رئيس التحرير
عصام كامل

الفيديوهات الفرنسية الصادمة


انتشرت بعض الفيديوهات المصورة بفرنسا ولاقت اعتراضا وعدم رضا من ملايين على صفحات التواصل الاجتماعى على مستوى العالم وسأعرض وجهة نظرى الشخصية فيها مرتكزة على سنوات إقامتى الطويلة بفرنسا.


الفيديو الأول والذي تم تصويره في باريس لرجل رث الثياب يسقط على الأرض وينادى على الناس ساعدونى ولا يلتفت له المارة ولا يقتربوا منه، ثم يعرض نفس الفيديو رجل بملابس أنيقة يسقط على الأرض ويطلب المساعدة فيهرول إليه الناس ويسأولوه عما به ويطلبوا له الإسعاف، بدا الفيديو وكأنه يريد أن يثبت أن الفرنسيين اهتموا بالرجل لأجل مظهره الأنيق، ولكنى أجد تفسيرا لهذا ففى شوارع فرنسا الكبيرة ومحطات القطار والحدائق العامة يوجد ما يسمى" sdf".

وهى تعنى شخص بلا محل إقامة ثابت، وهم رجال بالغون قرروا أن يعيشوا بلا مأوى في الشوارع لأسباب نفسية وهناك جمعيات خيرية تتولاهم وتوفر لهم الملابس ووجبات أثناء اليوم ويتم نقلهم إلى الصالات الرياضية في الشتاء وقت سقوط الثلوج، بعضهم مسالم وبعضهم يأتى بتصرفات غريبة من كثرة تناولهم للكحوليات فيصرخون أحيانا ويضربون على أبواب العمارات ويهذي بكلمات غير مفهومة ومظهرهم سيئ جدا، يراهم الناس ولا يتوقفون عندهم وأعتقد أن هذا هو سبب عدم الاهتمام بالرجل الفقير في الفيديو، في حين أن الرجل الثانى بدا رجلا عاديا يتعرض لأزمة قلبية فعرضوا عليه المساعدة، يمكنك أن تتهم شعبا ببعض العنصرية لكن ليس من الانصاف أن تتهمه بانعدام الإنسانية.

الفيديو الثانى لرجل فرنسى كبير السن يتوقف أمام صورة لسيدة محجبة من أصل عربى بين زملائها معلقة على واجهة إحدى المؤسسات ويقول هذه سيدة غير مندمجة في المجتمع الفرنسى فيرد عليه رجل آخر بأن هذا غير حقيقى وأنه يعرف السيدة جيدا وأنها تعيش بفرنسا وتعمل مثلها مثل الجميع فيصر الأول على كلامه قائلا سيدة بهذا المظهر ليست مندمجة بيننا، فيدخل الثانى إلى المؤسسة وينادى على السيدة المحجبة فتخرج للتحاور مع المعترض على حجابها وتقدم نفسها بأنها ولدت بفرنسا ودرست بها وتعمل بها وحجابها حرية شخصية ليس له علاقة بالاندماج المجتمعى ويؤيد موقفها الرجل الذي نادي عليها ويدافع عنها بشدة وعلى الرغم من أن الفيديو أظهر رفضا واضحا للحجاب في فرنسا من شريحة أعلم أنها ليست بالقليلة رغم وجوده وانتشاره إلا أن أحدا لم يلاحظ أن المهاجم فرنسى والمدافع فرنسى، نحن نرى من حقيقة المواقف ما نريد أن نراه.

لكى تكون أحكامنا أقرب إلى الصواب علينا ألا ننظر للقضايا بعين المشاهد، علينا ألا نظل خارج إطار الصورة، فكثير من الألوان تخدع العين عن بعد..فلنقترب لنراها بوضوح إن أردنا الحكم.
الجريدة الرسمية