صدمة المزز
أعجبني ما كتبه الصحفي اللبناني علي شهابي؛ ردا على تعليقات المصريين الذين امتدحوا جمال فتيات وسيدات لبنان أثناء المظاهرات الأخيرة في بيروت، عندما قال "بلغنا إعجابكم بالمزز، ولكن لا يغرنكم جمالهن الظاهر، فالسر يكمن في خلطة المكياج".
ولم يتجاهل الكاتب، النصيب الملحوظ للبنانيات من الجمال، فاستبق تعليقه بجملة "هذا من فضل ربي".
وبصرف النظر عن تلميحاته وإسقاطاته في معرض تعليقه، وتعكس بوضوح وصوله لدرجة الغيظ من السخرية المصرية التي تمتاز بخلط الجد والهزل، فتصيب من لا يفهمها جيدا بالدوار الفكري.
لكن شهابي، ودون أن يقصد، وضع يديه على قضية مهمة تمس جوهر حياة الكثير من الرجال والشباب المصريين، الذين يضعون مواصفات الجمال اللبناني في شكل معايير وقواعد، يجب أن تنطبق على زوجاتهم أو فتيات أحلامهم، بالنسبة للشباب المقبل على الارتباط.
فالكثير من معشر الذكور يغرنهم البهرجة في الفتاة.. والقليل منهم يفرق بين الجمال الطبيعي وغيره ممن صنعته خلطة المكياج، وفنون "التذويق" التي دخلتها التكنولوجيا من الشعر إلى أصابع القدم، وتقدم لنا في أحايين كثيرة نماذج "مسخ" ليس لها علاقة بالجمال، ولكنها تجد ضالتها في المخدوعين "وما أكثرهم"، الذين يطلقون على كل أنثى من هذه العينة لفظ "مزة".
وآذان المصريين تسمع الآن أغاني هابطة، وأعينهم تشاهد سينما بخلطة السبكي ومن على شاكلته، وأفواههم تبتلع أصنافا من الأطعمة الملوثة وعديمة الطعم.. فليس غريبا أن أي أنثى تخرج إليهم بالعاري والمصطنع، تكون في أعينهم "مزة"، ودونها خفراء، حتى لو كان بينهن من يتمتعن بقدر كبير من الجمال الطبيعي، لكن لا يدركه إلا كل صاحب حس عالٍ وذوق رفيع.
المصري الذي كان يعشق الجمال ويقدسه، وحتى وقت قريب كان يدركه بحواسه المرهفة، ويميز بينه وبين الفالصو والمزيف ..غير المصري الآن الذي تتساوى عنده الأشياء ونقيضها، فسار الجمال قبحا، وأضحى القبح جمالا.
وإذا كان رأي شهابي صادما لحزب "أنصار المزز اللبنانيات"، فإن أعضاء هذا الحزب مطالبون بالبحث عن بديل، طالما فعلت خلطة المكياج فعلتها، وساوت بين نانسي عجرم وزينب العمشة!!