رئيس التحرير
عصام كامل

بالصور.. مشكلات تهدد محصول البلح في الوادي الجديد.. المزارعون: العائد لا يكفي المصروفات.. استيراد التمر الليبي والعراقي والمغربي يضر بالفلاحين.. و«سوسة النخيل» الخطر الأكبر على الثروة الزراع

فيتو

تشتهر محافظة الوادي الجديد بزراعة البلح، يعتبر المحصول الاستراتيجي الأول والذي تتفوق به الواحات على محافظات الجمهورية، بأصنافه المختلفة، وذلك لطبيعة المناخ الجاف ودرجة الحرارة والبيئة الصحراوية التي ساهمت في ازدهاره وانتشاره حتى قاربت أعداد الأشجار المزروعة حاليا 2 مليون نخلة.


وتعتبر النخلة مصدر رزق كبير للمزارعين في الوادي الجديد، كما أن موسم النخيل أصبح الآن يرتبط بعدة أشياء أخرى، كالزواج وبناء المنازل وموسم دخول المدارس.

ويتم جنى المحصول خلال هذه الفترة من العام ليبدأ المزارعون في بيعه لسداد ديونهم وتجهيز أبنائهم وبناء منازلهم، فضلا عن شراء المستلزمات المدرسية لأطفالهم، حتى أن موظفى الحكومة الآخرين يعملون أيضا في مهنة الزراعة بعد فترة عملهم، وذلك لأن الوادي الجديد من المحافظات المغلقة التي لا تتوافر بها فرص عمل.

عيون المياه
وعلى الرغم من أن تلك الزراعة منذ قديم الأزل وكان أهالي الواحات يزرعون النخيل على عيون المياه، إلا أنه مع مرور الزمن أصبحت هذه الزراعة تواجه مصيرا غير معلوم خاصة مع ظهور عدة مشكلات كبرى أصبحت تهدد المزارع والمصنعين في آن واحد، وأصبحت أزمة متكررة كل عام.

محمد منصور أحد المزارعين بالخارجة، أكد أن هناك عدة مشاكل كبرى تواجه المزارعين كل عام لم نجد لها حلا، وأصبحت خطرا كبيرا، الأمر الذي يهدد ببوار وهلاك زراعاتهم وإغلاق المصانع.

وأضاف أن أولى المشكلات التي تواجه المزارعين في الوادى الجديد عامة، هو عدم تحديد سعر المحصول، وإن تم تحديده فإنه يكون أقل من التكلفة، الأمر الذي يتسبب في خسائر كبيرة لهم.

وأشار إلى أن النخلة الواحدة تتكلف من 150 لــ200 جنيه طوال العام، من تقليم وتدلية وتسميد وتزميط وتقطيع، وهى عملية تتم على مدى 6 أشهر، تتكلف خلالها مصاريف العمالة والنقل والرعاية والحراسة، ويفاجأ المزارع في آخر الموسم بأسعار زهيدة جدا للمحصول لا تفى بالتكفلة التي تحملها طوال العام، فضلا عن عدم وجود عائد مادى آخر، الأمر الذي يصيبهم بالإحباط.

وأشار إلى أن محصول البلح هذا العام تم تسعيره بخمسة جنيهات، وقال: "كنا نأمل أن يكون بــ7 جنيهات على الأقل".. مؤكدا أن الأسعار في تراجع مستمر.

وأضاف "منصور" أن هناك مشكلات أخرى لا تقل عن مشكلة السعر، فارتفاع درجات الحرارة تسبب هذا العام في فقدان الكثير من محصول البلح والذي تلف بسبب الموجة الحارة التي ضربت البلاد على مدى الأسبوعين الماضيين، مشيرا إلى أن درجة الحرارة من الظواهر الطبيعية التي لا يمكن التغلب عليها.

كما أضاف "منصور" أن محصول البلح أيضا يحتاج في مرحلة النضوج ووسط ارتفاع درجة الحرارة إلى ري مستمر، مشيرا إلى أن أغلب المزارعين يعتمدون في الرى على الآبار الحكومية التي يروون بها حقولهم مرة كل أسبوع، وهو غير كاف بالمرة.

وأشار إلى أنهم طالبوا قطاع الرى أكثر من مرة بضرورة زيادة ساعات تشغيل الآبار خلال هذه الفترة، خاصة في ظل ارتفاع درجات الحرارة، حتى يتم حصاد المحصول، لكن لم يتسجب إليهم أحد، الأمر الذي تسبب في تساقط المحصول من على العراجين قبل تقطيعه.

