رئيس التحرير
عصام كامل

عضو «تأسيسية دستور ٢٠١٢»: مجموعة «هواة» وضعوا الدستور الحالي ولابد من تعديله

فيتو

  • أحد أولويات البرلمان المقبل تعديل الدستورأو وضع دستور جديد 
  • الدستور الحالى تم وضعه في ظرف استثنائى والدائم لم يوضع بعد 
  • واضعو الدستور تصدوا لفنيات قانونية دون الرجوع لأهل الخبرة 
  • أتوقع الطعن على قوانين الانتخابات والحكم بعدم دستوريتها
  • جميع الأحزاب السياسية مطالبة بتطبيق مبادئ الشريعة الإسلامية 
  • أتوقع الحكم بعدم دستورية قانون الإرهاب
  • قانون الإرهاب ينص على حبس مقنًع للصحفيين 
  • الإخوان شوهوا دستور ٢٠١٢ ولا مميزات في دستور ٢٠١٤ سوى نصوص ١٩٧١ 
قال الفقيه الدستورى، المستشار نور الدين على، عضو هيئة قضايا الدولة وعضو الجمعية التأسيسية التي أعدت دستور ٢٠١٢، أن إجراء انتخابات البرلمان عقب ثورة يناير، والتي أدت إلى صعود الإسلاميين، كان قرارا خطأ، لافتا إلى أن الحل الأمثل لمصر عقب ثورة ٢٥ يناير، كان انتخاب جمعية تأسيسية بشكل مباشر، تتولى وضع دستور للبلاد، وتحل محل السلطة التشريعية.

وأضاف علي في حواره لـ« فيتو»، أن واضعى دستور ٢٠١٤ هم مجموعة من الهواه، وإن الدستور الدائم لمصر لم يوضع بعد.
وتابع، أن الإخوان شوهوا دستور ٢٠١٢ بسبب مواد العزل السياسي والمحكمة الدستورية، وأوضح أن قوانين الانتخابات ستؤدى إلى صدام بين الرئيس والبرلمان.


منذ ثورة ٢٥ يناير ومصر تعيش أزمات دستورية وقانونية، كيف ترى ذلك وما أسبابه؟
من الطبيعى جدا في مرحلة ما بعد الثورات أن يكون فيها تخبط، وخاصة دولة تمر بمرحلة تحول ديمقراطى مثل مصر، بالإضافة إلى إنها كانت تتميز بالثبات الدستورى وصدور تشريعات تخدم السياسيين بقدر أكبر من خدمة الشعب، وهو ما جعل البلاد تمر بظروف دستورية جديدة لأول مرة، عقب الثورة مثل مشاركة الشعب في الاستفتاءات والانتخابات بشكل حقيقى، كما أن أزمة مصر الدستورية بعد الثورة، تسبب بشكل كبير فيها، عدم وجود الخبرات السياسية اللازمة لمواجهتها.

*هل ترى أن المسئولية تقع على السياسيين أكثر من القانونيين؟
نعم، فرجال السياسة هم الذين يشعرون بالمشكلات التي يعانى منها الشعب ولديهم فلسفة لحلها، بشكل أكبر من القانونيين الذين يقع على عاتقهم الصياغة القانونية لرؤى وأفكار السياسيين، وبسبب ذلك واجهنا أزمة في ظل عدم وجود رئيس للدولة أو برلمان.

*وهل كان من الأفضل للبلاد تعديل الدستور أولا أم إجراء انتخابات البرلمان؟
بالفعل إجراء انتخابات البرلمان أولا كان غير موفق، حيث أدى لصعود الإسلاميين بشكل كبير، وأرى أن الحل الأمثل لمصر عقب الثورة، كان هو انتخاب جمعية تأسيسية بشكل مباشر من الشعب، مدتها أربع سنوات، تقوم بعدة وظائف منها: وضع دستور للبلاد، كما تحل محل السلطة التشريعية "البرلمان"، إلى جانب القيام بتشكيل حكومة، وهو نظام حكومة الجمعية، وبالتالى حال تنفيذ ذلك كان سيكون هناك دستور ثم انتخاب رئيس ثم برلمان أو برلمان ثم رئيس، وهو ما كان الحل الأمثل الذي يجنب البلاد أزمات كثيرة، منها السرعة في الاختيار الذي ترتب عليه صعود الإسلاميين للسلطة في البرلمان والرئاسة، وسقوط مفاجئ على غير المتوقع، وهو ما أخّر مصر أكثر من ٢٥ سنة للوراء.

