رئيس التحرير
عصام كامل

«الذين طغوا في البلاد».. صندوق الإخوان الأسود يتحدث: «قتلوا أسمهان..أحرقوا القاهرة.. حاولوا اغتيال النحاس»..محمود عبدالحليم مؤسس «النظام الخاص» للإخوان يعترف بجرائم الجما

فيتو

>> استخدموا سيارة مطافئ «مفخخة» لتفجير قصر مصطفى النحاس لكن العملية فشلت
>> «البنا» قال لـ«السندى»: «يجب أن تتخلص من النحاس بأي طريقة.. دي مسئوليتك»

>> «الهضيبي» تفاوض مع «أحمد حسين» زعيم حزب مصر الفتاة للاتفاق على عمل ثوري انقلابي لإسقاط نظام «فاروق» فـ«أحرقنا القاهرة»
>> «التجسس لصالح الألمان» الفتوى التي كتبت نهاية «أسمهان» بأوامر من الإمام حسن البنا
>> الرغبة الإخوانية تلاقت مع رغبة الإنجليز في التخلص من المطربة لأن «لسانها فالت»


قبل أن تقرأ
لا أحد يدري كيف استطاعت جماعة الإخوان خداع المصريين طيلة أكثر من 80 عاما دون أن يتبرع أحد بكشف الوجه الحقيقي لهذا التنظيم بأدلة دامغة تظهر للشعب المصري مؤامراته وخططه الدنيئة التي أعدها ونفذها للسيطرة على الحكم أيا كان الثمن.

ما حدث في ثورة يناير المجيدة وما تلاها من أحداث أكد للجميع أن هذا التنظيم كاذب لا يؤتمن، فبعدما ثار شباب مصر غير المسيس قفز الإخوان واحتكروا الثورة حتى وصلوا للحكم، وفي طريقهم لكرسي السلطة داست أقدامهم على كل شيء واعتلوا الثوار ثم بدءوا في حصارهم واعتقالهم. 

لما لا؟! فهذا هو نهج الإخوان وطريقهم الدائم.. الخداع والكذب والنفاق إذا دعت الضرورة وصولًا لحلقات الاغتيال والحرق... سيناريو مكرر اعتمده الإخوان طيلة تاريخهم فمن لا يستطيعون خداعه يقتلونه ومن لا يتوافق معهم يغتالونه.
التاريخ الإخواني مليء لآخره بالكذب والتضليل...«فيتو» حصلت على أدلة جديدة عن جرائم الإخوان التي ارتكبوها طيلة حقبتي الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي.

هذه الأدلة خاصة بمسئولية الإخوان عن ثلاثة أحداث تاريخية ما زال المتهم فيها مجهولًا حتى اليوم.

الأحداث الثلاثة التي تورط الإخوان فيها تمثلت في اغتيال المطربة أسمهان، وحريق القاهرة 1952 ومحاولات اغتيال مصطفى باشا النحاس المتكررة.

السؤال الآن كيف حصلت «فيتو» على أدلة تورط الإخوان في اغتيال أسمهان وحرق القاهرة ومحاولات اغتيال النحاس؟!
الحقيقة أن هذه الأحداث كانت ومازالت مثارا للجدل وتاريخ الإخوان مليء بإنكار الجماعة وقادتها للتورط من قريب أو بعيد في هذه الجرائم.

«أمين سر الإخوان يفضح الجماعة»
الدليل الذي حصلت عليه «فيتو» تمثل في حديث ممتد لأكثر من 7 ساعات جمع «محمود عبدالحليم» القيادي الإخواني البارز، عضو الهيئة التأسيسية للجماعة، رفيق حسن البنا الأبرز، وإضافة إلى كل ذلك فالرجل هو الذي أسس «النظام الخاص» للجماعة بأوامر مباشرة من «حسن البنا»، وهو التنظيم المسئول عن هذه الحوادث مسئولية مباشرة وفقًا لاعترافات «محمود عبدالحليم» نفسه.

ففي لقاء جمعه مع مجموعة من أعضاء وقادة جماعة الإخوان في أواخر عام 1999 وقبل وفاته بعدة أشهر قال «محمود عبدالحليم» ردا على تساؤل لأحد شباب الجماعة حول علاقة الإخوان بأحداث العنف والاغتيالات التي وقعت في مصر في حقبتي الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي أن الجماعة كانت هي المحرك الرئيسي للأحداث في هذه الفترة.

