لماذا لا يطبق قانون «مكافحة الإرهاب» على أمناء الشرطة!
الحمد لله.. انفضت احتجاجات أمناء الشرطة بالشرقية، دون خسائر في الأرواح، لكن لا يمكن النظر إلى ما حدث باعتباره خلافًا عائليًا بين العاملين في السيرك القومي، سيتم احتواؤه في جلسة عرفية، وينتهي باعتذار، و«تقبيل الرأس»، وتعهد بعدم العودة لمثل هذا التهريج مجددًا.
الأمر جد خطير، بل كارثي.. فنحن نتحدث عن الجناح الثاني للأمن في مصر بعد القوات المسلحة، ولو كان حدث إطلاق نار من زميل على آخر؛ لوقعنا في كارثة لا يعلم مداها إلا الله.
نحن مع حق أي موظف في العلاج والترقي الوظيفي، وفقًا للضوابط القانونية، لكن دعونا نتوقف طويلًا بالفحص والدرس- على رأي السادات- أمام مطالبهم بزيادة رواتبهم، لنسجل الملاحظات التالية:-
أولًا: أمناء الشرطة الذين ثار الشعب عليهم في «25 يناير»، بسبب تجاوزاتهم وانحرافهم، صدرت بحقهم 4 قرارات بزيادة رواتبهم، هم وضباط وأفراد الشرطة، والعاملون المدنيون بوزارة الداخلية.
أول القرارات الأربعة كانت عقب احتجاجاتهم في أكتوبر 2011، في عهد الوزير الأسبق محمود وجدي، وتم تطبيق حافز الإثابة الـ200% على الراتب الأساسي، والتدرج الوظيفي، بجانب إضافة نسبة الأمناء المرقين لكادر الضباط فورا، ورفع قيمة الحوافز المالية لأفراد الهيئة بنسبة 100%.
ثاني هذه القرارات كانت عقب تصديق المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وموافقة مجلس الشعب في يونيو 2012، على قانون هيئة الشرطة الجديد، خاصة فيما يتعلق باستمرار صرف العلاوات الدورية، واستحقاق الحصول على بدل طبيعة عمل، والبدلات المتعلقة بأداء الوظيفة أو الحصول على مؤهلات علمية معينة.
ثالث القرارات، زادت الرواتب وفقًا للقرار رقم «25 لسنة 2012»، في عهد الوزير أحمد جمال الدين، عقب تولى الرئيس المعزول محمد مرسي الحكم، بإقرار بدل خطر لأعضاء الشرطة والعاملين المدنيين، بما في ذلك المعينون بعقود مؤقتة، بدل خطر بنسبة 30% من الراتب الأساس، ومنح المدنيين بالوزارة بدل خطر بنسبة 20% من الراتب الأساسي، مضافًا إليه 108 جنيهات سنويًا وقيمة علاوتين من علاواتها الدورية.
وأخيرا، جاء ارتفاع بند المكافآت بالداخلية إلى 2 مليار جنيه في مايو 2013، لتزيد بذلك نسبة المكافآت إلى 300% وفقا لقانون الشرطة الجديد.
ثانيًا: قبل مطالبة الأمناء بزيادة رواتبهم، دعونا نسألهم عن طبيعة العمل الذي يؤدونه، ونحن نرى معظمهم «مأنتخين» في المصالح الحكومية، و«مكبرين دماغهم» في الشوارع، ولا علاقة لهم بالأمن وحفظ النظام.
ولا نبالغ حينما نقول: إن الانطباع العام السائد لدى الشعب عن أمناء الشرطة، أنهم «دولة الرشوة والبلطجة وفرض الإتاوات»!
ثالثًا: نحن نقدر جهود وتضحيات الشرفاء والمخلصين من رجال الأمن «جيش وشرطة»، لكن إذا كان هؤلاء الأمناء يمنون علينا بالتضحيات التي يقدمونها، فداءً للوطن- بحسب قولهم- فهو حق يراد به باطل، فهم ليسوا وحدهم الذين يضحون بأرواحهم في حربهم مع الإرهاب، فكل طوائف الشعب قدمت تضحيات، لكن الفارق أن أسر شهيدهم لم يحصلوا على تعويض، وتكريم، وجنازة عسكرية مثل شهداء الشرطة.
ثم، لماذا يعايروننا بهذه التضحيات؟ أليس من مهام عملهم حفظ الأمن والأمان؟ ألا يتقاضون رواتبهم نظير هذه المخاطر؟ أكان في اعتقادهم أنهم فور تخرجهم فى معهد الأمناء سيلتحقون للعمل بـ«المعهد العالي للباليه»؟
رابعًا: إذا كانت رواتب هؤلاء الأمناء لا تتناسب مع ما يبذلونه من جهد- كما يزعمون- فليقدموا استقالتهم فورًا، وليبحثوا لأنفسهم عن عمل آخر؛ ليستريحوا ويريحونا أيضًا، فهناك المئات والآلاف من حملة المؤهلات المتوسطة، بل من أصحاب الشهادات الجامعية، الذين يعملون على «توك توك»، وفي مهن أخرى، يتمنون وظيفتهم، وبنفس رواتبهم أيام حبيب العادلي!
خامسًا: هل حصل هؤلاء الأمناء على «تصريح بالتظاهر»؟ وهل سيطبق عليهم مواد قانون مكافحة الإرهاب؟ وهل ستتم إحالة المتورطين منهم إلى محاكمات عسكرية، لاقتحامهم مديرية الأمن، وتكديرهم السلم العام؟
سادسًا: «الجيلي» سيظل «يهتز»، طالما كان بنفس المكونات، والدولة «الرخوة» لا يمكن أن تستقر على وضع، طالما اعتمدت نفس السياسات، ولم تنتهج أساليب جديدة، من اللين في غير ضعف، والشدة في غير عنف.. لكن مع استمرار سياسة زيادة المرتبات مع كل احتجاجات، فلن يملأ عين ابن آدم غير التراب!