رئيس التحرير
عصام كامل

يا ريس.. من هنا البداية


رغم أن الجميع يعرف الداء الذي يصيب مصرنا الغالية، ولكن لا أحد يريد أن يضع الحل المناسب.. ودعوني أتساءل ماذا يفيد مليون مشروع قومي على غرار قناة السويس الجديدة والعاصمة الجديدة، في ظل نظام بال متوارث منذ قديم الأزل.. نظام لا يعترف إلا بالواسطة والمحسوبية والرشاوى؟!


أريدك أن تقول لي ماذا تغير؟.. هل تذهب إلى مكان لإنهاء مصلحة خاصة بك دون أن تبحث عن واسطة أو مسهلاتي يحصل على بعض النقود لإنهاء المصلحة؟

لا يوجد شيء اسمه ثقافة الطابور، وتجد دائما من يتجاوز دوره، لمجرد أنه ابن فلان أو من طرف الباشا فلان.. لا تستطيع أن تحدد هيئة بعينها أو مصلحة معينة، إنما هو نظام عام في كل المصالح.. تجد من يسير بسيارته عكس الاتجاه، وتجد من لا يحترم إشارة المرور، وهو يعلم أنه لن توقع عليه عقوبة، رغم أن الأمر سهل وبسيط، وكل العالم المتقدم الآن يسير على النظام. 

أما من يروجون لمقولة إن المصري لا يحب النظام ويكره أي شيء منظم، فأقول له إن مشروع مترو الأنفاق هو خير دليل على أن القوة في تنفيذ القانون هي الضمان لعمل أي نظام. 

هل يستطيع مواطن أن يلقي ورقة على الأرض؟.. هل يستطيع أن يدخن داخل المترو؟.. هل يستطيع أن يبصق على الأرض؟.. هل يستطيع أن يركب السيارة المخصصة للسيدات؟

تستطيع أن تجيب بكل سهولة بكلمة واحدة (لا)، بما يؤكد أن المصري يحتاج إلى القوة في تنفيذ القانون، أما لو تركته على راحته فإنه لن يلتزم. 

الشيء الآخر الذي لفت نظري، أن شيئا لم يتغير من معايير اختيار الوظائف القيادية، وما زالت كما هي.. ابن الضابط ضابط وابن القاضي قاض وابن الأستاذ أستاذ.. أعتقد أن مثل هذه التركيبة لن تفلح في إقامة دولة على أسس عادلة، طالما أحست فئة أنها مظلومة ومكبوتة، ولا تحصل على حقوقها، وما زلنا نعتمد على الدعاية أكثر من العمل الجاد.

رئيس الوزراء ثار أو أُجبر على إقالة وزير العدل، عندما أهان الزبال والعامل البسيط.. لكن يا فرحتي أقالوا الوزير وظل ابن الزبال والعامل البسيط كما هو دون تغيير، ولا أمل في إصلاح أحواله، وعليه أن يظل يفرح ببذلة الضابط التي تباع في المحال؛ لأنه يستطيع أن يشتري البذلة، ولكنه لا يقدر أن يترجم حلمه وحلم ابنه في الحقيقة وعلى أرض الواقع.. لذا فعندما نرى ذلك الحلم حقيقة لا بد أن تتفاءل.. هذه رؤيتي ولله الأمر من قبل ومن بعد.
الجريدة الرسمية