محصول البلح
أما عبد المنعم حسين مرزوق "مزارع"، فأكد أنه بعد كل هذه المشكلات التي تواجه محصول البلح، هناك مشكلات أخرى ظهرت مؤخرا، ألا وهى قرار وزير الرى بعدم تقديم الدعم للآبار الاستعراضية وعدم حفر آبار أخرى، وتحمل المزارعين بما يخص البئر من صيانة وكهرباء ووقود الأمر الذي يهدد تلك الزراعة ويعتبر بمثابة إعدام للتنمية على أرض الوادى الجديد.

وأشار إلى أن الوزير لم يراع طبيعة الواحات ولم يدرس القرار جيدا، مؤكدا أن جميع المزارعين يرفضون هذا القرار الذي يضر بهم من الدرجة الأولى ويستهدف تبوير الأراضي وتصحرها، وأشار إلى أن طبيعة الواحات تختلف عن أي محافظة أخرى، فالبئر يتكلف حفرها نحو مليون ونصف المليون جنيه، وتستهلك كهرباء ووقودا بنحو 30 ألف جنيه شهريا، ونوه إلى أن المزارع لا يتحصل على 20 ألف جنيه ربحا طوال العام، مما تتم زراعته وما يجنيه.

أما مجدى حافظ "صاحب مصنع للتمور"، فأشار إلى أن الصناعة تواجه تحديات كبرى، خاصة منذ أزمة تسعير البلح وهى مشكلة كل عام، مؤكدا أن المزارعين يرفضون البيع بأثمان منخفضة ويلجئون للتعامل مع التجار وأصحاب المصانع في المحافظات الأخرى، والذين يقومون بدور التجار والمصنعين في نفس الوقت.

وأضاف أن هناك مشكلة أخرى وهى مشكلة التسويق، وأبدى دهشته من أن ثلثى مساحة جمهورية مصر العربية، تزرع محصول البلح في سيوة والواحات البحرية والفرافرة والداخلة والخارجة وشرق العوينات، وهناك أكثر من أربعة ملايين نخلة مزروعة في كل هذه المساحات تنتج كميات كبيرة جدا، في حين تقوم الدولة باستيراد البلح الليبى والعراقى والمغربى مما يهدد الأسواق بصورة كبيرة.

وأشار إلى أن أصحاب المصانع اضطروا إلى تخزين البلح في الثلاجات الخاصة بهم بكميات كبيرة، ولم يتم تسويقه حتى الآن، وذلك مع دخول الموسم الجديد، الأمر الذي يشكل خسارة كبيرة، فهناك مصانع بها أكثر 500 طن لا تعلم مصير تلك الكميات التي لن يتم تسويقها، خاصة أن التجار يطلبون البلح المصنع حديثا ويرفضون شراء البلح المخزن.

وأكد أن هناك مشكلة أخرى ظهرت، وهى عدم وجود عمالة وضعف الإقبال على تلك الصناعة من أبناء الواحات عامة، الأمر الذي تسبب في ركود كبير فيها، خاصة منذ العام الماضى، ويتم حاليا تصدير البلح خام ويتم تصنيعه في محافظات الوجه البحرى، علما بأن الواحات متفوقة أيضا في الصناعة.

أصحاب المصانع
وأضاف أن من المشاكل الأخرى التي تواجه أصحاب المصانع وكبار المصنعين، ظهور المصانع غير المرخصة أو ما يطلق عليها "بير السلم" التي تشترى المحصول من المزارع بسعر أرخص، كما أنهم لا يدفعون ضرائب ويستهلك مياها وكهرباء بسعر وشريحة مختلفة عما يتم دفعه، مشيرا إلى أن هناك أكثر من 30 مصنعا مرخصا مهددة بالإغلاق بسبب الثلاجات والمصانع غير المرخصة.

وأكد الدكتور محسن عبد الوهاب مدير عام القطاع الزراعى بالوادى الجديد، أن الواحات تصدر أكثر من 60 ألف طن سنويا، مشيرا إلى أن ذلك الرقم قابل للزيادة بسبب زيادة الزراعات كل سنة.

وأشار إلى أن المحافظة وفرت هذا العام نحو طن من المبيدات للقضاء على سوسة النخيل الخطر الأكبر الذي يواجه الثروة الزراعية في الواحات، فضلا عن تسيير القوافل التي ترش النخيل وتعقد الندوات الإرشادية للمزارعين باستمرار.
الجريدة الرسمية