شاطروها أحزانها من فضلكم.. هذه سيدة جليلة!
أكثر من ثلاثة عشر عاما تقوم بعملها الخيري دون أن يعرف أحد.. ومن دون أن يعرفها أحد.. لم تطل على الناس في حوار تليفزيوني واحد.. ولا حديث إذاعي واحد.. ولم تتعدد صورها الصحفية بملابس أوربية آرستقراطية مرتفعة الثمن كما يفعل غيرها.. إنما التزمت بأن تفعل الخير دون أن تعرف شمالها ما أنفقت يمينها.. رغم أن رخصة العلانية في فعل الخير مباحة ليتشجع على الخير كل متردد فيه.. طالما بقيت النية نقية صافية لله رب العالمين وحده.
لكن تتزايد أعمال الخير وباتت قريبة من متصلين بوسائل الإعلام.. فتماست أعمالها بأحداث كبيرة سقط فيها مصابون سيسافرون للخارج وضحايا حوادث شهيرة وكبيرة.. إلا أنها تنفق هنا.. وتتبرع هناك.. تجري هنا.. وتسافر هناك.. تبكي بالدموع هنا.. وتمسح بيد البر والخير دموع هناك.. تواسي وتهنئ.. تحتفل وتشاطر الأحزان.. ومع كل ذلك.. وبين كل ذلك.. لا تنظر إلى حجم ما أنفقت ولا قيمته ولا رقمه ولا فاتورته.. قد نذرت نفسها للخير وليس غيره.. ولا قيمة تساوي عند رب الناس لما تقدمه في إسعاد الناس.. وكان طبيعيا والأمر كذلك أن يعرف الناس اسم تلك السيدة الجليلة التي تفعل كل ذلك.. فشلت في البقاء سرا لا يعرفه أحد.. وعرفوها.
ومنذئذ لا ابتذال لاسمها في وسائل الإعلام ولا شهوات المنظرة كل حين في ظهور دعائي مظهري يذهب بالحسنات.. ورغم المغريات ورغم جاذبية الشاشة والحوار الصحفي والحديث الإذاعي إلا أنها صمدت ونجحت ونجت من فخاخ شيطانية نصبت في طريقها.. وقبل يومين يضعها رب العزة في الاختبار الأكبر.. هنا الصبر عند الصدمة الأولى.. هنا إرجاع الأمر لصاحب الأمر.. هنا سيدخل الشيطان إلى النفس الإنسانية الضعيفة.. الأمارة بالسوء ليوسوس لها بأن "هل هذا جزاؤها عن خير قدمته"!
إلا أن كل ما يصل إلينا يؤكد صبرها على الابتلاء.. فقد فقدت ابنها غير المريض.. غير العليل.. الذي لم يكمل الثمانية عشر من عمره.. توقظه فلا يستيقظ.. صدمة الصدمات.. صعدت الروح الطيبة إلى بارئها دون وداع.. وبين صرخة الصدمة.. وصدمة الفراق.. وفراق روحها وقلبها ونور عينها تعيش الآن السيدة الجليلة "هبة السويدي" بين أحزانها رغم أنها صانعة البهجة لآلاف البسطاء وأسرهم وأهلهم وأهل أهلهم.
كلمات وجمل وعبارات المواساة كثيرة وغزيرة.. وحب المحيطين تستحقه بلا جدال.. وحنو الأيادي الطيبة لا يتوقف.. ولا يتبقي إلا أن تواسيها مصر كلها.. راسلوها وعزوها.. قدموا إليها خيرا سبقتكم إليه.. بقروش قليلة ودقائق معدودة في أي مكتب تلغراف وسيصلها عزاؤكم.. يكفي جدا فيما نظن أن نكتب آل السويدي القاهره.. لتصل البرقيات تخفف آلاما وأوجاعا.
شاطروها الأحزان وقد شاطرت قبل اليوم عشرات الآلاف أحزانهم قبل أفراحهم.. فقراء وجوعي وعرايا لم يتذكرهم أحد.. إلا هي فاذكروها في يومكم وفي أعمالكم!