اعترافات «عبدالحليم» تكتسب أهمية كبيرة للغاية خاصة أنها خرجت من أمين سر الجماعة ومؤرخها المعتمد الذي طبع له الإخوان بأيديهم كتاب «الإخوان المسلمون.. أحداث صنعت التاريخ».

و«عبدالحليم» أحد أعضاء الهيئة التأسيسية للإخوان، أسند إليه «البنا» مسئولية إنشاء قسم الطلبة،ثم أولاه مسئولية إنشاء الجهاز السري الذي عرف فيما بعد باسم «النظام الخاص»، وكان «عبدالحليم» في السنة النهائية بكلية الزراعة حينما بدأ في إنشاء الجهاز، وتعرف على «عبدالرحمن السندي» الذي كان طالبا في كلية الآداب ويسكن في نفس العقار الذي يسكن به «عبدالحليم»، وقام الأخير بتجنيد الأول وعرفه على «البنا»، وجعله البنا نائبا لـ«عبدالحليم» في قيادة الجهاز، وبعدما تم اختيار «عبدالحليم» لوظيفة حكومية في دمنهور اختار البنا «السندي» ليصبح رئيسا للجهاز السري للإخوان.

وهناك قاعدة يعرفها أعضاء الإخوان تقول «إذا أردت أن تبحث عن تاريخ جماعة فلتبحث عن أمين سرها أو مؤرخها»، وقد كان محمود عبد الحليم، عضو الهيئة التأسيسية لجماعة الإخوان المسلمين، الذي يعتبر أهم مؤرخ لتاريخ الإخوان، وكان من الشباب المقربين جدًا من حسن البنا، وقام بعمل كتاب خط فيه ما عرفه عن جرائم التنظيم السري للإخوان، وكان محمود عبد الحليم قد كتبه في فترة السبعينيات بعنوان «الإخوان المسلمون.. أحداث صنعت التاريخ»، لكن قيادات الإخوان محت نصفه قبل أن تسمح بنشره، ولذا فقد ظل كثير من جرائم الإخوان سرًا طي الكتمان.

ولد محمود عبد الحليم في مدينة رشيد في 20 سبتمبر 1917، التحق بكلية الزراعة عام 1935، وكان يقطن بمدينة الجيزة، وانضم لجماعة الإخوان، وأصبح مؤرخ الجماعة وأسس التنظيم السري للجماعة.

ويذكر محمود عبد الحليم أنه التقى «البنا» في بداية حياته في القاهرة لقاءً عابرًا، وصفه قائلًا: «لما سافرت القاهرة كان برفقتي صديقي محمد جمال الدين نوح، وبعد وصولنا قال لي: إن أبي أوصاني أن أزور صديقًا له اسمه حسن البنا، وهو يسكن في 5 حارة الروم بالغورية، وانطلقنا نبحث عن العنوان في أحشاء حي عريق حتى وصلنا، فرأينا بيتًا على الطراز العتيق، وسألنا عن الأستاذ حسن البنا، وصعدنا حتى دخلنا غرفةً كبيرةً مثبتًا على جدرانها رفوف خشبية مملوءة بالكتب والمجلدات، ورأينا مكتبًا يجلس عليه شابٌّ ذو لحية، يرتدي بدلة وعلى رأسه طربوش، وكان منظرًا عجيبًا؛ حيث تعوَّدنا أن يكون صاحب اللحية شيخًا أزهريًّا، فلما رأى منا الحيرة سارع بالترحيب بنا، وتحدَّث معنا عما جاء بنا، ثم شجَّعَنا على مواصلة الدراسة، وألحَّ علينا أن ننزل في ضيافته فشكرناه، فطلب منا أن نتصل به في كل ما يلزمنا ثم انصرفنا، غير أن هيئة الرجل ظلت راسخةً في ذهني، كما لفت نظري أيضًا لافتةٌ على وجه البيت كتب عليها، وذلك ما جاء في موسوعة الإخوان المسلمين».

وقد عين محمود عبد الحليم في «فوة» في إحدى الإجازات، وترك فيها أثرًا عميقًا، وزاد فيها عدد الإخوان والمشتركين في المجلة، وقال عنه أحد قادة الإخوان لقد أضاف إلى "فوة" نقطةً بجهاده فيها، وجعلها «قوة» لا «فوة».

