رئيس التحرير
عصام كامل

ماذا يقرأ الرئيس؟!


ماذا يقرأ الرئيس؟ وما نوعية الكتب التي يقرءونها؟ وما هدفه من تلك القراءة؟

من تقاليد «البيت الأبيض» مخاطبة وسائل الإعلام بقائمة الكتب التي من المقرر أن يقرأها الرئيس باراك أوباما، خلال عطلته؛ انطلاقًا من حق المواطن الأمريكي في معرفة مؤشرات لما يدور في عقل رئيسه.


وإذا كان الأمر متاحا لمعرفة ماذا يقرأ رؤساء أمريكا، فإن هناك صعوبة ما لمعرفة ماذا يقرأ رؤساء مصر، إلا أن أول رئيس لجمهورية مصر العربية محمد نجيب، أشار في كتابه «كنت رئيسًا لمصر» إلى أنه أثناء فترة إقامته الجبرية كان يقضي معظم وقته في قراءة شتى أنواع العلوم، خاصة الطب والفلك والتاريخ، بجانب قراءة القرآن الكريم.

الموقع الإلكتروني لـ«جمال عبد الناصر» ذكر أن الرئيس الراحل قرأ أكثر من مائة كتاب، معظمها خلال دراسته الثانوية والكلية الحربية، منها «بونابرت حاكم مصر» لـ«شارل رو»، و«مطلع حياتي» لـ«تشرتشل»، و«تاريخ الثورة المصرية» لـ«عبد الرحمن الرافعي»، و«الحرب الحقيقية» لـ«ليدل هارت»، و«الحرب الآلية» لـ«ماجور فولر»، والسيرة الذاتية لـ«هتلر»، و«أهل الكهف» لـ«توفيق الحكيم».

ولم يكن الرئيس الراحل أنور السادات قارئًا نهمًا في شتى المجالات فحسب، بل كاتبًا أيضًا، بدأها بالأدب الساخر خلال فترة سجنه بالقلعة، عندما أصدر مع رفاقه في السجن صحيفة «الهنكرة والمنكرة»، ومسرحية «سهرة في قصر هارون الرشيد»، إضافة إلى تأليفه عدة كتب منها: «قصة الوحدة العربية»، و«يا ولدي هذا عمك جمال»، و«وصيتي»، وكتابه الأشهر «البحث عن الذات».

المقربون من الرئيس الأسبق حسني مبارك أكدوا أنه كان يقرأ القراءة، حتى أنه لم يكن يقرأ الصحف، ويكتفي بالتقارير الرسمية التي تُعرض عليه.. ومؤخرًا تسربت أخبار عن قراءته لـ«قصص الأنبياء» لـ«ابن كثير» خلال وجوده بمستشفى المعادي العسكري، بجانب قراءة القرآن الكريم من حين لآخر.

وبحسب مصادر مقربة منه، فإن الرئيس المعزول محمد مرسي، كان مهتمًا بقراءة المؤلفات التي تتعلق بفكر جماعة الإخوان، بجانب تخصصه في «هندسة الفلزات والمعادن»، إلا أنه الآن يعكف على قراءة العديد من كتب القانون، خاصة تلك المتعلقة بموقفه القانوني من القضايا التي يُحاكم فيها.

وبجانب الدراسات والكتب العسكرية، فإن «القرآن الكريم» هو الأقرب إلى قلب الرئيس عبد الفتاح السيسي- بحسب مصادر مقربة من الرئيس- إضافة إلى الكتب الدينية، وعلى رأسها المؤلفات «الصوفية».. كما أنه متابع جيد لما يُنشر في الصحف ووسائل الإعلام من تحليلات سياسية، وقضايا اجتماعية واقتصادية.

السؤال: لماذا نشغل أنفسنا بماذا يقرأ الرئيس؟
لأن الكتب التي يقرؤها الرئيس ليست أمرًا متعلقًا بشخصه، لكنها تعطينا مؤشرًا عما يدور في ذهنه.. وهناك حكمة- ربما تكون صادفتها ذات مرة- تقول: «قل لي ماذا تقرأ، أقل لك من أنت».

لكن إلى أي مدى تتحقق هذه المقولة؟
بحسب متخصصين، فإن القراءة «مرآة التفكير»، تتيح لقارئها- سواء كان شخصًا عاديًا، أو صانع قرار- معرفة طبائع الناس، وتكسبهم القدرة على اتخاذ القرار المناسب، وهي بمثابة «مفتاح الشخصية»؛ لمعرفة توجهات وتطلعات وطموحات الشخص المراد تحليله.

أما بالنسبة لي فالأمر مختلف، فحتى لو أخبرتني بقائمة الكتب التي تقرؤها، فلن أستطيع معرفة «مَنْ أنت»؛ ذلك لأن العبرة في ليست «القراءة» في حد ذاتها، بل «ماذا تقرأ»، ومدى انعكاس قراءتك على سلوكك، وتصرفاتك، وتعاملاتك، وقراراتك.

فكم من صانع قرار قرأ مئات الكتب في فنون الإدارة، والسياسة، والأدب، والفن، والدين، والتاريخ، والحروب، ومصائر الحكام.. لكنه كان « كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ»، فنجده يعيد إنتاج أخطاء سابقيه- وإن اختلفت- بل في بعض الأحيان تكون «إدارته للأمور» أسوأ من أسلافه!
الجريدة الرسمية