قصة من النرويج!
قبل أيام، احتفل هاكون ولي عهد النرويج، وزوجته ميت، بالذكرى الخامسة عشر لعلاقتهما.. كانت علاقة هددت عرش النرويج، وهددت نفوذ العائلة المالكة.. هددت أيضًا مستقبل والد هاكون وأمه.. ملك وملكة النرويج.
قبل 15 عاما، طالب النرويجيون الأمير هاكون بالتنازل عن العرش.. فلا يمكن لهاكون اعتلاء عرش البلاد، بينما صديقته فتاة ليل، تفحص جسدها طوب الأرض في الملاهي الليلية والمواخير بطول البلاد وعرضها.
من الذي قال إن "ميت" فتاة ليل.. وإنها احترفت مهنة التعري؟
هاكون الذي قال.. واعترفت ميت أيضا بعدما انكشفت علاقتها بولي العهد، وقال الأمير إنه وميت يفعلان كل شيء إلا الكذب.
فعلا الصواب.. فالأوربي يقبل أي شيء من أي شخص إلا الكذب.. وإذا كانت ميت قد عرت جسمها؛ لإطعام ابنها غير الشرعي، فإن إخفاء الحقائق عند النرويجيين، خطيئة أكبر من تعرية النهدين.. والإنجاب في الحرام.
عام 2000، انتقل الأمير هاكون للإقامة في شقة منفصلة مع ميت.. هي من جانبها أعلنت التوبة، وقالت إنها ستظل على حبها، حتى لو تركها الأمير، لو خيروه بين العرش وبين الحب.
توترت الأمور.. وتوافد مواطنون وألقوا "الطماطم" على أسوار القصر الملكي؛ احتجاجا على تصرفات الأمير الشاذة.. فإذا كان يحبها.. فعليه أن يختار بينها وبين كرسي المُلك.
يعني، إما أبيض.. وإما أسود.. لا بين بين.
لكن هاكون اختار الحب.. دعا لمؤتمر صحفي، حضرته معه ميت.. قال إن صديقته تعرضت في حياتها لظروف لم يكن لها فيها دخل، وقال: كل إنسان يخطئ، لكن الخطأ هو ألا نساعده على أن يقلع عن الخطأ.. الخطأ أن نحاسب بعضنا بالورقة والقلم.. حساب الملكين.. من منكم بلا خطيئة.
أما ميت، فقالت إن سبب أغلب مآسي حياتها أنها لم تجد من يأخذ بيدها للطريق القويم.. انفصل أبواها وهي صغيرة، تلطمت في المدارس الداخلية، وأكلت من صناديق القمامة، ثم لم تجد إلا تاجر مخدرات، يخلف منها بالعافية، مقابل بعض النقود لسندويتشات، وملابس داخلية، ومكان للإقامة.
في المؤتمر، لم يطلب الأمير الصفح من الشعب، طلب فقط تفهم "مشاعره".. أما ميت فطلبت من النرويجيين الغفران لهاكون.. وألا يأخذوه بذنبها.
عادت شعبية ولي العهد للارتفاع.. توافدت الجماعات على أسوار القصر الملكي بالورود هذه المرة، بدلا من الطماطم والبيض النيء.. فإذا كان الأمير قد ترك مصيره في يد الشعب، فإن الشعب يرد بأن يرد مصير المملكة إلى يديه وحبيبته.
قالوا إن هاكون وميت.. أحرار.. حتى إذا كانت قصتهما خرافية.. وأنهما ارتكبا كل الموبقات.. المهم أن ملك البلاد المنتظر.. لا يستطيع الكذب.
المهم أنه لم يكذب!
Twitter:@wtoughan
wtoughan@hotmail.com