مصطفى النحاس.. عدو الإخوان الذي فشلت في اغتياله
في روايته للإخوان الذين كانوا مجتمعين في منزله تحدث "عبدالحليم" عن محاولات الإخوان المتكررة اغتيال مصطفى النحاس وقال: في إحدى المحاولات قمنا باستخدام سيارة مطافي وضعنا أعلاها متفجرات ووضعناها بجوار قصر مصطفى النحاس إلا أن الانفجار لم يحقق أهدافه وفشلت العملية.

والقصة التي رواها "عبدالحليم" لضيوفه في غاية الغرابة، فوفقًا للرجل قام "عبدالرحمن السندي" رئيس التنظيم السري للإخوان وقتها بسرقة عربة مطافي بناءً على تعليمات "حسن البنا" الذي قال له "يجب أن تتخلص من النحاس بأي طريقة.. دي مسئوليتك".

وأثناء تجهيزه لخطة اغتيال "النحاس" عرف "السندي" من أصدقاء له من اليسار أن هناك شخصا يدبر لاغتيال "النحاس" وعرف أن هذا الشخص هو "حسين توفيق" الذي كان شريكا للرئيس الراحل محمد أنور السادات في اغتيال "أمين عثمان"، فاستدعاه وأخبره أنه سيقوم بدعمه في هدفه وأمده بالفعل بقنبلة، وسخر التنظيم السري للجماعة في خدمة هذه الخطة وقام أعضاء التنظيم برصد تحركات النحاس، وأثناء سير موكبه كان "حسين توفيق" مواجها للموكب وألقى القنبلة التي أمده بها الإخوان على موكب النحاس إلا أنها لم تنفجر.

وحينما فشلت الخطة الأولى اعتمد "السندي" على رجاله ووضع خطته التي سيستخدم فيها عربة الإطفاء التي سرقها وأمر رجاله بالتوجه بهذه العربة إلى قصر النحاس حيث وضعوا أعلاها عبوات ناسفة زمنية يتم تفجيرها في توقيت محدد، وضبطوا وقت انفجارها على موعد دخول "النحاس" غرفة نومه حيث كانت العربة في مواجهة شرفة غرفته مباشرة، وبالفعل انفجرت العبوات الناسفة إلا أن "النحاس" لم يصب بأى أذى، فقد نتج عن الانفجار نزول قطعتين كبيرتين من الديناميت فوق الناموسية التي كان ينام تحتها، لكن يشاء الله أن نجا "النحاس" وبعدها أطلقت الصحف على النحاس "الرجل الطاهر" الذي أنقذه الله من عمليات الاغتيال.

وفجر "عبدالحليم" مفاجأة من العيار الثقيل أثناء حديثه مع قادة الجماعة بمنزله بتأكيده أنه ذكر التفاصيل الكاملة عن محاولات اغتيال مصطفى النحاس في كتابه "الإخوان المسلمون.. أحداث صنعت التاريخ" لكن مصطفى مشهور عندما عرضت عليه المسودة الأولى للكتاب قام بحذف هذه الأجزاء وأدخل بعض التعديلات عليه أيضا لا يعرف عنها "عبدالحليم" شيئا إلا بعدما تم طباعة الكتاب ونشره.

وقال عبدالحليم: كانت وجهة نظرى أن التاريخ يجب أن يروى كما حدث ولا تتدخل فيه الأهواء إلا أن "مشهور" تدخل وكانت وجهة نظره أن التاريخ إذا روي كما حدث وتم ذكر الأخطاء التي ارتكبتها الجماعة فإن ذلك قد يقف حائلا دون وصول الإسلام إلى الحكم ويصد المقبلين على الحل الإسلامي.

حريق القاهرة... خطة الإخوان لاعتلاء الحكم
حتى تاريخه ما زال المتهم الرئيسي في حريق القاهرة عام 1952 مجهولا، إلا أن الفاعل لم يكن مجهولا لدى "محمود عبدالحليم" الذي اعترف لأعضاء وقادة الإخوان أن التنظيم السري للجماعة هو من قام بحرق القاهرة!

"محمود عبدالحليم" أكد أن هدف الحريق كان إسقاط النظام الملكي وإقامة دولة يقودها الإخوان مع مصر الفتاة "أحمد حسين"، ووجهت الأمور في البداية إلى محال اليهود وده كان هدف تاني ولم يسفر الأمر عن شيء فكان البديل هو الاتفاق مع الضباط الأحرار بعد ذلك.

