رئيس التحرير
عصام كامل

قل وقفة.. و لا تقل مظاهرة !


بالطبع قارن الجميع، حتى المؤيدين بالفطرة أو بالمصلحة أو بالتبعية التطوعية لكل نظام، بين ما جرى للسادة أمناء الشرطة المعتصمين في محافظة الشرقية وبين ما جرى لشباب كثر قاموا بالتظاهر أو بالاحتجاج على قانون التظاهر فتمت محاكمتهم وحبسهم بدون إلتماس أية أعذار!


قبل ذلك كان يتساءل البعض في براءة وسذاجة طفولية عن عدم اعتقال من يخرجون بالمئات أو أكثر احتفالا بأى مناسبة (وطنية) أو تأييدا لرموز خاصة بهم يعتبرونها أيقونات وطنية ودرر نضالية من أمثال السيد توفيق عكاشة والذي صرخ أتباعه بقيادة زميلته الباكية على حبسه حياة الدرديرى، من الظلم الواقع عليهم لحبس زعيمهم وقائد ثورتهم، هكذا يلقبونه، في قضية ما !

ولتجميل الصورة أكثر، كان من يخرج تأييدا يلقى كل محبة ورعاية من أجهزة الدولة التي تسعد كثيرا بوجود مؤيدين حتى ولو كان التأييد مصنوعا أو مدفوع الأجر حتى تشعر الحانقين والساخطين أنهم على خطأ وأنهم مغيبون أو يعيشون في جنة أرضية ولا يدرون بذلك أو ربما كانوا طماعين أكثر من اللازم وكافرين بالنعمة التي لا يقدرونها ! الاحتفال مرحب به إذن بل هو مدعوم أما النقد والتظاهر ورفض ما يراه المتظاهر ظلم هو جريمة بمقياس الحكومة، ولكن ماذا عن المتهم المدان محمد حسنى مبارك الذي يتوافد المئات من أتباعه أمام إقامته المميزة دوما محتفلين به وبفساده أو مواسين له ومنتقدين لمن هم في السلطة على عدم منحه ما يستحقه في عصر ردىء !

هل كل هؤلاء يحصلون على تصريح بالتظاهر أم أن تلك هي وقفات احتجاجية أو احتفالية لا يعاقب عليها القانون!، بالتأكيد نحن نحتاج لجهبذ من جهابذة التبرير ليوضح لنا الفرق بين المظاهرة والوقفة الاحتجاجية والتي على إثرها لم تطبق الدولة قانون التظاهر على السادة أمناء الشرطة !

الجميع يتمنى أن يتنور ويعلم كيف يمارس حقه القانونى والدستورى بالاحتجاج (المشروع) والذي لا يعاقب عليه القانون حتى يكون متوافقا مع الدولة.. حسنا نريد بيانا توضيحيا ليقول لنا كيف يحتج المواطن وهو واقف أو قاعد أو حتى نائم بدون عقاب وبدون الوقوع تحت طائلة قانون التظاهر، نريد أن نكون مواطنين مطيعين للقانون ومن يطبقه ونطالب بحقوقنا بدون صدام مع الشرطة أو غيرها من المواطنين الشرفاء الذين تجدهم إذ فجأة أمامك بالعصى والسيوف وكل ما تيسر لهم من أدوات تهذيب المتظاهرين أو المحتجين، نريد أن نكون كلنا أمناء !

إن جوهر ما خرج لأجله الأمناء هو شعورهم بالظلم.. نعم فرغم أن رواتبهم، حسبما أوضح حبيبهم سابقا أحمد موسى، تفوق المعلم والطبيب والمهندس بمراحل، إلا أنهم يشعورون بغبن وجور وظلم وعدم تقدير لدورهم المجتمعى والأمني، نعم هم يشعورون بذلك ولقد فاض بهم الكيل وقرروا التظاهر للمطالبة بما يرونه حقا وبنصيبهم المشروع من ثروات بلادهم فكانت تلك الزوبعة التي ستنتهى بالاستجابة لبعض مطالبهم ومنحهم بعض المزايا الفئوية التي تشعل الحقد فعليا بين فئات المجتمع وتعود بنا لعصور دولة المماليك وليست لمصر يناير أو حتى 30 يونيو.
fotuheng@gmail.com
الجريدة الرسمية