«عصابة» مجلس الشعب!
مسكين الشعب المصري.. بات ينفخ في الزبادي من كثرة معاناته وتجاربه السابقة.. لا يفكر في المستقبل مطلقا..غير قادر أصلا على ذلك وهو، أو للدقة أغلبيته الكبيرة، يفكر بالكاد في الحاضر بمرارة المرارة!
من سابق تجاربه القاسية مع نواب الحزب الوطني على مدى أربعين عاما تقريبا شهدت مصر فيها قضايا شهيرة من نواب القروض إلى نواب سميحة ومن نواب المخدرات إلى نواب التجنيد ومن قضايا استغلال نفوذ لا حصر لها واستقواء بالحصانة البرلمانية في أمور مشبوهة وضعت نواب الشعب المصري في السنوات السابقة فوق الشعب وليس ممثلين له أو نوابا عنه!
والنتيجة الآن: يعيش الشعب المصري على ما كان وما جرى.. لا يريد القطاع الأكبر منه أن يفكر في بناء المستقبل رغم كل ما جرى من تضحيات في السنوات الماضية حتى أصبح الآن هو الشعب الوحيد في التاريخ الذي يريد أن يرفع الحماية عن نفسه.. لأنه يريد أن يرفعها عمن سينوبون عنه..عنه هو.. وعمن سيمثلونه.. سيمثلونه هو.. وعمن سينوبون عنه. .عنه هو.. في مواجهة السلطات الأخرى !!
المصريون لا يختارون الوزراء.. ولا يختارون المحافظين.. ولا يختارون المديرين الكبار في الوزارات والمصالح.. والمصريون كذلك لا يختارون القضاة ولا وكلاء النيابة ولا قيادات الشرطة ورجالها.. المصريون ليس من حقهم فقط الا اختيار نوابهم في المجالس النيابية.. البرلماني منها والمحلي كي يحصلوا على حقوقهم ويمثلوهم أمام السلطات الأخرى ويدفعون بالتشريعات التي يطلبونها وبراقبون الحكومة في أدائها ويناقشون ميزانية وطنهم ومن أجل أن يؤدي نائبهم، نائبهم هم، دوره وواجبه في أمان دون تهديد من السلطات الاخري يمنح حصانه لممارسة دوره كاملا داخل وخارج المجلس بل وخصوصا خارجه حيث انياب السلطات الأخرى جاهزة للتهديد والترويع وعندها وفي دواوينها يقضي النائب مطالب ناخبيه.. لم تشرع الحصانة للانحراف ولا للتميز ولا للفساد.. وما جرى في الماضي استثناء لا يجوز بناء المستقبل أو قياسه عليه !
المصريون ينفخون في الزبادي..ويعاملون مجلس الشعب القادم الذي لم نعرف حتى مرشحيه حتى الآن وكأنهم " عصابة " سترتكب جرائم الماضي رغم أن مسئولية اختياره تقع على عاتقهم هم..وحدهم هم!
ورغم أن ترشيد الحصانة ممكن جدا بتشريعات بسيطة تمنع الانحراف بها.. إلا أن المصريين يريدون تجريد أنفسهم، بتجريد ممثليهم، من أي حماية ولا حول ولا قوة إلا بالله !
وحتى تتضح الصورة لمن يريدون تبسيط التبسيط فمثلا.. كيف ستضمنون أن يذهب نائبكم إلى أي مديرية أمن وأنتم مطمئنون إلى عودته إليكم ؟!!
ما يجري، يا سادة، من مناقشات وحوار مجتمعي حول الحصانة وفضلا عن بروز فكرة السلوك الجماعي للناس بغير وعي وافتقاد القدرة على التفكير والانسياق وراء الإعلام إلا أنه أيضا إدانة في ذاته.. وإدانة كاملة لأربعين عاما من الفساد واستغلال النفوذ والسلطة.. حتى لو لم يقصد أصحابها ذلك !