ومما رواه "عبدالحليم" لضيوفه أنه في هذا التوقيت كان مسئول التنظيم السري للجماعة "يوسف طلعت" خلفا لـ"عبدالرحمن السندي"الذي أصدر "حسن الهضيبي " المرشد العام للجماعة وقتها قرارا بفصله من الجماعة.

في هذه الأثناء فوض "الهضيبي" "يوسف طلعت" في التفاوض مع "أحمد حسين" زعيم حزب مصر الفتاة للاتفاق عن عمل ثوري انقلابي لإسقاط نظام الحكم.

وتم الاتفاق بين "طلعت" و"أحمد حسين" على تنفيذ خطة حريق القاهرة على أن يبدأ ذلك بحرق قسمي الأزبكية وعابدين لأنهما يضبطان وسط القاهرة، ثم حرق المحال بوسط البلد وسنترال القاهرة الرئيسي برمسيس وسنترال العتبة لقطع الاتصالات، وحرق شركة الكهرباء لقطع التيار الكهربائي.

ووفقا لما رواه "عبدالحليم" لضيوفه فإن هذا الأمر كان يحتاج لقوة بشرية عالية وهي التي كان يمتلكها "مصر الفتاة" و"الإخوان"، إلا أن التنظيم السري للإخوان كان أكثر قوة وكان لديه سند شرعي فرغم ما ستسببه عمليات الحرق من خسائر للدولة إلا أنه يعني وصول الإخوان للحكم وفي أدبياتهم "الإسلام للحكم".

الخطة التي تم تنفيذها هي نفس التي كانت موجودة وتم العثور على تفاصيلها في قضية "السيارة الجيب" عام 1948 والتي ترتب عليها إصدار النقراشي باشا قرارا بحل الإخوان.

حيث كانت الخطة الموضوعة والموجودة حاليا بدار الكتب والوثائق التي يشرف عليها الكاتب الكبير حلمي النمنم تنص على حرق السنترالات وأقسام الأزبكية وعابدين والمحال الكبرى إضافة إلى القناطر الخيرية.

المذهل أن الخطة هي نفسها التي وضعها سيد قطب عام 1964 للانقلاب على نظام الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، والتي أسندت لعبدالفتاح إسماعيل الذي حكم عليه بالإعدام مع قطب، وكان قطب وإسماعيل خططا للاستعانة بشباب الجماعة ومن بينهم محمود عزت ومحمد بديع المؤيدين أن الإخوان لن يصلوا للحكم إلا عن طريق القوة.

ووفقا لرواية محمود عبدالحليم لضيوفه فإن الخطة فشلت نظرا لأنه تم الاتفاق على تشكيل فريق تنفيذ مكون من 150 شخصا منهم 100 من الإخوان و50 من مصر الفتاة، والأعداد التي تحركت من "مصر الفتاة" لم تكن على قناعة بشرعية الخطة لذلك تراجعوا في اللحظات الأخيرة، وهو الأمر الذي تسبب في ألا يتم ثلث الخطة، واستطاعت قوات الأمن وقتها السيطرة على الأمور، فلم يجد الإخوان وقتها بديلا للسيطرة على الحكم إلا عن طريق التواصل مع تنظيم الضباط الأحرار، وكانت همزة الوصل مع هذا التنظيم متمثلة في عبدالمنعم عبدالرؤوف وحسين حمودة اللذين كانا عضوين بتنظيم الوحدات بالجماعة، وبالفعل تواصلا مع عبدالناصر ومجموعته وكانت خطة الإخوان تسير في طريقها إلى أن وقعت الخلافات بين ناصر والإخوان وهو ما قضى على الخطة تماما.

والمعروف أن حريق القاهرة سبب ضررا كبيرا للاقتصاد المصري وقتها، ففي 26 يناير 1952 استيقظت مصر على كتلة نار تشعل القاهرة، وغضب عارم يجتاح الشوارع، تحول الغضب إلى كرة من اللهب قذف بها المصريون في وجه المستعمر البريطاني، حيث التهمت الحرائق نحو 700 مبنى ومحل في وسط القاهرة، أشهرهم فندق شبرد وجروبي وبنك باركليز ونادي السيارات، وقد ملأت الغضبة الشعبية الشوارع متظاهرين، حتى قيل إن أعدادهم وصلت لمليون متظاهر. 

