رئيس التحرير
عصام كامل

رفح.. معبر رسمي للإرهاب!



لا يمكن بأي حال نفي العقل وتجاوز المنطق، وقبول فكرة أن معبر رفح لعبور الحالات الإنسانية الفلسطينية ليس له علاقة بكل مصيبة وعملية إرهابية، تقع داخل الأراضي المصرية، تسقط فيها أرواح بشرية! فجر اليوم روعت القاهرة والجيزة، في كل الأحياء.


كنا نتابع القنوات في استرخاء، حين ارتجت الجدران، وانخلعت أبواب شقق، وتطايرت الأسرة، وتناثرت أثاثات البيوت، وطار أطفال كانوا نائمين في أحضان الطمأنينة، طاروا من أسرتهم ليسقطوا على الأرض. الغريب المقرف أن سكان فيس بوك كانوا أسرع بثا للحدث من كل القنوات العامة والخاصة، الإخبارية الدولية، والمصرية، ومضي الأصدقاء يتساءلون، عن سر تعدد الانفجارات، فلقد سمعتها الفنانة رانيا فريد شوقي في أكتوبر، وسمعها آخرون في التجمع، والدقي، والوراق، والمعادي، والمقطم، وشبرا بطبيعة الحال.

بمجرد ظهور كلمات انفجار هائل يهز القاهرة والجيزة، رحت أفتش عن معلومة، لكن لا حس ولا خبر، فقد انخرطت القناة الأولى في تخريط الملوخية، وانهمكت الثانية في مسلسل لفاروق الفيشاوي، ووعدت النيل للأخبار المواطنين بتفاصيل أكثر عن الأوكازيون الصيفي غدا !

أيضا لا دريم ولا المحور ولا أون تي في ولا سي بي سي وغيرها، كان صحوا من النوم، كلهم كانوا في متعة الشخير غارقين، فيما عبر عنه أنس الفقي وزير الإعلام الأسبق بفرق توقيت قرابة تسعين دقيقة!

كان فارق التوقيت ما بين ربع الساعة وثلث الساعة، وعلي استحياء، ودون كاميرات، وحتى حين ظهرت الكاميرات، كانت الصور ظلاما، وصوت المراسل غائبا.

تعالت أصوات بأن معبر رفح برىء من مرور المتفجرات، لأن هناك كاميرات وتفتيش تحت الجلد لكل عابر، ومن ثم فلا ينبغي غلقه أمام الحالات الإنسانية الفلسطينية. بالطبع، لا يمكن مرور متفجرات، لكن يمكن مرور منفذي التفجيرات، وهناك ارتباط شرطي متكرر بين الإعلان عن فتح المعبر للفلسطينيين، وفتح المقابر والمستشفيات للضحايا المصريين. وهذا الارتباط لم يأت من فراغ، وكل مواطن مصري بات يصرخ، كلما أعلنت الحكومة عن فتح المعبر أربعة أيام، بل صار المواطن، يتنبأ بأن عمليات إرهابية ستقع.

لم يخذله المعبر قط الحقيقة !

من الواضح، حتى كتابة هذه السطور أن العملية القذرة، استهدفت مبني أمن الدولة في شبرا الخيمة، والحمد لله أن الانفجار وقع خارج حرم المبني، ومع ذلك فإن السيارة المحملة بكمية الموت لم تفلح إلا في تحطيم الأثاث والزجاج والمكاتب في كافة طوابق المبني، ولم يسقط ضحايا، عدا ستة مصابين من الشرطة، وسبعة وعشرين مواطنا، والإصابات طفيفة. بالطبع توجد كاميرات بالمبنى، ولسوف يمكن التعرف على هوية الوغد الإرهابي الذي توقف فجأة بحمولة الموت أمام إشارة المرور الموجودة أمام المبني، ونزل من السيارة، وتركها، ليستقل موتوسيكلا، كان يصاحبه خلف السيارة، وبعد ثوان قام بتفجير الشحنة من بعيد !

غير معروف حتى الآن الكمية المستخدمة. وواضح أنها من النوع المحدث لإحساس بتعدد الانفجارات وهو ما وصفه سكان المباني المجاورة بزلازل اتصل لخمس وثلاثين ثانية. فمن وفر له هذا النوع، بالداخل ؟!

الانفجار هو أول تحد لقانون مكافحة الإرهاب بعد تصديق الرئيس عليه بـ٧٢ ساعة تقريبا، وسوف يخضع الجناة بعد القبض عليهم لمواده الباترة الحاسمة. يبقي أن تبادر الداخلية إلى نقل إشارة المرور من أمام المبني، حتى لا يكون التوقف عندها ذريعة لعمليات أخرى.

لكن السؤال الضروري الملح هو:
كيف مر الإرهابي بحمولته عبر كمائن الكورنيش والشوارع، وهو آمن، مطمئن، حتى بلغ هدفه، ودمره، وانصرف، آمنا ؟!
أكمائن ديكور هي ؟!!
الجريدة الرسمية