رسائل سرية بين الظواهري والبغدادي تبشر بحرب بين داعش والقاعدة.. «الأمير» يكلف الأنباري بالرد.. زعيم «طالبان» يعتبر إعلان أي إمارة خطيئة تمس مركزه.. و«البيعة العظمى» تشعل
سربت مواقع جهادية، نص رسالة أرسلها زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، إلى قيادي في "الدولة الإسلامية" يدعى أبو صهيب، ووقّع الظواهري الرسالة باسم "أبو الفتح"، وهو، بحسب التسريب، الاسم الذي يستخدمه الظواهري في مراسلاته مع زعيم "داعش" أبي بكر البغدادي.
الأنباري وأبو صهيب
وكشف التسريب أن القيادي أبو صهيب هو نفسه أبو على الأنباري، وقد أكد هذه المعلومة القيادي في "جبهة النصرة" أبو ماريا القحطاني، في تغريدات له، تعليقًا على الرسالة المسربة، وقال إن أبا على الأنباري كان لديه ولد اسمه صهيب وقُتل في الموصل في العام 2009.
رسائل الظواهري
وجاءت الرسالة في سياق الرسائل المتبادلة بين الطرفين حول موضوع الخلاف بين "جبهة النصرة" و"داعش"، ويبدو أن البغدادي امتنع عن الرد بنفسه على رسائل الظواهري، وكلّف الأنباري بذلك، وهو ما استلزم عتبًا من الظواهري لهذه الناحية.
وتضمنت الرسالة المسربة الكثير من تفاصيل الخلاف، حاول الظواهري من خلالها أن يرد على ملاحظات كان الأنباري أوردها في رسالة سابقة.
الإمارة الإسلامية
غير أن الأمر الخطير الذي تكشفه هذه الرسالة، هو أن أحد الأسباب التي دفعت الظواهري إلى رفض إعلان داعش للخلافة في أبريل عام 2013، يتعلق بخشيته من الحرج الذي سيسببه له هذا الإعلان أمام "الإمارة الإسلامية"، أي حركة "طالبان" بزعامة الملا عمر قبل رحيله.
وذكر الظواهري كلامًا واضحًا يشير بجلاء إلى أنه لا يجوز أن يكون هناك "أمير للمؤمنين" (البغدادي) إلى جانب "أمير المؤمنين" (الملا عمر).
وكشفت الرسالة أن الظواهري تقدم للملا عمر باعتذار بعد إعلان "دولة العراق الإسلامية" وحاول تبرير الإعلان أمامه، ويتساءل باستنكار: "ثم يخرج أمير على العراق والشام"؟.
وضعونا في حرج
وجاء كلام الظواهري كما ورد في الرسالة المسربة: "ألم تقدروا أنكم تضعوننا في حَرَجٍ أمام الإمارة الإسلامية؟ فنحن في بيعة أمير المؤمنين الملا محمد عمر حفظه الله، ثم يخرج في العراق أمير مؤمنين، وأرسلت في رسالة سابقة أعتذر له عن ذلك وأحاول تبريره، ثم يخرج أمير مرة أخرى على العراق والشام؟ وأنتم كل همكم أن تسابقوا الجولاني، ولا تقدرون الحرج الذي تضعوننا فيه؟".
تفسير واحد
والسؤال: لماذا يشعر الظواهري بالحرج؟ ولماذا يقدم اعتذاره ويحاول التبرير؟
ليس هناك سوى تفسير واحد وهو أن زعيم "طالبان" كان يعتبر إعلان أي "إمارة" بمثابة الخطيئة التي تمس بمركزه ومقامه كـ "أمير للمؤمنين" كما يسمي نفسه.
وهذا يعني ببساطة أن الظواهري ليس على استعداد للاعتراف بأي "إمارة" إلا بموافقة الزعيم الذي له في عنقه "بيعة إمامة عظمى"، وهذا ما يدل عليه قوله في الرسالة المسربة "ثم تصوروا المهزلة التي ستنشأ لو اقتدى بكم إخوة المغرب وجزيرة العرب والصومال والشيشان وباكستان وسيناء وفلسطين، ونشأ في كل ناحية أمير للمؤمنين".
بعبارة أخرى، فإن الظواهري يعتبر أن هناك "أميرًا للمؤمنين" واحدًا هو الملا عمر (وحاليًا الملا أختر)، ولا يحق لأحد أن يتسمى باللقب نفسه، فضلًا عن منازعته عليه.
البيعة العظمي
وهذا الكلام المسرب، يخالف ما دأب أنصار "القاعدة" على ترديده في شرح طبيعة العلاقة بين "القاعدة" وبين حركة "طالبان"، إذ كان هؤلاء يميزون بين "المجاهدين" المقيمين في نطاق سيطرة "طالبان" ويعتبرون بيعتهم لزعيمها من نوع "البيعة العظمى"، والمقيمين خارج نطاق سيطرتها، فإن علاقتهم به تكون عبر أيمن الظواهري الذي هو "أميرهم" المباشر وله عليهم حق الطاعة والولاء.
لكن ما قاله الظواهري في رسالته مختلف كليًا، لأنه يعتبر أن الملا عمر (بحكم مركزه الذي خلفه فيه الملا أختر) هو "أمير" على كل "المجاهدين"، وهو وحده من يستحق "البيعة العظمى"، أي إنه هو "الخليفة"، ولكن لم يحن الوقت بعد لإعلان ذلك على الملأ.