اختلفت الروايات في عدد من قتل في ذلك اليوم نتيجة الحرائق والشغب، فقال جمال حماد في كتابه "أسرار ثورة 23 يوليو" "26 شخصا قتلوا في ذلك اليوم، 13 في بنك باركليز، 9 في الترف كلوب، والباقي داخل بعض المباني والشوارع. كما دمرت النيران ما يزيد عن 700 منشأة.

ويختلف المؤرخون عمن يكون وراء حريق القاهرة في ذلك اليوم، فهناك من يقول إن الملك فاروق كان وراءها، ليتخلص من وزارة النحاس باشا، وهناك من يقول الإنجليز للتخلص من وزارة النحاس التي ساءت علاقتها بها بعد إلغاء معاهدة 1936.
وكان الإخوان يستهزئون بمن يلقي بالاتهام عليهم فيما يخص حريق القاهرة خاصة أنه ترددت الاقاويل أنه في صباح يوم 26 يناير 1952، انطلقت مجموعات منظمة من التنظيم السري الخاص لجماعة الإخوان المسلمين، وفي منتصف نهار 26 يناير 1952، وانتشروا في وسط مدينة القاهرة وكلهم يقودون دراجات بخارية، حسبما تقول الروايات، وكانت كل دراجة يركب عليها ثلاثة أشخاص الأول يقود الدراجة، والثاني يحمل قنابل المولوتوف والمتفجرات، والثالث يقوم بتنفيذ العمليات التفجيرية.

وطبقًا للتحقيقات الرسمية فما يزال الفاعل مجهولا في حريق القاهرة!، لكن المؤرخين يذكرون أنه لم يكن يوجد في مصر عام 1952، تنظيم مسلح أو دموي سوى تنظيم جماعة الإخوان. وأن حريق القاهرة عام 1952، لم يكن المقصود منه سوى طمس جرائم القوات البريطانية مع الشرطة المصرية في الإسماعيلية، ولم يكن لفصيل سياسي مصالح مع الإنجليز وقتها سوى جماعة الإخوان، فالجماعة تدين بفضل النشأة إلى المخابرات البريطانية، كما تدين لها بالرعاية والتمويلات، التي جاءتها بناء على تزكية بريطانية، كما تدين لها بتوفير الحماية والغطاء السياسي.

الجماعة التي كانت تستهزئ بهذه الاتهامات حان الوقت أن تدرك جرم ما فعلته خاصة مع اعتراف مؤرخها أن التنظيم السري هو من حرق القاهرة.

أسمهان.. أميرة الغناء التي أسكتها الإخوان للأبد

مؤخرا اندلعت حرب كلامية بين قادة الإخوان وثروت الخرباوي القيادي السابق بالجماعة على خلفية اتهام الأخير للإخوان باغتيال الفنانة "أسمهان" في مسلسله الإذاعي "التنظيم السري" الذي بثته الإذاعة المصرية في شهر رمضان الماضي، ووصل الأمر لاتهام أعضاء الجماعة الخرباوي بالجنون ومحاولة تشويه سمعته بكافة الطرق الممكنة.

والحقيقة أن من اعترف باغتيال الإخوان لأسمهان كان بالأساس "محمود عبدالحليم" أحد مؤسسي الجماعة الذي قال لضيوفه الذين زاروه في عام 1999 بمنزله إن الجماعة هي من قتلت أسمهان بناءً على طلب شخصي من الجنرال كلايتون رجل المخابرات البريطانية في مصر الذي كانت تربطه علاقة وطيدة مع حسن االبنا.

ووفقًا للوثائق البريطانية فقد كشفت هذه الوثائق أن في فترة الأربعينيات كان هناك مسئول بالخارجية البريطانية موجود بمصر ويدعىى الجنرال كلايتون وكان يتواصل مع حسن البنا،وكشفت هذه الوثائق التي كتب عنها "جيفري هاريسون"و "محسن محمد" و"محمد حسنين هيكل" وآخرين عن أن "كلايتون" كان دائم التواصل مع "البنا" وزارة كثيرا في مقر الإخوان،وفي نفس الوقت كان "كلايتون" مسئولا عن شبكة جاسوسية أنشأها لمصلحة التاج البريطاني تحت اسم "سناك" وكانت "اسمهان" بمثابة العمود الرئيسي لهذه الشبكة حيث ساعدت القوات الفرنسية المتحالفة مع الإنجليز إبان الحرب العالمية الثانية في التمركز بجبل الدروز بسوريا حيث كانت قد تزوجت عام 1938 من الأمير "حسن الأطرش" أمير جبل الدروز، وبمساعدتها للقوات الفرنسية تكون قد أسدت خدمة كبيرة لدول الحلفاء في مواجهة دول المحور.