*تم تعديل الدستور خلال ثلاث سنوات مرتين، هل ذلك طبيعى، وما أسبابه؟
أولا: لا يوجد دستور دائم، فالدستور يعبر عن الحياه السياسية والاقتصادية في مرحلة زمنية ما، بالتالى بعد ٢٥ يناير كان لابد من دستور جديد، وبعد ٣٠ يونيو. كان لابد أيضا للثورة أن تؤسس لها بدستور جديد، حيث من الممكن أن يكون الدستور السابق جيد ولكن لكى تؤسس أي ثورة لها يكون ذلك من خلال دستور جديد، فالثورة دائمًا هي شرعية موقتة وتسعى لشرعية دستورية دائمة، هذا ليس دستور مصر الدائم وأعتقد هناك تعديلات في الدستور ستجرى، ولابد من تنقيحه أو وضع دستور جديد أفضل.

*هناك من يرى أن حل الأزمة بالبلاد العودة لدستور ٧١، كيف ترى ذلك؟
أولا، الدساتير هي عمل بشرى تحتمل الصواب والخطأ، والأزمة لا تكون في النصوص وإنما في البيئة التي سيطبق فيها النص، وبالتالى ليس معنى أن دستور ١٩٧١ كان جيدا، أنه يصلح للوقت الحالى، فالظروف السابقة ليست هي التي تمر بها البلاد حاليا، أرى أن ٧١ كان جيدا في أمور، والأخير جيد في أمور أخرى.

*هل نستطيع أن نقارن بين نصوص الدساتير الثلاثة، ونقول أن أحدهم هو الأفضل للبلاد؟
دستور ١٩٧١ بالفعل يعد الأفضل خاصة في نظام الحكم ماعدا المادة المتعلقة بكيفية اختيار الرئيس، حيث كان نظام الحكم به مختلطا، وصلاحيات الرئيس كانت جيدة تجعله يستطيع تحقيق آمال الشعب في التنمية، كما كان به توازن بين السلطات، أما دستور ٢٠١٢ فكان جيدًا في بعض الأمور خاصة ما يتعلق بالسلطة القضائية والتشريع بنظام المجلسين وفكرة الهيئات المستقلة، بينما دستور ٢٠١٤ هو خارج المقارنة، لأنى لا أرى فيه أي مميزات سوى بخلاف مواد دستور ١٩٧١ الباقية فيه.

*بصفتك شاركت في إعداد دستور ٢٠١٢، ما أبرز المواد التي كان يسعى الإخوان لوضعها رغم رفض باقى القوى؟
أؤكد في البداية أن ذلك الدستور ٢٠١٢ لو لم يكون الإخوان متواجدين خلاله، لكان أعظم دستور، إلا أن للأسف الإخوان شوهوه، بوضع الباب الأخير الذي تم النص فيه على العزل السياسي وتقليص عدد قضاة المحكمة الدستورية العليا بشكل غير لائق، وهو الأمر الذي يمثل اعتداء على السلطات القضائية، وأيضا من المواد التي سعت لها الجماعة هي المتعلقة باستكمال الرئيس مدته، وكذلك المادة ٢٢٧ التي حددت مدة ولاية كل منصب بفترة غير قابلة للتجديد تبدأ من تاريخ شغل المنصب، وهى كانت تستهدف النائب العام في حينها. وأيضا المادة ٢٣٠ من المواد سيئة السمعة، وهى التي منحت مجلس الشورى سلطة التشريع، رغم أنه كان هناك اتفاق على تولى الجمعية التأسيسية السلطة التشريعية لحين انتخاب البرلمان.

*وما رأيك في قوانين الانتخابات وهل تتوقع الطعن عليها ؟
المشكلة الكبرى في تلك القوانين، هي النظام الانتخابى الذي سيفرز برلمانا غير متجانس، وبالتالى يفشل في تشكيل الحكومة، وبالتالى يتسبب ذلك في حله، أو يتسرع في تشكيل الحكومة، وبالتالى تأتي حكومة غير متجانسة تؤدى إلى صدام مع مؤسسة الرئاسة والبرلمان ذاته، مما يضطر الرئيس إلى استخدام صلاحياته في حل البرلمان بعد استفتاء الشعب.
 
كما أن مادة كوتة المرأة ومواد تشكيل القوائم وترشح الشخصيات العامة على القوائم، تعدُّ من المواد المهددة بعدم دستورية تلك القوانين، لذلك أتوقع الطعن بالفعل، كما أنه من الممكن أن يصدر حكما بعدم الدستورية، إلا أننى أعتقد أن المحكمة ستستخدم حقها في غض الطرف عن بعض الأخطاء والعيوب القانونية، وهو أمر حدث من قبل، من أجل المصلحة العامة للبلاد.

