رئيس التحرير
عصام كامل

هالة شكرالله.. وقباري عبد الله.. والأحزاب الوهمية!


كان اتيليه القاهرة في السبعينيات من أبرز الأماكن التي تجمع أكبر عدد من المثقفين والسياسيين، وكان لى الشرف أن أرى وأتعرف على الكثير من رموز الثقافة والسياسة فمثلا رأيت الشاعر نجيب سرور في أواخر حياته، وأيامها تعرفت على الفذ أمل دنقل، وأيضا الرائع الخزاف محمد طه حسين، والفنان الألفى وصبرى السيد وكمال السراج والرزاز وفرغلى عبد الحفيظ والعبقرى المجنون سامى رافع مصمم النصب التذكارى للجندى المجهول في مدينة نصر وشعار البنك الأهلي والسيريالى المصرى محمد رياض سعيد وغيرهم كثيرين، الرائع أن تكون الشاب تحت العشرين، ولك أن تتخيل نفسك وأنت وسط كوكبة من كبار المثقفين.


ومن الأسماء التي لا أنساها وعرفتها عضو مجلس الشعب قبارٍى عبدالله عن دائرٍة قصر النيل عن حزب التجمع، وما أدراكم من قبارى عبدالله، ممثل العمال الذي كان يكتسح دائرة قصر النيل بدون مجهود يذكر لحب الناس له ولقربه من مشاكلهم، وحاولت الحكومة بغباء شديد في ذلك الوقت كسر شوكته فرشحت أمامه الكاتب الصحفى الكبير موسى صبرى، الذي كنا نطلق عليه كليم السادات، وكانت مهزلة مهينة لمرشح الحكومة ونجح باكتساح قبارى عبدالله وانسحب كليم السادات، وللعلم كان هذا القبارى عبد الله أسمر البشرة من النوبة أحد اثنين فقط في مجلس الشعب والثانى الأستاذ خالد محيى الدين عن حزب التجمع.

التقيته على باب الأتيليه المواجه لمقر حزب التجمع فسألته عن الشائعة التي انتشرت في كل مصر أن السادات سينشئ حزبا جديدا ليكون بديلا لحزب مصر الذي كان يرأسه ممدوح سالم رئيس الوزراء أيامها والذي فشل في الوصول للجماهير!!

ضحك قبارى عبدالله وقال: السادات يعمل حزب؟! السادات اكتر شىء ممكن يعمله فنجان شاى..! وأضاف: الحزب رؤية عن أحلام الجماهير ويجتمع الناس على الحلم أو الأفكار ثم يعلن الحزب بعد ذلك ولا يمكن تكوين حزب بقرار من رئيس الجمهورية!

أيام وأعلن الرئيس الأسبق محمد أنور السادات بإنشائه الحزب الوطنى ليعيد الحزب الوطنى القديم. ومن العجب أن يتحول جميع أعضاء حزب مصر إلى الوطنى في نفس يوم إعلان السادات، في مشهد كوميدى غريب أثار الناس بالدهشة، وهؤلاء كانوا أعضاء في الاتحاد القومى والاتحاد الاشتراكى منذ الستينيات، والغريب أن من هؤلاء ظلوا في الحكم حتى 25 يناير2011 ولا حياء عندهم!

وسقط الحزب الوطنى وفشل في الوصول للناس وتحققت كلمات قبارى عبد الله عن تكوين الأحزاب، الذي ذكرنى بهذه القصة هو حزب الدستور، الذي أسسه محمد البرادعى وهرب، وجاء السفير سيد قاسم وفشل ثم هالة شكرالله التي أقالوها بعد أن هددوها، والدنيا مقلوبة في الدستور، باختصار هؤلاء الذين يملأون الدنيا صياحا وهجوما وتهكما على كل شىء فشلوا في تكوين مجرد نواة لحزب، وحتى هؤلاء غير مدركين أن الأحزاب تنشأ من قلب الجماهير، من حوارى ونجوع وقرى مصر، وليس من المكاتب الفاخرة المكيفة أو من خلال الصوت العالى أو الكلام المنمق تارة أخرى. 

وحتى حزب الوفد الذي حاول الأحفاد إعادته للحياة، منذ السبعينيات ولم يحقق شيئا سوى الخناقات والخلافات، الانقسامات حطمته وأصبح حزبا آيل للسقوط، وآخر مشكلة هي قضية التحرشى الجنسى في لجنته العليا واستقالة المتهمين بالواقعة، وحتى هالة شكرالله سيتم التحقيق معها لو لم تستقيل نهائيا من الحزب!!

وانتهى حزب التجمع وأذكر أننى التقيت الأستاذ نبيل ذكى الكاتب الصحفى والقيادى بحزب التجمع في نقابة الصحفيين فقلت: البقاء لله !! فقال: البقاء لله في مين ؟؟ قلت: حزب التجمع !! فرد قائلا: معاك حق!!
متى سيصبح لدينا أحزاب حقيقية ؟!
أتمنى ألا يكون هذا الحلم سرابا نطارده ويسخر منا !!
الجريدة الرسمية