وهنا تذكر بعض الوثائق أن قائد سلاح الطيران البريطاني في الشرق الأوسط قد جندها للعمل معهم، وكان ذلك القائد بنفسه رئيس المخابرات للجيوش البريطانية، مهتم بمعرفة جميع الأمور في المنطقة.

في عام 1941 التقت "أسمهان" مع أحد السياسيين البريطانيين العاملين في الشرق الأوسط، وتم الاتفاق على أن تساعدهم في تحرير سوريا وفلسطين ولبنان وأن تكون بمثابة مخبر ناقل للمعلومات.

وجرى الاتفاق على أن تساعد "أسمهان" بريطانيا والحلفاء في تحرير سوريا وفلسطين ولبنان من قوات فيشي الفرنسية وقوات ألمانيا النازية، وذلك عن طريق إقناع زعماء جبل الدروز بعدم التعرض لزحف الجيوش البريطانية والفرنسية (الديجولية).

وقد قامت بمهمتها خير قيام بعد أن أعادها البريطانيون إلى زوجها الأسبق الأمير حسن، فرجعت أميرة الجبل من جديد، وهي تتمتع بمال وفير أغدقه عليها الإنجليز، وبهذا المال استطاعت أن تحيا مرة أخرى حياة الترف والبذخ وتثبت مكانتها كسيدة لها شأنها في المجتمع ولم تقصر في الوقت نفسه في مد يد المساعدة لطالبيها وحيث تدعو الحاجة.

وفي عددها الصادر صباح الإثنين 29 سبتمبر 1941، كتبت جريدة الحديث البيروتية: (الأميرة آمال الأطرش استعانت بالله وقررت تخصيص يوم الإثنين من كل أسبوع لتوزيع الطحين على الفقراء مجانا وفي منزلها الكائن في عمارة مجدلاني في حارة سرسق)، إلا أن وضعها لم يستقر، فساءت الحال مع زوجها الأمير حسن في الجبل بسوريا من جديد، كما أن الإنجليز تخلوا عنها وقطعوا عنها المال لتأكدهم من إنها بدأت تعمل لمصلحة فرنسا الديجولية، ويقال إنها بدأت ترفض طلباتهم حيث وجدت نفسها ستدخل سلسلة لاتنتهى كل فترة سيطلبون منها مهمة جديدة، وقد اعترف الجنرال إدوارد سبيرز ممثل بريطانيا في لبنان آنذاك بأنه يتعامل معها لقاء أموال وفيرة دفعت نظرًا لخدماتها وقال عنها إنها كانت كثيرة الكلام ومدمنة على الشراب وأنه قطع كل علاقة معها.

ثم جاءت "أسمهان" إلى مصر لتستمر في عملها وتعمل بالغناء في الكازينوهات مع شقيقها "فريد الأطرش"،وفي هذا الوقت طلب الإنجليز منها التجسس على الألمان فسافرت إلى تركيا أكثر من مرة وأقامت علاقات وطيدة مع بعض رجال الجيش والساسة الألمان واستطاعت خديعتهم، وحصلت على معلومات هامة ساعدت فيما بعد على هزيمة الألمان عام 1942 في معركة العلمين.

ويقال إن روميل "ثعلب الصحراء" أرسل إلى هتلر كاشفا عن أسباب تأخر جيشه في مواجهة الإنجليز وأن هناك "حية رقطاء" اسمها "أسمهان" تنقل تحركات الألمان عبر رجال أقامت علاقات معهم، وأنه سيقوم باستغلالها استغلالا عكسيا.

ووقعت مكاتبات روميل لهتلر في يد الإنجليز الذين ظلوا فترة يرصدون حركة "أسمهان" ولقاءاتها بشخصيات إيطالية تقوم بتوصيل ما وصلت إليه من معلومات للألمان مقابل أموال كثيرة، ووقتها كانت "أسمهان" بحاجة إلى المال نظرا لإفراطها في الشرب وزيجاتها الكثيرة خاصة بعدما طلقها أحمد سالم مؤسس استديو مصر نظرا لعلاقاتها الكثيرة بالأجانب والتي لا يعرف عنها شيئا.

