رئيس التحرير
عصام كامل

مقاطعة اللحوم


ظهرت دعوات تطالب بمقاطعة اللحوم، وتبنت هذه المقاطعة جهات كثيرة؛ حيث يقولوا إن هذا هو الحل الأمثل لتخفيض أسعار اللحوم، التي وصلت إلى معدلات غير مسبوقة.


إلا أنه وبالنظر إلى حقيقة الأمر، فإن المقاطعة مع أنها تقوم بتخفيض الأسعار خلال المدى القصير، إلا أنه في المدى الطويل ستكون النتيجة مختلفة؛ حيث سيتقبل المُنتِج الخسارة في الوقت الحالي - مجبرا أخاك لا بطلا - إلا أن ذلك سيدفع هذا المُنتج إلى الخروج من سوق الإنتاج إلى أي نشاط آخر لا يسبب له الخسارة.

يعطي ذلك إشارة إلى المنتجين المرتقبين لها، بالتوقف عن التفكير في الدخول إلى هذه السوق، التي لا تخضع لقوانين العرض والطلب، وتوازن الأسعار الخاضع للمنافسة، وما يستتبعه من عمل توازن بينهم، إلى نقاط أسعار غير منطقية، وهذا قانون السوق الذي لا خلاف عليه.

يعمل ذلك على الخروج بهم إلى سوق تتحكم بها الكثرة على المقاطعة، والامتناع عن الاستهلاك، بما يخلق نقطة توازن جديدة غير متوقعة، وسعر لا يتوافق مع ما يتحمله المنتج من تكاليف، وتوقعاته لتقدير أرباحه، وطالما كان الأمر كذلك فمن الأفضل أن يتجه المنتج إلى قطاع آخر يحقق فيه فائدة مرجوة.

ومع هذه الظروف، فإن خروج المنتجين من السوق ينتج عنه قلة العرض أمام الطلب المتزايد من المجتمع، ما يترتب عليه ارتفاع الأسعار إلى نقطة توازن جديدة، لا يقدر أن يتحملها الفقير ولا تستطيع أن توفي المستهلكين رغباتهم، وتظهر الاحتكارات التي تودي بالسوق؛ نظرا لتحكم قلة في عمليات الإنتاج، وهم الذين غامروا في الاستثمارات، وتخضع السوق للمحتكرين في النهاية، وهذا ما يضر بالمستهلكين وبمستوى معيشتهم.

أرجو قبل أن ننادي بأي مقاطعة، أن نعرف الآثار التي تترتب عليها قبل أن ننادي بها؛ لأن الآثار التي تنتج عن ذلك لا تضر فئة معينة بذاتها، بقدر ما تضر المجتمع ككل، وللأسف من يستجيبون لا يعرفون إلا النتيجة الحالية ورؤيتهم لمدى قوتهم في فرض الواقع، ولكن للأسف النتائج في المستقبل تكون على غير التوقعات.

الحل الذي لا بد أن نبحث عنه، هو تشجيع دخول منتجين جدد والبحث عن البدائل، ولتكن توجهات الدولة الاتجاه نحو الثروة السمكية التي تمتد على شواطئ البحر الأبيض والبحر الأحمر، اللذين يكفيان إطعام المصريين جميعا.
الجريدة الرسمية