* ما رأيكم في صلاحيات كل من الرئيس والبرلمان والحكومة بالدستور الجديد، وهل تتوقع أن تؤدى لتناسق في العمل بينهم أم العكس وهو الصراع؟
لايوجد توازن بين سلطات كلٍ من الرئيس والبرلمان، مما ينبئ بعدم الانسجام بل بوقوع صراع بينهما، إلا إذا كان هناك مجموعة كبيرة من النواب تعى ما تمر به البلاد من تحديات وصراع مع الإرهاب.
وأرى أن ذلك يتطلب أن يكون البرلمان المقبل على قدر عالٍ من الكفاءة لإمداد الحكومة بحلول للمشكلات، وبرلمان متعقل يستخدم صلاحياته في مواجهة الحكومة والرئيس ويدرك أنه يجب وجود تعاون متبادل بينه وبين مؤسسة الرئاسة والسلطة التنفيذية والوقوف في ظهر الرئيس لمواجهة كافة التحديات.

*وهل ترى حلا أمام البرلمان لمواجهة أزمة المادة ١٥٦ التي تلزم بعرض التشريعات الصادرة خلال ١٥ يوما فقط؟
بالفعل هناك حل يمكن البرلمان من مواجهة تلك الأزمة، وهو استخدام الآليات المنصوص عليها في اللائحة باعتبار هذه القوانين تناقش على وجه السرعة سواء في اللجان أو الجلسة العامة، ليجرب عليها التصويت جملة، ثم يقوم البرلمان باستخدام صلاحياته في تعديلها، بشكل هادىء وبعد دراسة مستفيضة، وهو حل لا يحدث خللا وفراغا تشريعيا أن لم يستطع مناقشتها في الفترة المحددة.

*هل تتوقع تعديل البرلمان للدستور؟
أعتقد أن من أولويات البرلمان المقبل تعديل الدستور، أن لم يكن وضع دستور جديد، فأرى أن لا محالة من ذلك، فهناك خلل كبير وتناقض في ذلك الدستور، وبالتالى ليس هو دستور مصر الدائم؛ لأنه تم وضعه لظرف استثنائى معين، ورغم أن من وضع نصوصه هم قامات وطنية نعتز بهم ولكن تنقصهم الخبرة القانونية والممارسات السياسية الحكيمة، فهم أشبه بمجموعة من الهواه، نجحوا في العبور بمصر بشرعية دستورية، وأخطأوا عندما تصدوا للفنيات قانونية دون الرجوع لأهل الخبرة بلجنة العشرة.

*كيف ترى مطالبات البعض بحل الأحزاب الدينية، هل ذلك يتماشى مع الدستور؟
أولا: هناك العديد من الدول الديمقراطية التي أبقت على الأحزاب الدينية، مثل: ألمانيا، إنجلترا، وإسبانيا وغيرها، وهنا كيفية الممارسة هي الفارق، وذلك من خلال الاعتراف بسلطة الدولة المدنية وليست الدينية، واحترام الدستور.
ثانيا: ما مفهوم الأحزاب القائمة على أساس دينى، وهى التي تنادى تطبيق الشريعة، وهو الأمر الذي نص عليه الدستور في المادة الثانية، بمعنى أن حال عدم مطالبة الأحزاب بذلك يكونوا بذلك مخالفين لنص المادة الثانية التي تؤكد على أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيس للتشريع، ومعنى ذلك أن جميع الأحزاب مطالبة بتطبيق المادة ٢ الأحزاب واحترامها، أو يتم إلغاء المادة الثانية من الدستور أفضل، حتى لا يكون هناك تناقض.
ورغم ذلك فإنى أنصح السلفيين بأن يتفرغوا للدعوة وعدم الدخول في الأمور السياسية، رغم أن ذلك من حقهم، إلا أن وجودهم سياسيا قد يسبب مشكلات.

*وكيف ترى أزمة الفصل الدين في السياسة؟
أزمة إدخال الدين والسياسة، لم تظهر إلا في أوربا عندما أساء رجال الدين استخدام السياسة، وبالتالى جاءت فكرة الفصل، وهى بعيدة عنا في مصر؛ لأن رجال الدين ليس هم الحاكمون، كما أن فصل الدين عن الدولة، لا يمكن القيام به وإلا يتم إلغاء كافة قوانين الأحوال الشخصية؛ لأنها مستمدة من الدين، وكل القوانين المتعلقة بالميراث والهبة، وغيرها من القوانين المستمدة من الدين، كما أن مصر دولة تطبق الشريعة بنسة ٩٥٪ ؛لأن كل القوانين متعلقة الشريعة، عدا بعض المعاملات البنكية والحدود في القوانين الجزائية العقوبات.

*هل تتوقع الطعن على قانون الإرهاب الصادر مؤخرا؟
بالفعل أتوقع الطعن عليه والحكم بعدم دستوريته.

*لماذا؟
رغم إننا في حاجة ماسة لمكافحة الإرهاب، كما أن الدستور سواء في المادة الثانية التي أعطت سندا شرعيا لمواجهته، وكذلك المادة ٢٣٧ التي ألزمت بمكافحته، إلا أنى أرى أن كثيرا من المواد به فضفاضة وتخضع للتأويل وهى محل نقد. 

