة، وتشير إلى مافيا في الوزارة أو الكنترولات تفعل ما تريد وقتما تريد.. القضية لا يجب أن تمر مرور الكرام، ونكتفي بالقول إن النيابة حفظت التحقيق، وأن الطالبة ليس لديها حق؛ لأن ذلك سوف يفتح أبوابا كثيرة للقيل والقال، وللفساد الذي يضرب الدولة في سويداء القلب، ويدمر العقل وسوف يعطي الأمان لعصابة الفساد، بأن القانون مات وشبع موت!
النيابة حفظت القضية بما قدم إليها، والذي قدم إليها فيه الفساد كل الفساد، ومنها تقارير الطب الشرعي التي تخالف المنطق والعقل، ولعلنا لم ننس تقارير للطب الشرعي ثبت فسادها وتعديلها بلجان جديدة لا مجال لذكرها.. القضية أخطر من مريم ملاك ومن كلية الطب التي تريد دخولها.. لا بد من البحث عن إجابة جامعة مانعة شافية يقبلها العقل والمنطق، يتم معها كشف الفساد في هذه القضية، ومن حق النيابة أن تطلب تفسيرا واضحا ومحددا، وهذا دورها باعتبارها النائب العمومي للشعب المصري، وأخيرا لن يقبل عقلي هذه النتيجة، ولن أقبل أن يستمر وزير لا يبحث عن حقيقة واضحة، وكان من قبل معلما، وقرر أن يريح ضميره وينام قرير العين.