"وتلقى "كلايتون" أوامر من مدير المخابرات البريطانية "مستر سي" بالتخلص من "أسمهان" لكن بشكل نظيف بحيث يبدو الأمر إما أنه انتحار أو قضاء وقدر، ووقتها كان تعاون الإنجليز مع الإخوان وثيقا جدا، وكشفت الوثائق المتتالية عن لقاءات متعددة بين حسن البنا والسفير البريطاني وجنرال كلايتون وبعض المستشرقين الإنجليز.

في لقائه مع قيادات وأعضاء الجماعة الذين زاروه في منزله اعترف "عبدالحليم" بقتل الإخوان لأسمهان وقال: كان هناك اتفاق بين الجنرال كلايتون والإمام حسن البنا على اغتيال أسمهان من فترة كبيرة قبل تنفيذ العملية إلا أن تنفيذ العملية تأخر 5 سنوات..

وأردف عبدالحليم: تم التنفيذ عبر قيام عبدالرحمن السندي بتشغيل سائق في شركة مصر للسينما واسمه "...."، وكانت الأدلة الشرعية التي استند إليها الإمام حسن البنا أن "أسمهان" تتجسس ضد مصر في البداية لمصلحة الألمان، وأن هذا التجسس من الممكن أن يضر بمصالح مصر،وهي أصلا كانت تتجسس في البداية لصالح الإنجليز ثم أصبحت تتجسس بعد ذلك لمصلحة الألمان، وأنها كانت تفسد في الأرض "من المفسدين في الأرض".

وفي حديثه أكد "عبدالحليم" أن الرغبة الإخوانية تلاقت مع رغبة الإنجليز في التخلص من "أسمهان" لأنها وفقا للطرفين أصبح "لسانها فالت" وكانت تحكي كثيرا عن العمليات التي تقوم بها للمخابرات.

اعتراف "عبدالحليم "تطابق مع ما فجره ثروت الخرباوي في مسلسله الإذاعي بعنوان "التنظيم السري" الذي عرض في رمضان الماضي، وفجر فيه المفاجأة التي كشفت عن قاتل الفنانة أسمهان، فذكر الخرباوي "أن أسمهان أرسلت سائق سيارتها إلى محطة مصر ليحجز لها تذكرة في القطار السريع الذي سيسافر إلى رأس البر، حيث كانت ترغب في الاستجمام والراحة، نظرًا لعملها المكثف طوال الشهور التي سبقت الحادث في فيلم «غرام وانتقام»".

وعاد السائق قائلًا "إن كل التذاكر محجوزة"، فقالت أسمهان: إذن لنذهب بالسيارة، ورد السائق بأن "السيارة غير جاهزة لمثل هذا المشوار"، فزاد غضبها واتصلت بالفنان يوسف وهبي، الذي أمر لها بسيارة وسائق من استديو مصر.

ويذكر الخرباوي "أن السائق، التابع لجماعة الإخوان المسلمين، رحب بتنفيذ المهمة المكلف بها، خاصة أن أسمهان لم تكن بمفردها، واصطحبت معها صديقتها، واستغل السائق "الإخواني" أن المطربة كانت تتعجل الوصول وتطالبه بأن يسرع، وعندما اقتربت السيارة من "ترعة الساحل" التي تقع بين طلخا ودمياط، هدأ من سرعة السيارة فجأة ونظر خلفه ثم فتح الباب، وألقى بنفسه خارج السيارة، بعد أن وجه عجلة القيادة تجاه الترعة، حيث كان البابان الخلفيان مغلقين.

وتقول الروايات إنه قبل وفاة أميرة الدروز "أسمهان" بأربع سنوات، وفي سبتمبر عام 1940، قيل بأنها عندما كانت تمر من المكان، الذي قتلت فيه، تشعر بالرعب وخاصة عندما تستمع إلى آلة النفخ البخارية العاملة في الترعة، الأمر لم يكن غريبًا فقد صرحت أسمهان في أحد لقاءاتها الصحفية أنها "كلما سمعت مثل هذه الدفوف تخيلت أنها دفوف الجنازة".
وهناك من قال إن الفلكي الأسيوطي قد تنبأ لها، وهي في بداية مشوارها الفني، بأنها ستكون ضحية حادث في الماء.

" نقلا عن العدد الورقي.."
الجريدة الرسمية