فأغلب مواد القانون تُخالف مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات المنصوص عليه في المادة ٩٥ من الدستور، والتي تنص على أن العقوبة شخصية ولا عقوبة ولا جريمة إلا بناء على قانون، هذه المادة من المبادئ الدستورية الراسخة في الضمير الإنساني وفى كل الدساتير والمواثيق الدولية، حيث إن هناك اعتبارات سياسية يقوم عليها هذا المبدأ أسسها، ضرورة حماية حقوق وحريات الأفراد، وتوفير الطمأنينة لهم، نظرا لأن بغير ذلك المبدأ سوف يعصف بتلك الحقوق والحريات، حيث سيجد الفرد نفسه تحت قبضة الدولة تفاجئه بتجريم لم تعلن عنه. 

والمبدأ يجب أن يقيد المشرع ويضع على عاتقه التزاما، بصياغة نصوص التجريم والعقاب على نحو واضح لا يثير غموضا ولا يفتح الباب أمام الجدل، ولا ينصب شراكا لمباغتة الأفراد والإيقاع بهم، والصياغة الغامضة سواء كانت متعمدة أو وليدة التسرع أو نقص في الخبرة تفوت الغرض المقصود من المبدأ، وتفقده دوره في حماية الحريات الفردية، وتفتح الباب أمام التحكم في تطبيق النصوص كما يليق لسلطة تحت ستار التفسير.

*وما هي خطورة ذلك القانون على المواطن؟
هناك مخاطر قد يتعرض لها المواطن بسبب عدم علمه بإبعاد ذلك القانون، خاصة وأن المفاهيم به تتجه إلى اتساع نطاق التجريم، على خلاف الأصل، في الأشياء الإباحة والأصل في الإنسان البراءة، فهى نصوص فضفاضة، وبالتالى يمكن أن يمثل حساب المواطن على فيس بوك خطرا حال تعرضه لعبارات قد تكون تحريضية أو تحث على عنف.
ولذلك أنصح أي شخص لديه حساب فيس بوك، بأن يقتصر حديثه على المجاملات الاجتماعية والمعلومات العلمية الموثقة، والابتعاد عن كل شيء قد يثير شبهة أنه جريمة،" يعنى يسلم على أبوه وأمه ويطمئن على أخواته وأصحابه فقط". 

*هل ترى أن مكاسب ذلك القانون أكثر من خسائره ومخاطره؟
بالعكس أرى أن مخاطره أكبر من مكاسبه، ولذلك أنصح بإعادة صياغته مرة أخرى، قبل البدء في تنفيذه؛ لأنه بهذا الشكل قد يهدر مجهود ضباط الشرطة، وقد يودى بحياتهم مقابل لا شئ، وكذلك يهدر وقت المحكمة، حال الطعن عليه والحكم بعدم دستوريته، مما قد يتسبب في الإفراج عن المتهمين الذين تم القبض عليهم وفقا لهذا القانون، وقام رجال الشرطة بتعريض أنفسهم للخطر في ضبط هؤلاء المتهمين، وبالتالى سيكون من غير المقبول أن يتم الإفراج عن المتهمين، بسبب عيب في التشريع. 

*وما رأيك في المادة ٣٥ المتعلقة بالنشر؟
المادة غير منضبطة في الصياغة، كما أنه رغم محاولة المشرع أن يتماشى مع النص الدستورى، بإلغاء الحبس، إلا أن الغرامة مبالغ فيها بشكل عالٍ جدا، وتخالف مبدأ فكرة السياسة الجنائية الرشيدة في الجزاءات، حيث إنها ستؤدى إلى حبس الصحفي حال عدم قدرته على السداد. وبالتالى أرى إنها حبس مُقنّع للصحفيين، حيث سيعجز الصحفيون عن قيمة الغرامة مما يؤدى إلى الاستعاضة عنها بالحبس. 
كما أن النص به خلل في الصياغة، نظرا لأنه اقتصر فقط على البيانات الصادرة عن وزارة الدفاع، ومعنى ذلك أن الداخلية أو أي جهة أخرى يمكن نشر بيانات عنها متعلقة بالإرهاب، وهو ما يعد تناقضًا وخللا في القانون.
كما أن الزام المؤسسة الصحفية بالتضامن مع الصحفي في دفع الغرامة، لايجوز لأن العقوبة شخصية فردية، ولا يجوز أداء العقوبة إلا من الشخص المحكوم عليه حيث أن هناك فرقا بين التعويض والعقوبة الجنائية المتمثّلة في الغرامة، وهو الأمر الذي يمثل خللا في النص أيضا.
الجريدة الرسمية