الداخلية تقع في الفخ !
لن يمنعني وقوفي خلف رجال الداخلية وهم يواجهون الإرهاب كل يوم وكل لحظة.. ولن يمنعني دعمي المتواصل لهم عندما يسقط منهم شهداء من الضباط والصف وأمناء الشرطة والجنود وهم يؤدون الواجب الوطني المقدس في ساحة الشرف، ولن يمنعني غض الطرف عن تجاوزات البعض منهم في حق المواطن من طالبي الخدمة الشرطية أو من هم في دوائر الاتهام في أقسام الشرطة أو في أماكن الاحتجاز نتيجة الضغط النفسي والعصبي الواقع عليهم، ولن يمنعني التماس العذر لهم أحيانا عندما يقع حادث إرهابي هنا أو هناك يبدو منه تقصير أو إهمال كبير أو صغير!
لن يمنعني كل ذلك من وصف ما حدث ويحدث من أمناء الشرطة في محافظة الشرقية بأنه خروج صريح على القانون.. بل دهس واضح للقانون وإهدار لهيبة وزارة الداخلية بكل ما تحمله الكلمات من معني.. فعندما يتظاهر ويعتصم أمناء الشرطة ويطوقون مبني مديرية أمن الشرقية ويوصدوا أبواب 6 أقسام للشرطة أمام العاملين وأمام مصالح الناس، ويصل الأمر إلى منع مساعد الوزير من دخول مديرية الأمن، ورفض الحوار مع القيادات الشرطية بمختلف رتبها، ويرفعون شعارات لا تفاوض قبل تنفيذ المطالب.. ويعلنون التمرد على كل شيء.. فإننا نكون بصدد خلل واضح في المنظومة يحتاج إلى تدخل سريع يعيد للداخلية هيبتها وللحكومة كلمتها العليا، ونكون كذلك بصدد مؤامرة يتم نسج خيوطها وترتيب فصولها وإخراجها بكل دقة وبحسابات صحيحة، وإلا لماذا يحدث ذلك الآن، ولماذا أمناء شرطة محافظة الشرقية؟
مصادر من الداخلية –حسب قولها- رصدت علاقة بين هؤلاء الخارجين على القانون (على الأقل قانون التظاهر) وبين عناصر من الجماعة الإرهابية تفيد تورط أمناء الشرطة في مؤامرة التمرد والاعتصام والتظاهر! فإذا كان الأمر كذلك ولدي الداخلية معلومات تؤكد هذا.. لماذا تركت الداخلية الأمر يصل إلى هذا الحد دون تدخل مبكر.. ولماذا لم تدرس طلبات الأمناء وتتحاور معهم في مشروعية هذه المطالب..؟ والسؤال الأهم كيف وصلت الحالة للدرجة التي يفقد فيها كبار رجال الداخلية سيطرتهم وهيبتهم على مرءوسيهم؟
هل هناك اختراقات لم تكشفها الأجهزة الأمنية بعد.. أم أن هناك انسدادا في شبكة التواصل بين الرؤساء والمرءوسين في الداخلية وليس هناك من قدرة لدى أحد منهم لتسليكها ؟ أظن أن الاختراق قائم وأن قدرة المخترقين عالية وتستطيع فعل ما تريد، وأن الذين ينفذون هذا المخطط يدركون أنهم يخالفون القانون ويدركون أيضا أن الأمر سينتهي بالاستجابة لبعض مطالبهم، وإذا حدث ذلك فعلينا أن نتوقع المزيد والمزيد.
سامح الله اللواء منصور العيسوي وزير الداخلية بعد 25 يناير 2011 الذي فكك جهاز أمن الدولة وألغي مكاتبها في كل المحافظات والمراكز، والذي سرح عددا كبيرا من الضباط الأكفاء وجرف عقل الوزارة من المعلومات، وسامحه الله عندما سمح بعودة المئات من أمناء الشرطة المفصولين من العمل في قضايا مخلة بالشرف بالرشوة والبلطجة فقويت شوكتهم وأساءوا للوزارة أيما إساءة!
المعتصمون طالبوا بالترقي لدرجة الضابط وترقية الخفير إلى أمين شرطة، وطالبوا بحافز قناة السويس الذي لا أعرف ما هو ويطالبون بزيادة الرواتب والعلاج وفي ذات الوقت يخالفون القانون ويعطلون مصالح العباد.. بلطجة من نوع جديد تضرب الداخلية من داخلها وتسقط هيبتها، ولا أري حلا غير تحويلهم جميعا للمحاكمة العسكرية أو الفصل من الخدمة لأن مثلهم ليسوا أمناء على الوطن ولا أمناء على الناس.. وليسوا شرطة لأنهم يضحون بالوطن.. أمثال هؤلاء ينسفون تضحيات زملاء لهم سقطوا في ميدان الشرف.
أما الطبطبة والانصياع للمطالب فلا يدل إلا على ضعف ووهن وعدم قدرة ! أما وقد رضخت الداخلية لهم فقد وقعت في الفخ وانتظروا المزيد منهم ومن غيرهم سواء كان بحق أو بغير حق، وباي باي قانون التظاهر.. فرب البيت بالدف ضارب!
تطبيق القانون عليهم رسالة مهمة للجميع والتراجع رسالة سلبية للوزارة سيدفع المجتمع ثمنها غاليا.. وإذا كان لهم حقوق فليطلبوها بالطريق القانوني، وإلا ما معني أننا دولة قانون؟